المهموم بأمر حماية المستهلك ينظر بشمولية لكل عمليات استغلال المستهلك أو المريض أو العميل أو المشترك ويهتم بمكافحتها جميعا والتوعية بصورها، ولا شك أنه يفرق في درجة الحرص بين ما هو ضرورة حياة مثل العمليات الجراحية (مفاصل الركبة مثال) وما هو ترفيهي مثل شراء مثلج زبادي (آيسكريم) بالوزن، وهنا سوف أتناولهما معا بالتحليل والتفنيد لأسباب وطرق الاستغلال. من العمليات الطبية الجراحية التي تحولت من إجراء طبي تحكمه أخلاقيات المهنة إلى عمل تجاري بحت تحف به الدعاية والإغراءات والمبالغة بالأسعار، هي عمليات تغيير أو إصلاح مفاصل الركبة لمن يعانون آلاما مبرحة من احتكاك أو وهن في المفاصل خاصة من كبار السن (نساءً ورجالًا)، فهذه العملية انضمت للعمليات الجراحية والتجميلية الأكثر تنافسا تجاريا واستغلالا ماليا وتلاعبا في الأسعار وغشا وخداعا وتدليسا وادعاء كاذبا لتخصص فيها، فبعد أن أصبحت سوقها رائجة جدا أصبح كل طبيب يدعي التخصص فيها والخبرة بها والنجاح في إجرائها أي (كل يدعي وصلا بليلى.. وليلى لا تقرُّ لهم وصالاً)، شأنها في ذلك شأن عمليات التكميم وقص المعدة ونفخ الشفايف وحقن البوتكس والفيلر وشأن عمليات الرباط الصليبي للرياضيين، (عايشت طبيبا كان متميزا في علاج كسور الحوض يرفض الحضور لغرفة الطوارئ لإسعاف ثلاث نساء من ضحايا حادث سير مصابات بكسور في الحوض مع أنه مناوب بأجر كبير! ليجري عملية رباط صليبي في مستشفى خاص ففشل في عملية الرباط وفشلنا في إنقاذ المصابات!). مثلما أن ادعاء طبيب إجادة عمليات خارج التخصص الدقيق لذلك الطبيب وغير معتمدة له من هيئة التخصصات الطبية أمر يستدعي تدخل هيئة التخصصات، فإن عمليات مفاصل الركبة يجب أن يتم الالتفات لها من حيث ضرورة الترخيص بإجرائها بناء على شهادات معتمدة وضرورة تقنين تكاليف العملية وأسعارها بناء على تفاصيل دقيقة لما تم عمله فعليا وليس من بينها شهرة الطبيب في مواقع التواصل الاجتماعي فهذه عرضة للتدليس، فليس من المعقول أن يشترط طبيب دفع 70 ألفا لإجراء العملية، بينما يطلب آخر خمسين ألفا وهي لا تكلف فعليا نصف المبلغ أو ربعه، والأدهى والأمر أن يقال: تكلفة العملية 80 ألفا إذا كانت على التأمين أو 40 ألفا إذا كان الدفع نقدا، وليس من المقبول أن تخضع تكاليف العملية لشهرة الطبيب في مواقع التواصل الاجتماعي فهذا معيار يخضع لتدليس عظيم وقد حذرت مرارا من خطورة إعلان الطبيب عن نفسه في أي وسيلة إعلامية لأن الهدف منها جذب المريض وإغراؤه، وهذا أمر مرفوض نظاما وعرفا وأخلاقيات مهنة، حتى أولئك الذين ينشرون معلومات ونصائح غير موثقة بأبحاث منشورة ومحكمة، هم يهدفون لشهرة بعدها يروجون لأنفسهم أو بضائعهم تماما كمن ينشر سيلا من النصائح لخفض السكر والدهون في الدم ثم يعلن عن دهن عود، فهل كان هدفه خفض دهون دم المريض أم خفض محتويات محفظته بالترويج لدهن العود؟! وإن كان الخداع في عمليات جراحية لا تقارن أهميته بالخداع الذي تمارسه بعض محلات بيع (آيسكريم) الزبادي المثلج بالوزن التي انتشرت مؤخرا، إلا أن من الأهمية بمكان أن نقترح مراقبة أسعارها وطريقة بيعها وتسعيرها للجرام من المثلجات ليس فقط لأن التحايل يعتبر استغلالا للمستهلك في سلعة ترفيهية وغير أساسية، ولكن لأن غموض طريقتهم في حساب الفاتورة ينجم عنه مشاكل ومشادات نحن في غنى عنها ويجب أن يكون السعر للجرام الواحد واضحا ومعلنا وأن يشرح للزبون التكلفة المحتملة للكمية التي سيضعها في العلبة مسبقاً.