خضع الخطاب الملكي الذي ألقاه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في مجلس الشورى، وذلك خلال افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، لمزيد من النقاش والتحليل بين المتخصصين الاقتصاديين، خاصة حديث سموه عن الاقتصاد السعودي.. حيث أكد أن المملكة مستمرة في مسارها التنموي وفق رؤية2030، وأن البلاد ماضية في تنويع مسارات الاقتصاد، وتأكيد قدرته على تقليص اعتماده على النفط، مضيفا سموه إنه "للمرة الأولى في تاريخنا حققت الأنشطة غير النفطية 56% من الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ مستويات تتجاوز 4.5 تريليون ريال، كل ذلك وغيره من المنجزات جعلت المملكة مركزًا عالميًا يستقطب مختلف النشاطات". وتابع " كل ذلك وغيره من المنجزات جعلت المملكة مركزًا عالميًا يستقطب مختلف النشاطات ولعل اختيار 660 شركة عالمية المملكة مقرًا إقليميًا لها وهو أكثر مما كان مستهدفًا لعام 2030؛ يجسد ما تحقق في البنية التحتية ومستوى الخدمات التقنية مما يؤكد متانة الاقتصاد السعودي وآفاقه المستقبلية الرحبة". رؤى استراتيجية وتضمن الخطاب من رؤى إستراتيجية تجسّد حرص القيادة الرشيدة على تطوير القطاعات الواعدة، وتمكين المواطن، وتحفيز القطاع الخاص، وتسهيل بيئة الأعمال بما يُعزز مسيرة التنمية الشاملة. فيما يعكس مضامين الخطاب الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الحكيمة -أيدها الله- لخدمة المواطن والمقيم، من خلال رؤية طموحة تُسهم في بناء مستقبل مزدهر، وتمكين الكوادر الوطنية، وتعزيز دور المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وترسيخ قيم السلام والاستقرار. تنوع الاقتصاد نقطة تحول وقال المهندس مهند العطيشان، نائب رئيس لجنة الصناعة والطاقة بغرفة الشرقية، بأن خطاب سمو ولي العهد -حفظه الله-أمام مجلس الشورى، أظهر أن اقتصاد المملكة تخطّى 4.5 تريليون ريال، وأن الأنشطة غير النفطية بلغت 56% من الناتج المحلي لأول مرة في تاريخنا الاقتصادي. هذه الأرقام ليست عابرة؛ إنها «نقطة تحوّل» تُثبت رسوخ مسار التنويع وقدرة الاقتصاد على النمو بأجنحةٍ متعددة خارج النفط. وفوق دلالتها الاقتصادية، فهي مصدر فخرٍ واعتزازٍ وطنيّ بأن ما صيغ في رؤية المملكة 2030 يغدو واقعًا ملموسًا تتناقله مؤسساتنا الرسمية وتقرّه المؤشرات الدولية، اليوم، ومع إعلان اختيار 660 شركة عالمية للمملكة مقرًا إقليميًا متجاوزةً المستهدف الأصلي لعام 2030، تتعمّق حجة الجاذبية الاستثمارية للمملكة كمنصة تصنيعية وخدمية ولوجستية للأسواق الإقليمية. دور القطاع الصناعي وتناول العطيشان، بالتحليل دور القطاع الصناعي في زيادة المساهمة في الناتج المحلي، حيث أكد بأنه يأتي لتعميق القيمة المضافة المحلية، وهذا هو جوهر زيادة مساهمة غير النفطي الذي يبدأ من المصنع "كل جزء ومكوّن وخدمة صناعية يجري تصنيعها محليًا يُترجم فورًا إلى قيمة مضافة أعلى في الحسابات القومية، بدل تسربها عبر الاستيراد"، وأنه ومع توسّع سلاسل الإمداد حول المصانع الكبرى، تتراكم قيمة محلية عبر الشبكات من الموردين واللوجستيات والهندسة، فيرتفع الوزن النسبي للصناعة داخل غير النفطي (اليوم تُقدَّر الصناعات التحويلية – باستثناء التكرير – بنحو 9.1% من الناتج الكلي). وباحتساب غير النفطي عند 56%، فهذا يعني أن الصناعة التحويلية تمثل قرابة 16–17% من غير النفطي وهذه قاعدة صلبة للبناء عليها. رفع الإنتاجية بالتقنية وأضاف بأن من دور القطاع الصناعي رفع الإنتاجية بالتقنية والذكاء الاصطناعي، من خلال رقمنة خطوط الإنتاج والأتمتة المتقدمة، إلى الصيانة التنبؤية وإدارة المخزون بالتحليل البياني... تُقلِّل المصانع تكاليف الوحدة وترفع الجودة، فتضيف قيمة مضافة أكبر للناتج. هذا يتناغم مع توجه المملكة لتكون مركزًا عالميًا في التقنية والذكاء الاصطناعي، ما يضاعف مكاسب الإنتاجية الصناعية ويختصر زمن الوصول للأسواق. تعميق القاعدة التصديرية كذلك يشير الى من الأدوار المهمة للقطاع الصناعي، تعميق القاعدة التصديرية وتنويعها، فالصناعة الخاصة هي الرافعة الطبيعية لزيادة الصادرات غير النفطية (منتجات كيماوية متخصّصة، معدات كهربائية، مكوّنات نقل، أجهزة ومستلزمات طبية الخ...)