تسعى المملكة العربية السعودية من خلال رؤية 2030 إلى إحداث تحول اقتصادي شامل يقلل من الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات، ويعزز التنوع الاقتصادي، ويضع المملكة في مصاف الاقتصادات العالمية المتقدمة. ومن بين الأهداف الكبرى التي نصت عليها الرؤية رفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من 600 مليار ريال إلى ما يزيد على 7 تريليونات ريال سعودي، وهو هدف طموح يعكس الرغبة في بناء اقتصاد استثماري عالمي يعتمد على قوة الصندوق بوصفه ذراعًا سياديًا رائدًا في العالم. تحقيق هذا الهدف لم يكن مجرد شعار، بل جاء من خلال خطط استراتيجية واضحة اعتمدت على توسيع نطاق الاستثمارات وتنويعها داخل المملكة وخارجها، فقد ركز الصندوق على الاستثمار في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة المتجددة، والتقنية، والذكاء الاصطناعي، والسياحة، والترفيه، والعقارات، إلى جانب استثماراته الدولية في الشركات الكبرى والمشاريع الواعدة، هذه الخطوات أسهمت في زيادة العوائد المالية وتعزيز مكانة الصندوق كأحد أكبر صناديق الثروة السيادية عالميًا. ولعل أهم ما يميز مسار الصندوق هو مساهمته المباشرة في دعم الاقتصاد الوطني عبر تمويل مشاريع ضخمة مثل "نيوم"، و"البحر الأحمر"، و"القدية"، إلى جانب دوره في تحفيز القطاع الخاص وتوفير فرص عمل جديدة. كما أسهم الصندوق في جذب الاستثمارات الأجنبية عبر شراكاته العالمية، مما يعزز مكانة المملكة كوجهة استثمارية آمنة وواعدة. من وجهة نظري، فإن هذا الهدف يعكس نقلة نوعية في التفكير الاقتصادي للمملكة، حيث انتقلت من نموذج يعتمد بشكل أساسي على العوائد النفطية إلى نموذج استثماري عالمي يضمن استدامة الإيرادات وتنويع مصادرها. وأرى أن نجاح الصندوق في تحقيق هذا الهدف يعني أن المملكة لن تكون فقط منتجًا للنفط، بل لاعبًا عالميًا في الأسواق المالية والاقتصادية. كما أعتقد أن تركيز الصندوق على الابتكار والتقنيات الحديثة خطوة في الاتجاه الصحيح، لأنها ستجعل المملكة أكثر قدرة على المنافسة عالميًا، خاصة في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة. إن الاستثمار في المستقبل الرقمي والطاقة النظيفة يعكس وعيًا استراتيجيًا بالمكانة التي ينبغي أن تحتلها المملكة في الاقتصاد العالمي. وأرى أيضًا أن التوسع في الاستثمارات المحلية، لا سيما في مشاريع البنية التحتية والسياحة، سيعود بفوائد مباشرة على المواطنين من خلال خلق فرص عمل وتحسين جودة الحياة، ما يجعل هذا الهدف ليس اقتصاديًا فحسب، بل اجتماعيًا وتنمويًا أيضًا. كما أن الوزارات المعنية بدورها لم تكن بعيدة عن هذا الحراك، إذ عملت وزارة الاقتصاد والتخطيط على تهيئة السياسات الداعمة للاستثمار، فيما ساهمت وزارة السياحة ووزارة الطاقة في فتح مجالات جديدة أمام الصندوق من خلال مشاريع تتناغم مع استراتيجيته. كما دعمت وزارة المالية بيئة تشريعية ومالية مستقرة ساعدت على جذب المزيد من الشراكات والاستثمارات. وختاماً.. إن رفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة إلى ما يزيد على 7 تريليونات ريال سعودي ليس مجرد هدف مالي ضمن رؤية 2030، بل هو ركيزة أساسية في بناء اقتصاد وطني مستدام ومتنوع، وقد أظهر الصندوق بالفعل تقدمًا ملحوظًا نحو تحقيق هذا الهدف عبر مشاريعه الضخمة وشراكاته العالمية، بدعم من الوزارات والقطاعات ذات الصلة. ومن المتوقع أن يسهم هذا الإنجاز في ترسيخ مكانة المملكة كقوة اقتصادية عالمية، ويجعل من رؤية 2030 واقعًا ملموسًا ينعكس إيجابًا على حياة المواطن ومستقبل الوطن.