الأحمدي يكتب.. في مثل هذا اليوم انتصر الهلال    الجيش الأمريكي: تدمير 8 مسيرات تابعة للحوثيين في البحر الأحمر    ماكرون يتعهد بتقديم مقاتلات ميراج إلى أوكرانيا    الحقيل يفتتح مركز دعم المستثمرين بالمدينة المنورة ويتفقد عدداً من المشاريع البلدية    وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    ابتداءً من اليوم.. حظر دخول واستخدام أسطوانات الغاز المسال بالمشاعر المقدسة خلال حج عام 1445 ه    الفريق سليمان اليحيى يقف على سير العمل بصالات الحج بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة    جمعية تعلم ومركز إشراقة يختتمان الدورة الشرعية الثامنة لنزلاء سجن المدينة    أغنيات الأسى    لاعبون بكلية مزروعة    الصيف الساخن يعكر نومك.. 3 نصائح تساعدك    هل نجح الفراعنة في علاج سرطان المخ قبل 4 آلاف عام؟    "بوليفارد رياض سيتي" و" أريناSEF " تستضيف كأس العالم للرياضات الإلكترونية    "ابن نافل" يسعى لكرسي رئاسة الهلال من جديد    "الأخضر" يتغلب على باكستان بثلاثية ويتأهل للمرحلة النهائية لتصفيات مونديال 2026    "الأخطبوط" عبادي الجوهر.. "أرينا" أكبر تكريم والسعودية نعمة    وفد من مجموعة البنك الدولي يزور هيئة تقويم التعليم والتدريب    "الأرصاد": موجة حارة على منطقة المدينة المنورة    وزير التعليم يرعى جائزة الفالح للتفوق العلمي والإبداع    موعد مباراة السعودية القادمة بعد الفوز على باكستان    «سدايا» تنال شهادة مواصفة الآيزو «iso 42001» العالمية    كوبا تعلن أن غواصة نووية روسية سترسو في هافانا الأسبوع المقبل    القطاع الخاص والاستثمار في الفضاء الخارجي    ذبّاح نفسه ما ينبكى عليه    قرض تنموي سعودي بالسلفادور ب83 مليون دولار    وزير التعليم يتفقد القطاع التعليمي بمحافظة الزلفي    الموارد البشرية: إجازة العيد 4 أيام تبدأ من يوم عرفة    مع التحية إلى معالي وزير التعليم    كيف تبني علامة تجارية قوية عبر المحتوى ؟    الركن الخامس.. منظومة متكاملة    انطلاق فعاليات الهاكاثون المصاحب للمنتدى الأول للصحة والأمن في الحج    فضائل الدول الصناعية وعيوب من عداها    «التحيّز».. الداء الخفي    عمارة الحرمين.. بناء مستمر    بحضور وزير الاستثمار ومحافظ الزلفي.. وزير التعليم يرعى حفل جائزة الفهد لحفظ القران    أشهُرٌ معلومات    بن فرحان يبحث مع نظيريه السويسري والكندي مستجدات الساحة    بن نافل يُعلن ترشحه لرئاسة الهلال    الاتفاق يُحدد موقفه من فوفانا وجوتا    إنجازات رائدة    حفلات التخرج.. من الجامعات إلى رياض الأطفال    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تدشن مسرحها الجديد بأحدث التقنيات المسرحية    أمير القصيم يكرّم البشري بمناسبة حصوله على الميدالية الذهبية    وقوف امير تبوك على الخدمات المقدمة في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    رئيس "كاكست" يطلق مبادرات طموحة لتوطين صناعة تصميم الرقائق الإلكترونية بالمملكة    اختصار خطبة الجمعة بالحج لشدة الحرارة    نجاح فصل التوأم السيامي الفلبيني "أكيزا وعائشة" بعد عملية استغرقت 5 ساعات    بجراحة دقيقة مركزي بريدة يستأصل ورما نادراً ضاغطا على الأوعية الدموية    أمير القصيم يقف على جاهزية مدينة حجاج البر    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    "العُلا" سحر التنوع البيئي والتراث    انطلاق أيام البحر الأحمر للأفلام الوثائقية    وزير الدفاع يبحث مع العليمي مساعي إنهاء الأزمة اليمنية    رئيس الشؤون الدينية يدشن دورة "هدي النبي في المناسك"    نائب رئيس جامبيا يزور المسجد النبوي    المملكة تدين اقتحام عدد من المسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأعضاء الكنيست ومستوطنين متطرفين للمسجد الأقصى    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموازنة لدى الباقلاني
نشر في الرياض يوم 08 - 03 - 2024

على مدار التاريخ الأدبي والنقدي حازت قضية الموازنة بين الشعر والقرآن على اهتمام البلاغيين والنقاد، وتنوعت آراؤهم واتجاهاتهم في تناولها من عدة أوجه، وقد ألف العلماء في وجوه إعجاز القرآن، مؤكدين أنه لا نهاية لوجوه إعجازه، ومن هؤلاء النقاد محمد بن الطيب الباقلاني (ت 403ه) في كتابه (إعجاز القرآن)، حيث أكد أن نظم القرآن مغاير لجميع وجوه النظم المألوفة عند العرب، ومباين لأساليب خطاباتهم، ويعد كتابه من أبرز كتب المتقدمين في تناول مسألة الإعجاز القرآني، وردِّ شبه المغرضين المشككين في النظم القرآني، وردَّ بشراسة على كل من سولت له نفسه الطعن في القرآن الكريم.
