الأمن هو من أهم الاحتياجات الأساسية للإنسان، بدون الأمن تعم الفوضى ويسيطر الخوف على حياة الناس وعلاقاتهم، كل المجتمعات الإنسانية لديها أنظمة وقوانين لتوفير الأمن ومعاقبة من يخل بهذه القوانين والأنظمة وفي مقدمتها ما يتعلق بالأمن. أخبار مؤلمة تحدث أحياناً في بعض الدول تصل حد القتل لأسباب منها دافع السرقة أو أسباب لها علاقة بالعنصرية أو لأسباب سياسية، من الجهل ومن التهور واختلال التفكير أن يتعرض (مثلاً) إنسان إلى القتل لأن القاتل لا يتفق مع سياسة بلد القتيل، أما القتل من أجل السرقة فإن السارق يرتكب جريمة السرقة ويضيف إليها جريمة القتل، وهذا سلوك غبي وإجرامي في الوقت نفسه، أما الذكي الذي يعترضه اللص في الشارع لسرقة ساعته فهو بكل بساطة يسلمها له كهدية. في السفر، من النصائح التي تقدم للسائح أن يتجنب سؤال الآخرين عن شيء معين مثل: السوق أو المطعم أو مكان سيارات الأجرة أو محطة القطار، ربما تكون اختفت هذه الأسئلة في زمن التقنية لكنها مع ذلك تظل ضرورية في بعض الحالات، خذ مثلاً، مجموعة من الطلاب في إحدى الدول الغربية كانوا في إجازة فقاموا برحلة في السيارة قطعوا فيها مسافة طويلة، دخلوا قرية صغيرة للراحة، توقفوا عند محطة بنزين كان يقف بجوارها مجموعة من الشباب، سألوهم عن الموتيلات في هذه القرية فأرشدوهم، وفي الصباح وجدوا محتويات سيارتهم مسروقة. أكتب هذا المقال متألماً لمقتل الطالب السعودي محمد القاسم في مدينة كامبريدج البريطانية، لم تتضح أسباب هذه الجريمة، أحد الاحتمالات قد تكون أسباب عنصرية، يبدو أن الإنسان بحاجة إلى التدريب على كيفية التعامل مع العنصرية أو التنمر خاصة حين يكون في بلد غريب، في تجربة شخصية، كنت في مدينة أوربية أنتظر في محطة القطار فحاول أحدهم استفزازي بسلوك عنصري، فكان قراري هو التجاهل، كثير من الناس بحاجة إلى التدريب على إدارة الغضب أو السيطرة على الغضب لأن العنصري أو المتنمر يتمنى أن ترد عليه لكن التجاهل يجعله هو الخاسر، أما إذا كان المجال يسمح بالتوجه إلى السلطات الرسمية بشكوى موثقة فهذا حل يحمي الفرد ويحمي المجتمع. في موضوع السرقات، نصائح مكررة تقال للمسافرين تقترح عليهم تجنب الممتلكات الفاخرة، والملابس، والساعات، والحقائب، والسيارات، ولا يوجد هدف منطقي لعرض هذه الممتلكات في الأماكن العامة. من النصائح التي يوجهها الوالدان للأطفال بدافع الحب والخوف، لا تتحدثوا مع الغرباء، يصعب توجيه هذه النصيحة للكبار، ولكن نستطيع أن نقترح عليهم ترشيد الكلام وعدم إعطاء معلومات شخصية لمن يقابلونهم لأول مرة. الحياة بدون أمن وبدون أنظمة صارمة مدمرة لاستقرار المجتمعات، وتؤدي إلى انتشار القلق والجريمة، حين يغيب الأمن تغيب التنمية ويسيطر الخوف وتتدمر العلاقات الإنسانية وتصبح المجتمعات طاردة.