، بالتوازي مع خفض فاتورة الواردات عبر إحلالٍ تنافسي. تنويع السلة التصديرية يثبّت مساهمة غير النفطي حتى في دورات السلع العالمية. أثر المقار الإقليمية وزاد المهندس مهند، ان القطاع الصناعي السعودي يركز على استثمار أثر برنامج المقارّ الإقليمية، وهو توطين المراكز الإقليمية ل660 شركة عالمية يخلق طلبًا صناعيًا ومشتريات طويلة الأجل على المكوّن المحلي، ويرفع معايير الجودة والامتثال ويُسهم في نقل المعرفة إلى سلاسل التوريد الوطنية. وحول أهمية الصناعة في الاقتصاد الوطني، ألمح الى ان هناك وزنٌ واضح في الناتج... وقاعدة قابلة للتوسيع، فبحسب الهيئة العامة للإحصاء، سجّلت الصناعات التحويلية (دون تكرير النفط) 9.1% من الناتج المحلي بالأسعار الجارية في 2024، فيما بلغ الناتج 4.07 تريليون ريال في ذلك العام. وعلى قاعدة 4.5 تريليون المعلنة في خطاب 2025، يعادل ذلك تقديرًا إسقاطيًا يقارب 410 مليارات ريال قيمةً مضافةً صناعية غير نفطية قابلة للارتفاع مع توسّع الطاقة الإنتاجية. نمو المنظومة الاقتصادية وأوضح بأن القطاع يتسع حجمه ومصانعة تنتشر، فالمنظومة الصناعية تنمو عددًا واستثمارًا: 12840 منشأة صناعية قائمة حتى يونيو 2025، مع وتيرة شهرية ثابتة في الرخص والمصانع التي تبدأ الإنتاج. هذه «الكتلة الحرجة» في عدد المصانع تُسهّل قيام تكتلات صناعية متخصصة تعزّز تنافسية المنتج السعودي في الداخل والخارج. التوظيف والقوى العاملة وأبان بأن هناك وظائفٌ نوعية ومسارات توطين، فقد بلغ إجمالي القوى العاملة الفعلية في المنشآت الصناعية المرخّصة 927 ألف وظيفة في 2024، بنسبة توطين تقارب 36%؛ وهي قاعدة بشرية تتوسع بالتوازي مع موجة استثماراتٍ جديدة وتحديثٍ تقني داخل المصانع. ومع كل مصنعٍ يبدأ الإنتاج ترتفع الوظائف الفعلية وترتفع معها إنتاجية العمل المؤشر الأصدق لقياس أثر الصناعة على الدخل الحقيقي. جاذبية رؤوس الاموال ولفت المهندس مهند، بأن هناك جاذبيةٌ متصاعدة لرؤوس الأموال، فالجاذبية الاستثمارية ليست شعارًا؛ بل واقعًا تُثبته أرقام المقارّ الإقليمية، ورخصٌ صناعية تُمنح شهريًا، وتوسّعٌ مستمر في المصانع التي تبدأ الإنتاج. ومع ارتفاع ترتيب المملكة في مؤشرات جاذبية الاستثمار بالأنشطة الاستخراجية والصناعية المساندة، تتّسع قدرة المملكة على استقطاب سلاسل قيمة عالمية، وتوطين مراحل تصنيعٍ أكثر تعقيدًا. وأختتم المهندس العطيشان، بالتأكيد على أن الصناعات لها أثرٌ مباشر على الميزان التجاري والمرونة الاقتصادية، فالصناعة الخاصة تُقلِّل الاعتماد على الواردات الوسيطة والنهائية، وتُكثّف الصادرات غير النفطية، ما يُحسِّن الميزان التجاري ويزيد مناعة الاقتصاد أمام صدمات أسعار السلع. وعندما تتقدّم الصناعة في «سلم التعقيد»، يصبح النمو أكثر دوامًا وأقل تقلبًا. ثمرة الرؤية فيما يقول حسين الخواجة، رئيس لجنة النقل بغرفة الأحساء، إن ما نعيشه اليوم من نهضةٍ تاريخية هو ثمرةُ التقدّم نحو مستهدفات رؤية المملكة 2030؛ وهو تحديدًا ما ينشده المستثمر السعودي والأجنبي. فالرؤيةُ خارطةُ طريق تمنح وضوحًا ويقينًا يتيحان للمستثمر رؤية المستقبل قبل وقوعه، وهي من أهم الركائز التي يبحث عنها أصحابُ رؤوسِ الأموال عند توجيه استثماراتهم. وأشار الخواجة، بأن المملكة في العهود السابقة كان اعتمادها على النفط، بينما حرصت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهد الأمين -حفظهما الله- على التركيز على المقومات التي تملكها وتمتاز بها المملكة من أهمها كونها منطقة لوجستية ومنطقة عبور للبضائع عن طريق البر أو عن طريق الجو، بالإضافة إلى الصناعات التحويلية والزراعة. ولفت أن رؤية 2030 عملت على الاستفادة من المقومات بالشكل المطلوب من خلال ضخ الاستثمارات سواء في قطاع الزراعي أو قطاع الصناعات التحويلية والتصنيع بالإضافة النقل، حيث ساهم الاستغلال الأمثل لهذه المقومات في الحصول على عوائد كبيرة، التي بدأنا نقطف ثمرتها حاليا حيث وصل جزء من الناتج المحلي 56% من الإيرادات غير النفطية. واكد الخواجة، ان العديد من المستهدفات الرؤية تم تحقيقها قبل سنة 2030، مما يدلل على النظرة الثاقبة للنظرة الاقتصادية للقيادة، الأمر الذي ترجم في اتخاذ 660 شركة عالمية مقارها الرئيسية في المملكة، مما يعكس اهتمام الكثير من الشركات العالمية للمملكة كموقع جغرافي يربط جميع دول العالم، ورجح ان تشهد المملكة نهضة اقتصادية عظيمة وليس فقط 56%، وإنما تحقق نسب أعلى وبشكل كبير مع هذا التوجه الذي يستغل المزايا التي تمتاز بها المملكة بشكل أفضل. مهند العطيشان حسين الخواجة