يشير تقرير راصد الاستثمار للربع الأول من العام الصادر عن وزارة الاستثمار إلى العديد من الإنجازات الاقتصادية التي حققناها خلال الربع المشار إليه، ومن أهمها تدفق رؤوس الأموال الأجنبية على المملكة، ففي هذا المضمار يشير التقرير إلى أن وزارة الاستثمار أصدرت 34 ترخيصاً للشركات العالمية من أجل إنشاء مقارها الإقليمية في البلاد خلال الربع الماضي، وإنجاز ومعالجة 25 من التحديات التي تواجه المستثمرين. إن المملكة حريصة على إيجاد بيئة استثمارية منافسة إقليمياً، وذلك من أجل خلق الظروف المناسبة لقطاع الأعمال السعودي لزيادة توظيف رؤوس أمواله في الاقتصاد وتهيئة البيئة المناسبة لرؤوس الأموال الأجنبية لكي تتدفق على المملكة بصورة أكبر. ولذلك فليس مصادفة أن ينمو تكوين رأس المال الثابت بنحو 10,3 % خلال الربع الأول من العام مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي، ليصل إلى 397 مليار ريال. وتكوين رأس المال الثابت هو: إجمالي الإنفاق على الاستثمارات التي تشمل الأصول المنتجة مثل المصانع والآلات والمعدات. والأهم أن هذا النمو قد تحقق بفضل نمو تكوين رأس المال الثابت للقطاع غير الحكومي والذي يشكل 94 % من الإجمالي، وهذا النمو لتكوين رأس المال الثابت، أدى إلى ارتفاع نصيب هذا المؤشر في الناتج المحلي الإجمالي إلى 34 %، مما يعني تعدي المؤشر المخطط له في رؤية 2030، والذي هو عند 30 % وهذا يعتبر إنجازا كبيرا. فقبل 10 أعوام فقط كان هذا المؤشر دون 20 %. وقد أشرت في مقالات سابقة إلى ضرورة رفع نسبة إسهام تكوين رأس المال الثابت في الناتج المحلي الإجمالي، على الأقل، إلى المستويات التي كنا عليها، عندما كنا نبني التجهيزات الأساسية في الجبيل وينبع في الثمانينيات من القرن الماضي. والحمد لله أننا الآن تخطينا ذلك المستوى، وأصبحنا نقترب تدريجيا من الدول الصناعية الكبرى كالصين والهند التي تصل نسبة هذا المؤشر فيها إلى نحو 40 % و39 % على التوالي. وهذا الإنجاز تحقق بفضل نمو الاستثمارات من داخل وخارج المملكة. ففي العام الماضي 2024 بلغ عدد التراخيص الاستثمارية المُصدَرة من وزارة الاستثمار إلى 14454. الأمر الذي يعكس الظروف المناسبة التي تم إيجادها لنمو للاستثمارات من الداخل والخارج. وهذا بالتأكيد سوف يساعدنا على إعادة هيكلة اقتصادنا وتقليل اعتماده على النفط. فمثلما نرى فنحن الآن نواجه انخفاضا في عائداتنا النفطية، فإنجازات رؤية 2030 أدت إلى نمو نشاط قطاع الأعمال والشركات السعودية والأجنبية في مختلف المجالات، وهذا سوف يعوض الانخفاض الذي طرأ على العائدات النفطية جراء تراجع أسعار الذهب الأسود. وعلى هذا الأساس فإن ناتجنا المحلي الإجمالي لن يتراجع بمشيئة الله. وهذا إنجاز كبير.