إن على الدول المُحبة للسَّلام، والداعمة للشرعية الدولية، والحريصة على حقوق الإنسان، أن تستمع لصوت الحكمة والعقلانية والقرار الرشيد الصَّادر من المملكة العربية السعودية ليتحقق السَّلام والأمن والاستقرار والازدهار الإقليمي والدولي من خلال تسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين. وإن على المجتمعات الداعمة لجرائم الحرب الإسرائيلية، والمؤيدة لسياسات الإبادة الجماعية تجاه المدنيين في غزة، أن تدرك بأن سياساتها السلبية، والمتنافية مع القانون الدولي، ستساهم مساهمة مباشرة في زعزعة الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي.. يُؤسس ال8 من أغسطس 2025م لمرحلة جديدة ومُعقدة من مراحل الصِراع المُتصاعد في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، والمنطقة العربية بشكل خاص، انطلاقاً من التصريحات السلبية الصَّادرة عن إسرائيل، بحسب CNN في 8 أغسطس 2025م، والتي جاء فيها، الآتي: «أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موافقة مجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت) على مقترح السيطرة على مدينة غزة». وأضاف: «وافق المجلس الوزاري الأمني المصغر على مقترح رئيس الوزراء لهزيمة حركة حماس، ويستعد الجيش للسيطرة على مدينة غزة مع ضمان تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين خارج مناطق القتال». ووفقاً للبيان، اعتمد مجلس الوزراء الأمني -بأغلبية الأصوات- المبادئ الخمسة لإنهاء الحرب: 1) نزع سلاح حماس. 2) إعادة جميع الرهائن - الأحياء منهم والأموات. 3) تجريد قطاع غزة من السلاح. 4) السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة. 5) إنشاء إدارة مدنية بديلة لا تتبع حماس ولا السلطة الفلسطينية. وقال نتنياهو إن إسرائيل تنوي السيطرة العسكرية على قطاع غزة بالكامل قبل تسليمه للقوات التي ستحكمه بشكل صحيح. وفي مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» سُئل نتنياهو عما إذا كانت إسرائيل تخطط للسيطرة على القطاع بأكمله، أجاب قائلاً: «نعتزم القيام بذلك». نعم، إن هذه التصريحات السلبية الصَّادرة عن الحكومة الإسرائيلية، والمتناقضة مع القرارات والشرعية الدولية، والمتعارضة مع الممارسات الإسرائيلية السابقة التي انسحبت من قطاع غزة في سبتمبر 2005م بعد أن احتلته كاملاً في يونيو 1967م، من شأنها أن تهدم كل الجهود الدولية التي بُذلت، على امتداد السبعة عقود الماضية، لإنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولإقامة دولتين مستقلتين على أرض فلسطين التاريخية. وبالإضافة إلى هذه السلبيات الكبيرة، فإن مثل هذه التصرفات غير المسؤولة من جانب الحكومة الإسرائيلية من شأنها أن تُضاعف من نِسب الصراعات والنزاعات في المنطقة، وتؤجج حالات الرفض، من جميع أطياف الرأي العام الإقليمي والدولي لكل ما هو إسرائيلي. وأمام هذه السلبيات المُتصاعدة وغير الحكيمة من إسرائيل، ورداً على سياسات الهدم والتخريب التي أعلنتها حكومة إسرائيل، ودفاعاً عن الحقوق المشروعة لشعب فلسطين بما فيها حقه الكامل بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية، وحرصاً على إحلال السَّلام والأمن والاستقرار والازدهار إقليمياً ودولياً بدلاً من الصراعات والنزاعات والحروب، جاءت المواقف الحكيمة للمملكة العربية السعودية لتُعبر بكل وضوح، ولتبين للعالم، بأنها ترفض رفضاً قاطعاً جميع السياسات السلبية والهدامة الصّادرة عن الحكومة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة، وذلك عبر بيانها الذي بثته (واس) في 8 أغسطس 2025م، وجاء فيه، الآتي: «نددت المملكة العربية السعودية بأقوى وأشد العبارات بقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلية احتلال قطاع غزة، وأدانت بشكل قاطع إمعانها في ارتكاب جرائم التجويع والممارسات الوحشية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق». وقالت وزارة الخارجية في بيان لها: «إن الأفكار والقرارات اللاإنسانية التي تتبناها سلطات الاحتلال الإسرائيلية دون رادع، تؤكد مجددًا أنها لا تستوعب الارتباط الوجداني والتاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني بهذه الأرض، وأن الشعب الفلسطيني صاحب حقٍّ فيها، استنادًا للقوانين الدولية والمبادئ الإنسانية». وحذرت المملكة من أن استمرار عجز المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن وقف الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية فورًا، يقوض أسس النظام الدولي والشرعية الدولية، ويهدد الأمن والسلم إقليميًا وعالميًا، وينذر بعواقب وخيمة تشجع ممارسات الإبادة الجماعية والتهجير القسري. وأكدت المملكة أن هذه الجرائم الإسرائيلية المتواصلة تحتم على المجتمع الدولي اليوم اتخاذ مواقف فعلية، حازمة ورادعة، تنهي الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق، وتمكّن من تحقيق الحل الذي تجمع عليه الدول المحبة للسلام بتنفيذ حل الدولتين، وقيام دولةٍ فلسطينية على حدود عام 1967 م وعاصمتها القدسالشرقية، استناداً للقرارات الأممية ذات الصلة». وبِناءً على هذا البيان الحكيم الصَّادر عن المملكة العربية السعودية، وما تضمنه من حكمه ولغة عقلانية، وما استند عليه من قرارات الشرعية الدولية المُؤيدة للحقوق الفلسطينية، والرافضة لِسياسات الهدم والتخريب، جاءت المواقف الدولية مؤيدة تماماً، ومتماشية، مع ما تضمنه البيان الصَّادر عن المملكة العربية السعودية، ومن ذلك البيان الصَّادر عن اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن التطورات في قطاع غزة، التي تشكلت بقرار من القمة العربية الإسلامية المشتركة برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظه الله– بمدينة