لطالما كان العقار في المملكة، من أهم القطاعات التي تنال اهتماماً استثنائياً من الدولة والمواطن والمستثمر على حد سواء، ليس لسبب سوى أنه نجح خلال عقود طويلة مضت، في أن يكون أحد أهم الأوعية الاستثمارية شبه المضمونة، فضلاً عن كونه يوفر منتجات عقارية متنوعة، لا غنى للمواطن والمستثمر عنها، الأمر الذي يعزز استقرار المجتمع، ويساهم في نموه ورخائه. وتعكس الإجراءات الأخيرة التي وجّه بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لتعزيز التوازن في القطاع داخل العاصمة الرياض، إلى جانب تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء، حرص سموه على أن يواصل القطاع دوره المحوري في تنمية المجتمع والارتقاء بالاقتصاد، عبر تقديم خدمات متنوعة بأسعار مناسبة، كما تؤكد أيضاً اهتمام سموه بمصالح الوطن والمواطن، والتأكيد على أن السكن حق أصيل للمواطنين، تضمنه الدولة، وتعمل عليه، وتسخر من أجله كل إمكاناتها. وما كان للقيادة الرشيدة أن تتخذ مثل هذه الإجراءات، لولا أنها استشعرت بنفسها ارتفاعات كبيرة في الأسعار داخل العاصمة، يجعل من امتلاك المواطن مسكناً خاصاً، حلماً صعب المنال، لا يقدر عليه إلا ميسوري الحال، ومثل هذا المشهد لا يخدم الاقتصاد الوطني، أو المواطن، وعليه رأت الدولة في هذه الإجراءات عاملاً مساعداً لتحقيق التوازن بين العرض والطلب في القطاع، فيما ستعزز تعديلات نظام الرسوم، من تداول الأراضي البيضاء، والاستفادة منها، وإيجاد توازن أكبر في منتج الأراضي التي يزداد عليها الطلب، لإنتاج مشاريع عقارية متكاملة. حرص الدولة على تفعيل الإجراءات العقارية الأخيرة، وتعديل نظام رسوم الأراضي، مع الرقابة المكثفة على آلية التنفيذ، وصولاً لتخفيض الأسعار، يفند ما روج له البعض من الذين يجهلون توجهات الدولة حيث ألمحوا فيها إلى أن غلاء أسعار الأراضي البيضاء يصب في مصلحة مؤسسات في الدولة، تمتلك مساحات شاسعة من الأراضي البيضاء، وتريد أن تكسب من وراء بيعها، أموالاً طائلة، ويعزز من تفنيد هذه الشائعات أمر آخر، وهو أن دخل رسوم الأراضي البيضاء، تخصصه وزارة البلديات والإسكان لتطوير المزيد من الأراضي، ما يؤكد أن الدولة تقدم مصلحة المواطن على أي شيء آخر، وترفض أن تستغله بأي شكل من الأشكال. وما يلفت الأنظار إلى هذه الإجراءات، أنها تستشرف المستقبل جيداً، وتعمل من الآن على إيجاد حلول سريعة للإشكاليات المتوقعة، وأعني بذلك النمو المتزايد في أعداد السكان، سواء في الرياض التي ينمو السكان فيها بمعدل 5 % سنوياً، أو غيرها من المناطق الأخرى، وبالتالي يحتاج القطاع إلى حزمة من التشريعات والأنظمة والإجراءات، التي تضمن له مواصلة مشاريعه وبرامجه، وزيادة معروضه من المساكن، لاستيعاب الزيادة السكانية المتوقعة. وكما هو متوقع، لن يمر وقت طويل على القطاع، إلا وتظهر عليه تأثيرات الإجراءات الأخيرة، التي ستتجلى في تحقيق التوازن بين العرض والطلب، بزيادة المعروض العقاري بأسعار معقولة، وهو ما يحد من الضغوط التضخمية في أسعار المنتجات العقارية، ومواجهة التأثير السلبي الذي بدا على القوة الشرائية للمواطن الراغب في امتلاك عقار يسكنه ويمتلكه.