وقد قسَّمَ الباقلاني البلاغة إلى ثلاث طبقات، وعد بلاغة القرآن الكريم في قمتها وأعلاها؛ وهو أعلى مراتب البيان، مبرراً ذلك بقوله: «الكلمات السامية، والحكم البالغة، والمعاني الشريفة، تعلم ورودها عن الإلهية ودلالتها على الربوبية وتتحقق أن الخطب المنقولة عنهم، والأخبار المأثورة في كلماتهم الفصيحة من الكلام الذي تَعلق بهم الهمم البشرية، وما تحوم عليه الأفكار الآدمية، وتُعرف مباينتها لهذا الضرب من القول».
وقد ركز الباقلاني - فيما ورد عن العرب من مأثور - على الشعر فاتخذه أنموذجاً ليبني نظريته في التفاوت بين القول البشري والقول الإلهي، ليخلص بالتالي - إلى أنَّ البيان القرآني المتمثل في طريقة أسلوبه الفريد، لا يدانيها طريقة ولا يماثلها بناء. يقول: «فإن أراد أن نقرب عليه أمراً، ونفسح له طريقاً ونفتح له باباً ليعرف به إعجاز القرآن فإنَّ نضع بين يديه الأمثلة، ونعرض عليه الأساليب، ونصور له كلَّ قبيل من النظم والنثر، ونخبره من كل فن من القول شيئاً يتأمله حق التأمل... ويقع له الفرق بين الكلام الصادر عن الربوبية، الطالع عن الإلهية... نعمد إلى شيء من الشعر المجمع عليه فنبين وجه النقص فيه وندل على انحطاط رتبته ووقوع أبواب الخلل فيه... ليعرف حدود البلاغة، وواقع البيان، والبراعة، ووجه التقدم في الفصاحة... ألا ترى أنَّ الشاعر إذا جاء إلى الزهد قصر، والأديب إذا تكلم في باب الأحكام، وذكر الحلال والحرام، لم يكن كلامه على حسب كلامه في غيره. ونظم القرآن لا يتفاوت في شيء ولا يختل في حال».
وحتى يزيد الأمر وضوحاً، والغاية جلاء وبياناً يعمد إلى تحليل قصيدتين الأولى لامرئ القيس في معلقته التي مطلعها:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللواء بين الدخول فحومل
والثانية قصيدة البحتري التي مطلعها:
أهلا بذلكم الخيال المقبل
فعلى الذي نهواه أولم يفعل
بوصفهما من الشعراء الفحول في عصرهما فقد فضلهما كثير من الكتاب والنقاد على غيرهما؛ إذ وقف الباقلاني على عوار هاتين القصيدتين، وأبان عن مواضع الخلل في نظمهما؛ ليبرهن أن نظم القرآن جنس مميز وأسلوب متفرد، منزه على المثيل أو الشبيه أو النظير. ولم يكتف بتحليل القصيدتين والإبانة عمّا فيهما من عيوب أو خلل، بل حلل في مقابلهما آيات من القرآن الكريم مبيناً ما فيها من بلاغة لا تتفاوت ولا تهبط، وذلك في سبيل تفضيله الأسلوب القرآني على الأسلوب البشري ولكنه مع ذلك، والحق يقال، ارتكب ألواناً من التعسف والتكلف، وأجهد نفسه في تمحل العيوب، ولكنه مع كل ذلك كان يصدر عن ذوق نقدي بارع. وقد خلص من خلال هذه الموازنة إلى أن بلاغة القرآن ترجع إلى أساليبه البلاغية العالية المعجزة، وإلى مفرداته بمدلولاتها وإيحاءاتها وحروفه المقطعة. فالقرآن كله معجز بنفسه عجز عن مجاراته فصحاء العرب وبلغاؤهم، والبلاغة اجتمعت في عشرة أقسام، هي التشبيه، والاستعارة، والإيجاز، والتلاؤم، والفواصل، والتجانس، والتصريف، والتضمين، والمبالغة، وحسن البيان، وقد اجتمعت كلها في القرآن، فالباقلاني نفى كل ما تقوّله المتقولون عن معادلة القرآن وموازنته بالشعر.
ومما سبق يمكن القول: إن كتابه يعد أول كتاب مصنف يرد على المشككين في قضية الإعجاز القرآني، وقد بلغ هذا الكتاب مكانة مرموقة، وشهرة ذائعة، لم يصل إليها كتاب غيره، ونال كثيراً من اهتمام الدارسين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.