لا أحد يشكك في حرص وزارة التعليم، على إقرار الأنظمة والقوانين التي تكفل حماية الطلبة من الجنسين، وما تقوم به مشكور ومقدّر، والمشكلة في عدم احترام المدارس الأهلية والخاصة لمجهودات الوزارة، فيما يتعلق بضرورة تعريف الطلبة على حقوقهم وواجباتهم كاملة، ومعها طبيعة التجاوزات الممكن حدوثها من الكادر التعليمي، أو من زملائهم في الصف الدراسي، وبما يمكنهم من الإبلاغ عنها بمجرد حدوثها، ويحول دون تكرارها.. توجد ثلاثة أنظمة سعودية، تحفظ حقوق الطلاب في المدارس الحكومية والأهلية، الأول: اللائحة التنظيمية للتعليم، وتحتوى على حقوق الطالب ومكتسباته الأساسية في المدرسة، ومن أبرزها: العقوبات التي يمنع إيقاعها عليه، كحرمانه من الحصص الدراسية، أو ضربه، أو إيذائه وتهديده، أو تكليفه بنسخ الواجب كعقوبة، أو السخرية منه وممارسة العنصرية ضده، أو عدم إعطائه شهادته الدراسية، أو توبيخه باستخدام كلمات غير لائقة، والثاني: نظام حماية الطفل من الإيذاء، الذي أقره مجلس الوزراء السعودي، وهو يشمل طلاب المدارس بوصفهم أطفالاً، لأن الطفل نظاماً هو من لم يتجاوز 18 عاماً، وبالتالي فالإهمال الصادر من المدرسة، ينظر إليه كاعتداء بالأذى على الطفل، والثالث: نظام التعليم نفسه، ومحاسبته للمدير والمعلم من الجنسين، في حالة عدم استجابتهما بشكل سريع، لحماية الطفل من الإيذاء، وتعتبر هيئة حقوق الإنسان السعودية، أن من أشكال إيذاء الطفل وإهماله وجوده في بيئة تعرضه للخطر أو سوء المعاملة، أو للتحرش به أو استغلاله، وكل ما سبق يحدث في نسبة، لا بأس بها، من المدارس الأهلية والخاصة، ولا يأخذ حقه من الاهتمام، مع أنه يدخل ضمن مسؤولياتها الأساسية التي تتحمل نتائجها، والأعجب أنها تدرج في عقودها مواد تفيد بتنازل ولي الأمر عن هذه الحقوق، رغم مخالفتها الصريحة للأنظمة والتعلميات المحلية قبل غيرها. بعض القانونيين السعوديين لديهم رصد لافت لهذه الإشكالية، وهم يرون بأن عقود المدارس الأهلية والخاصة، تحتاج لإعادة ضبط ومراجعة، وبما يقيد من استثمارها في عدم إلمام أولياء الأمور بالأنظمة الخاصة بحقوق أطفالهم، وقيامها بوضع بنود قد تضر بمصالحهم، مثل: عدم تحميل المدرسة مسؤولية تدهور الوضع الصحي لأطفالهم داخلها، أو القبول بحرمانهم من الشهادة، أو من دخول الاختبارات، عند التأخر عن دفع الرسوم، أو ربط استمرارهم في الدراسة بالحصول على درجة معينة، والأخيرة مقبولة نسبياً ولكن بشروط، كأن يتم توظيف نظام (التعليم المتمايز)، وهو يقوم على مراعاة الفروقات الفردية بين الطلبة من الجنسين، وبحيث يتم تكييف المنهج وتعديله أو تغييره، واستحداث طرق تعليم تناسب أسلوب الأطفال في التعلم، بحسب قدراتهم واختلافاتهم، وما قيل لا يعني إقصاء البقية، والأفضل تقسيم الكل لمجموعات، يتم التعامل معها حسب إمكاناتها المعرفية. المدارس الأهلية والخاصة مطالبة من الناحية القانونية بمجموعة من الأمور، أهمها، حفظ حقوق الطلاب مع إدارة المدرسة والمعلمين، وتحييد التعديات المحتملة من المعلمين على الطلبة والعكس، بالإضافة إلى تجاوزات الطلبة فيما بينهم، وللعلم أسلوب العقود المكتوبة بصيغة موحدة قد يكيفها القضاة في المملكة باعتبارها من (عقود الإذعان)، وهذا النوع التعاقدي يجوز الحذف منه، ومن ثم المحاسبة عليه قضائياً، ولمصلحة المتعاقد معه. في سبتمبر 2022، عقدت الأممالمتحدة قمة تحويل التعليم، بمشاركة من الدول العربية، وتم خلالها التوافق على خطة عمل لمواجهة التحديات التعليمية، من بينها، ضمان الأمان المدرسي للطفل، وحمايته من العنف أو التحرش، ومعه تأهيل المعلمين والمعلمات مهنياً لمواكبة المستجدات في مجال عملهم، ويكون السابق عن طريق الحضور المنتظم للدورات وورش العمل القصيرة، وبما يرفع من جودة التعليم والمعلم معاً، ولا يجب في كل الأحوال المتاجرة بالتعليم أو التعامل معه كسلعة، لأن هذا الأسلوب العقيم سيكون على حساب جودة المخرجات التعليمية، التي لن تجد فرصتها في سوق العمل المحلي. التوطين مهم وضروري ومطلوب، لولا أن قلة من القيادات التربوية السعودية، وتحديداً في المدارس الأهلية والخاصة، تسيء إليه، وتتعامل مع الطلبة وأولياء امورهم وكأنهم زبائن في مزاد، وبمنطق خذ الشيء على علاته، أو اتركه على حاله وابحث في مكان آخر، ولدرجة حولت المدارس التي يديرونها إلى بيئات سامة لا تطاق، والأصعب أنهم يضعون المستفيدين من خدماتهم في موقع الخصم، ويتغولون عليهم، حتى أنهم بدؤوا في التحسر على القيادات الأجنبية، التي تمت إزاحتها لتمكينهم، ولا أعمم، فهناك نماذج مشرفة ومتفوقة في مدارس كثيرة، والمهم هو إصدار تنظيم لمواجهة حالات التنمر اللفظي والجسدي، من قبل أطراف العملية التعليمية، بجانب تنمر إدارات المدارس على الطلبة وأولياء أمورهم، عن طريق إساءة استعمالهم لسلطاتهم التربوية، وتفعيل دور لجان التوجيه والإرشاد الطلابي بالمدارس غير الحكومية، مع ربطها تنظيمياً وإدارياً بوكالة التعليم الأهلي في الوزارة. لا أحد يشكك في حرص وزارة التعليم، على إقرار الأنظمة والقوانين التي تكفل حماية الطلبة من الجنسين، وما تقوم به مشكور ومقدر، والمشكلة في عدم احترام المدارس الأهلية والخاصة لمجهودات الوزارة، فيما يتعلق بضرورة تعريف الطلبة على حقوقهم وواجباتهم كاملة، ومعها طبيعة التجاوزات الممكن حدوثها من الكادر التعليمي، أو من زملائهم في الصف الدراسي، وبما يمكنهم من الإبلاغ عنها بمجرد حدوثها، ويحول دون تكرارها، ويضمن محاسبة المتسبب، وفق آلية التدرج العقابي المعمول بها لكل الأطراف.