تمثل الشركات العائلية ركيزة أساسية في السوق المالية، إذ تشكل نسبة كبيرة من رأس المال وتؤثر بشكل مباشر على مسار التنمية الاقتصادية، في هذا الإطار، يحمل صغار المستثمرين آمالًا كبيرة نحو بيئة استثمارية مستقرة وعادلة، إلا أنهم غالبًا ما يجدون أنفسهم بين تقلبات السوق وقرارات تُتخذ في غرف مغلقة، حيث تتداخل المصالح العائلية مع متطلبات الحوكمة المؤسسية، واحدة من التحديات الأساسية التي تواجه صغار المستثمرين تتمثل في هيمنة كبار المساهمين على الجمعيات العمومية، حيث يستحوذون على الأغلبية الساحقة من الأصوات، مما يؤدي إلى غياب صوت الأقلية وصعوبة تمثيل مصالحهم بفعالية، هذا الواقع يجعل صغار المستثمرين عرضة لاتخاذ قرارات قد لا تعكس مصالحهم، ويزيد من الحاجة إلى آليات حوكمة توازن بين سلطة العائلة ومشاركة المساهمين الآخرين، لذلك، لا تقتصر أهمية الحوكمة على الشفافية والإفصاح المنتظم فحسب، بل تمتد إلى تطبيق آليات حماية حقوق الأقلية، مثل وجود لجان مراجعة مستقلة، ومجلس إدارة يضم أعضاءً غير عائليين، ونظام تصويت يضمن العدالة في اتخاذ القرارات، مثل هذه الإجراءات تعزز الثقة بين جميع الأطراف وتساعد في بناء بيئة سوقية متوازنة، كما أن رفع مستوى الوعي المالي بين صغار المستثمرين يعتبر ضرورة ملحة، فالمعرفة العميقة تمكنهم من فهم المخاطر والفرص بشكل أفضل، والتمييز بين القرارات السليمة وتلك التي قد تؤثر سلبًا على استثماراتهم، إن تبني الشركات العائلية لنماذج حوكمة رشيدة ليس مجرد التزام قانوني، بل استثمار استراتيجي في استدامة الثقة وتوسيع قاعدة المساهمين، بما يضمن توازناً بين الحفاظ على تراث العائلة وتعظيم قيمة الشركة لجميع المساهمين. في الختام، لا تزدهر الأسواق المالية إلا بضمان حقوق صغار المستثمرين، الذين يمثلون ركيزة حيوية لأي سوق نشط وعادل، فهل آن الأوان للجهات المنظمة أن تعيد النظر في نماذج حوكمة الشركات وتحديداً العائلة منها لتكون نموذجًا يُحتذى به في الشفافية والعدالة والمسؤولية.