الرياض في 11 نوفمبر 2023م، والذي بثته جميع وكالات الأنباء العالمية، ومنها وكالة الأنباء السعودية (واس) في 9 أغسطس 2025م، ومما جاء فيه، الآتي: «أعربت اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن التطورات في قطاع غزة التي تضم كل من المملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية إندونيسيا، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية نيجيريا الاتحادية، ودولة فلسطين، ودولة قطر، وجمهورية تركيا، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، بالإضافة إلى جمهورية بنغلاديش الشعبية، وجمهورية تشاد، وجمهورية جيبوتي، وجمهورية غامبيا، ودولة الكويت، ودولة ليبيا، وماليزيا، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وسلطنة عمان، وجمهورية باكستان الإسلامية، وجمهورية الصومال الفيدرالية، وجمهورية السودان، والإمارات العربية المتحدة، والجمهورية اليمنية، عن إدانتهم الشديدة ورفضهم القاطع لإعلان إسرائيل نيتها فرض السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة، معتبرة أن هذا الإعلان يشكل تصعيدًا خطيرًا ومرفوضًا، وانتهاكًا للقانون الدولي، ومحاولة لتكريس الاحتلال غير الشرعي وفرض أمر واقع بالقوة يتنافى مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وأكدت اللجنة أن هذا التوجه المعلن من جانب إسرائيل يأتي استمرارًا لانتهاكاتها الجسيمة القائمة على القتل والتجويع ومحاولات التهجير القسري وضم للأرض الفلسطينية وإرهاب المستوطنين وهي جرائم قد ترقى لأن تكون جرائم ضد الإنسانية، كما أنها تبدد أي فرصة لتحقيق السلام، وتقوّض الجهود الإقليمية والدولية المبذولة للتهدئة وإنهاء الصراع، وتضاعف من الانتهاكات الجسيمة ضد الشعب الفلسطيني، الذي يواجه على مدار 22 شهرًا، عدوانًا وحصارًا شاملًا طال كافة مناحي الحياة في قطاع غزة وانتهاكات خطيرة في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية». وقالت اللجنة: «وإزاء هذا التطور الخطير، نشدد على ما يلي: 1) ضرورة الوقف الفوري والشامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ووقف الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين والبنية التحتية في القطاع والضفة الغربيةوالقدسالشرقية. 2) مطالبة إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بالسماح العاجل وغير المشروط بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بما يشمل الاحتياجات الكافية من الغذاء والدواء والوقود، وضمان حرية عمل وكالات الإغاثة والمنظمات الدولية الإنسانية وفقًا للقانون الإنساني الدولي ومعايير العمل الإنساني الدولية المعمول بها. 3) دعم الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار، والتي تبذلها كل من جمهورية مصر العربية، ودولة قطر، والولايات المتحدة الأمريكية، للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى والرهائن، باعتباره مدخلًا إنسانيًا أساسيًا لخفض التصعيد وتخفيف المعاناة وإنهاء العدوان الإسرائيلي. 4) ضرورة العمل على البدء الفوري بتنفيذ الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار قطاع غزة، والدعوة للمشاركة بفاعلية في مؤتمر إعادة إعمار غزة المقرر عقده بالقاهرة قريبًا. 5) رفض وإدانة أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه بغزةوالضفة الغربية بما في ذلك القدسالشرقية، ونؤكد على ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، مع الاعتراف بالدور الأساسي الذي تضطلع به الوصاية الهاشمية في هذا الصدد. 6) التأكيد على أن السلام العادل والدائم لا يمكن تحقيقه إلا عبر تنفيذ حل الدولتين، بما يضمن تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967م، وعاصمتها القدسالشرقية، وفقًا لمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة». واستجابة لهذه الجهود العظيمة التي تبذلها السياسة الحكيمة للمملكة العربية السعودية في سبيل الدفاع عن الحقوق المشروعة لشعب فلسطين، أعلنت دولة أستراليا ودولة نيوزيلندا عزم كل منهما الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي رحبت به المملكة العربية السعودية عبر بيان وزارة الخارجية، في 11 أغسطس 2025م، الذي جاء فيه، الآتي: «تعرب وزارة الخارجية عن ترحيب المملكة العربية السعودية بإعلان أستراليا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإعلان نيوزيلندا دراستها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتشيد المملكة بالاجماع الدولي الداعم لمسار تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدسالشرقية. وتؤكد المملكة أن المرحلة الحالية تحتم على محبي السلام الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ودعم جهود وقف الحرب التي طال أمدها، خاصةً في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني». وفي الختام، من الأهمية القول إن على الدول المُحبة للسَّلام، والداعمة للشرعية الدولية، والحريصة على حقوق الإنسان، أن تستمع لصوت الحكمة والعقلانية والقرار الرشيد الصَّادر من المملكة العربية السعودية ليتحقق السَّلام والأمن والاستقرار والازدهار الإقليمي والدولي من خلال تسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين. وإن على المجتمعات الداعمة لجرائم الحرب الإسرائيلية، والمؤيدة لسياسات الإبادة الجماعية تجاه المدنيين في غزة، أن تدرك بأن سياساتها السلبية، والمتنافية مع القانون الدولي، ستساهم مساهمة مباشرة في زعزعة الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي، وستؤدي لتصاعد التوجهات المُتطرفة والإرهابية على جميع المستويات الدولية، وستجعلها في مواجهة مباشرة مع الرأي العام العالمي.