تواصل المملكة بثبات وتوازن تعزيز قوتها الاقتصادية، التي تلفت انتباه المستثمرين بفضل مقومات نمو واضحة، ورؤية طموحة ترسم ملامح المستقبل بثقة، كما ظهر في تقرير وكالة "فيتش" الأخير، الذي أكّد تصنيف المملكة عند درجة (+A) مع نظرة مستقبلية مستقرة.. مستنداً إلى محركات مالية واقتصادية واضحة تعكس قوة السياسات الاقتصادية التي تتقدم بها المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030. ولا شك أن قوة اقتصاد المملكة اليوم هو امتداد لمسار طويل من البناء المنهجي، الذي يراعي التوازن بين النمو والاستقرار ويرتكز على استثمار الموارد بشكل مدروس، وتوسيع القاعدة الإنتاجية، وتطوير القطاعات الواعدة وهذا ينسجم مع مستهدفات الرؤية، التي تعمل على رفع مستوى الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية، وتعزيز دور القطاع الخاص في خلق فرص العمل. وإذا ما لاحظنا التقرير المنشور عن وكالة "فيتش" سنجد أن أحد مرتكزاته هو صافي الأصول الأجنبية السيادية، الذي سيظل عند مستوى قوي يبلغ 35.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، وهذا الرقم يُعد من بين الأعلى في التصنيفات المماثلة، ويعزز من مرونة المملكة في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية. إلى جانب ذلك، تملك المملكة احتياطيات أجنبية تغطي 12.8 شهرا من المدفوعات الخارجية الحالية، وهو معدل مرتفع مقارنة بمتوسط 1.8 شهر في الدول المصنفة بنفس الدرجة. ومن حيث الأداء الاقتصادي، تتوقع الوكالة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.3 في المئة في عام 2025، ترتفع إلى 4.7 في المئة في 2026، مدعومة بزيادة في إنتاج النفط. في حين يظل النمو غير النفطي يحافظ على وتيرته، بمعدل 4.5 في المئة خلال نفس الفترة، وهذه يشير إلى قاعدة اقتصادية تتوسع بثقة، نحو تنويع مصادر الدخل. في السياق ذاته، جاء في التقرير تعديل الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024 بزيادة بلغت 14 في المئة، يعود الجزء الأكبر منها إلى نمو القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 28 في المئة، وهو ما جعله يشكل 56 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.. وهذا يعكس تحولات مهمة، وأن التركيز على القطاع الخاص بات يعطي ثماره بشكل ملموس.. كذلك القطاع المصرفي لا يزال يسجل مؤشرات قوية، أبرزها كفاية رأس المال بنسبة 19.3 في المئة، ونسبة القروض المتعثرة التي تبلغ 1.2 في المئة وهي الأدنى منذ سنوات. أعتقد أن المملكة ستكون محط اهتمام العالم اقتصادياً، فالنمو يتجاوز الأرقام ليشكل تحولاً واسعاً في الاستثمار والإنتاج، ويعكس استعداداً لمرحلة جديدة من الحضور العالمي الفاعل.