اعتراف أربع من أصل خمس دول، دائمة العضوية في مجلس الأمن بفلسطين، واعتراف 147 من إجمالي 193 دولة عضوًا في الأممالمتحدة، حوّل موقف الدول المؤثرة في أوروبا لمصلحة فلسطين، وبالتأكيد لا تجرؤ إسرائيل على التعرض للدول الأوروبية، والاعترافات المتوالية ستجعل فلسطين في نظر القانون الدولي مساوية لدولة الاحتلال في وزنها السياسي وحقوقها السيادية.. إعلان نيويورك الذي قدمته المملكة بالشراكة مع فرنسا في مؤتمر دولي، في يوليو 2025، وتحديدًا بمقر الأممالمتحدة في نيويورك، هو تحرك جاد لتسوية القضية الفلسطينية بالطرق السلمية، وصادقت عليه 142، وهو يقوم على مبدأ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدسالشرقية، وعلى السلام الكامل مقابل الاعتراف الكامل، ولعل الشراكة الفرنسية - السعودية واعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية من الأمور المهمة. اللافت أن دولة الاحتلال، كانت السبب في قيام بعض الفصائل الفلسطينية، لأنها لم ترغب في وجود ممثل واحد للشعب الفلسطيني، خصوصاً بعد إعلان الرئيس الراحل ياسر عرفات في 1988، عن قيام الدولة الفلسطينية، وفي تلك الأيام، لم يكن يمثل أهل فلسطين إلا منظمة التحرير، والمعنى أن الفصائل الفلسطينية، ومعها جماعات مشابهة، عملت في أواخر الثمانينات الميلادية، بتحفيز من دولة الاحتلال، على إجهاض مشروع الدولة في فلسطين، ولإشغال الفلسطينيين بالخلافات فيما بينهم، وهو ما حدث بالفعل، لولا أن السحر انقلب على الساحر لاحقاً. ما يحدث في قطاع غزة لا يقبله أحد، فقد تم تدمير 86 % من القطاع، وأصبح سكانه الذين تقدر أعدادهم بنحو مليون و900 ألف، يعيشون في مخيمات أو في جحور وسط ركام المباني، والأممالمتحدة وصفت دمار غزة بالأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، ويوجد قبالة سواحل غزة، حقل: غزة مارين، الذي تم اكتشافه عام 2000، وبحسب تقديرات بي بي سي البريطانية، فإنه يحتوى على تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، ويفوق الطاقة التي تحتاجها الأراضي الفلسطينية، وبالإمكان الاستفادة منه بتصديره، إلا أن تطويره متعثر، بسبب الخلافات السياسية والمشاكل الاقتصادية، والصراع المتواصل مع دولة الاحتلال. عاشت غزة أربع مواجهات مع الاحتلال، نتيجة لمغامرات حركة حماس وشركائها، وذلك ما بين 2008 و2021، ومن ثم هاجمت جنوب دولة الاحتلال في 7 أكتوبر 2023، وهجومها ذهب ضحيته 1200 قتيل، وأسرت فيه 251 من مواطني دولة الاحتلال كرهائن، ورد الاحتلال بقتل قرابة 65 ألفاً بخلاف الإصابات، ومعظم هؤلاء لا يعرف من حماس إلا اسمها، وتم فيه توجيه 85 ألف طن من القذائف للقطاع، والحرب منذ بداياتها قبل عامين تدار من طرف واحد، وتحاول حكومة دولة الاحتلال القائمة استثمارها في تهجير الفلسطينيين للدول المجاورة، وضم الأراضي الفلسطينية المتبقية في الضفة والقطاع لسلطة الاحتلال، وتوسيع حدودها على حساب الدول في محيطها، والأمر ليس سراً، فقد رفض الاحتلال بشكل علني فكرة الدولة الفلسطينية، وألمح لمسألة العودة إلى ما قبل أوسلو، بينما إعلان نيويورك السعودي - الفرنسي، يرسم خطوطاً واضحة للإصلاح الفلسطيني، ولنزع سلاح الجماعات المؤدلجة، وفيه توقيت زمني محدد، لتأسيس دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، وبما يحق الاستقرار الكامل في منطقة الشرق الأوسط، ويوفر ضمانات كافية ومرضية لكل الأطراف، وبما يجعل فلسطين دولة لديها حق التصويت في الأممالمتحدة، لا دولة مراقبة بلا صوت محسوب حتى في شؤونها الخاصة. ضربة دولة الاحتلال الصاروخية لسكن مرافقي الوفد المفاوض في قطر، يوم 9 سبتمبر 2025، الذي قتل فيه خمسة من أقارب مفاوضي حماس ورجل أمن قطري، وبصرف النظر عن كونهم جماعة مؤدلجة، أمر غير مقبول ويدخل في إطار إرهاب الدولة، فقد رعت الدوحة مفاوضات طويلة بين أميركا وطالبان، ولم يفكر الأميركي في تنفيذ ضربة عسكرية على مقر المفاوضات معهم، والأعجب أن وجود مكتب لحركة حماس فيها تم بطلب من أميركا ومن دولة الاحتلال نفسها، طبقاً للتصريحات الرسمية، والقيادة السعودية رفضت التصرف بالمطلق، وأوضحت أنها تقف إلى جانب الشقيقة قطر في الإجراءات التي تراها مناسبة وبلا حدود، أو كما قال سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وذلك في كلمته خلال افتتاح دورة مجلس الشورى السعودي الأخيرة، وقد حضر سموه القمة العربية الإسلامية في الدوحة، ومعها القمة الخليجية. يوم 22 سبتمبر 2025 له ما بعده، فقد اعترفت أربع من أصل خمس دول، دائمة العضوية في مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية، أو بالأسماء فرنسا وبريطانيا والصين وروسيا، وشمل الاعتراف 147 من إجمالي 193 دولة عضواً في الأممالمتحدة، وتغير موقف الدول المؤثرة في أوروبا لمصلحة فلسطين، ومن الأمثلة، ألمانيا التي أوقفت تصدير السلاح لدولة الاحتلال، وانضمت البرتغال والنرويج وكندا وأستراليا لقائمة المعترفين، وقبل هذا إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا، والاعترافات المتوالية ستجعل فلسطين في نظر القانون الدولي، مساوية لدولة الاحتلال في وزنها السياسي وحقوقها السيادية، وهو الأهم، وقال الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، في واحدة من كلماته: إن دولة الاحتلال لا تستطيع العيش في بحيرة من الكراهية مع جيرانها، ومن الأفضل الوصول إلى حلول سلمية معهم، ولكن من يسمع!