تعد سباقات الهجن، واحدة من أعرق الرياضات التي تجسد أصالة التراث السعودي، وهُويّته التي تحكي قصة أصالة تتبلور في جميع الأزمنة وتشع من عمق الحداثة. انطلقت هذه الرياضة منذ مئات السنين جزءاً من الحياة اليومية في الصحراء، حيث كانت الهجن رفيقة الدرب، والمؤنسة في طيِّ المسافات، وعلى ظهورها تغنوا بألحان الهجيني، وحداء الحادي على أكوارها. مع مرور السنين، تحولت من وسيلة للحياة اليومية، إلى رياضة تحتضن الحماس والتنافس؛ لتصبح رمزاً ثقافياً بارزاً يعكس هُويتنا ويعزز مكانة تراثنا الوطني عالمياً. لم تعد هذه الرياضة تُمارس في النطاق المحلي وحسب، بل تحولت لرياضة عالمية، تجذب المتنافسين من مختلف دول العالم، فأصبحت البوابة التي تنقل الحضارة، وتسوق للثقافة وتختصر المسافة. رياضة الهجن تجسد العادات والتقاليد الأصيلة وتعزز تواجدها؛ إذ ترتبط بكل تفاصيلها بالهوية السعودية، من التسمية، مروراً بتدريبها، ووصولاً إلى الاحتفالات التي تواكب الانتصارات. تمثل سباقات الهجن رمزية ثقافية، ومصدراً مهماً للترفيه، حيث تجمع عشاق الرياضة من مختلف الأعمار؛ لمشاهدة هذه المنافسات التي تجمع بين السرعة والإقدام، والبراعة في تجهيزها، ومتابعة الحدث على أرض الوقع؛ للتعرف على هذه الرياضة عن قرب إذ لا تقتصر المعرفة على التعلم الجاد. يثبت مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن في نسخته الثانية، الذي يُقام على أرض ميدان الجنادرية للهجن بالرياض مدى تأثير هذه الرياضة في الكثير من مناحي الحياة ثقافياً واقتصادياً. عمر هذا الميدان أكثر من 40 عاماً، إذ يعتبر شاهداً حياً على تاريخٍ وإرثٍ ممتد عبر الزمن، وذاكرة تحفظ تطوراً مستداماً لرياضة حملت أمجاد الماضي وتطلعات المستقبل. أصبح المهرجان وجهة ترفيهية تجمع بين السباقات الرياضية والأنشطة الثقافية والترفيهية، ما جعله جاذباً للعائلات والسياح على حد سواء. تحولت رياضة الهجن إلى منصة عالمية تعكس أصالة الثقافة السعودية، متجاوزة نطاقها المحلي لتؤدي دوراً محورياً في الترويج للتراث الوطني على الساحة الدولية. تسهم هذه السباقات في تعزيز الوعي بالإرث الثقافي للمملكة، وجذب المهتمين بالسياحة التراثية، مما يعزز مكانتها كوجهةً رئيسة لرياضات الأصالة والتقاليد العريقة. يميز سباقات الهجن هذا التوازن بين الأصالة والتطور، مع قدرتها على حفظ جذورها الثقافية ومواكبة التطورات المستحدثة؛ فمن خلال الاستثمار في تحسين البنية التحتية للمضامير وتنظيم الفعاليات بطريقة احترافية، استطاعت هذه الرياضة أن تجمع بين الترفيه والترويج الثقافي بطريقة تلائم تطلعات الأجيال الجديدة. الهجن حكاية أصالة وتراث، تتحدث عن عمق الثقافة السعودية، وارتباطها بجذورها كما تعزز في ذات الوقت الهوية الثقافية، وتعيد تعريف التراث السعودي في عيون العالم، لتبقى شاهدة على عراقة الماضي وتجدد المستقبل، ومساراً للاقتصاد الثقافي.