تشير البيانات الصادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إن الناتج المحلي الإجمالي للمملكة وفقاً لمعادل القوة الشرائية Purchasing Power Parity، الذي يعكس القوة الاقتصادية الحقيقية لأي بلد، قد وصل العام الماضي 2022 إلى 2.228 تريليون دولار تقريباً. وعلى هذا الأساس جاء ترتيب بلدنا 16، كأكبر اقتصاد في العالم. ووفقاً لتقييم الناتج المحلي الإجمالي لبلدان العام حسب المعادلة المذكورة (PPP)، فإن أهم الدول التي جاءت قبلنا وشغلت أكبر 5 اقتصادات في العالم، كانت الصين، والولايات المتحدة، والهند، واليابان وروسيا. في حين جاءت ترتيب إندونيسيا 7 والبرازيل 8. اما فرنسا والمملكة المتحدة فقد جأتا بعدهما وشغلتا المركز ال 10 و 11 على التوالي. أما الدول التي جاءت بعدنا، فإن من أهمها كندا التي أصبح ترتيبها 17 مباشرة خلفنا. وكندا، مثلما نعرف، محسوبة على مجموعة السبعة الكبار G7. الأمر الذي يعني إن العالم يعيش متغيرات كبيرة وحراك تكتوني في صفائح الاقتصاد. كذلك، فإن فيتنام وبنغلاديش، هي من أهم الدول في القائمة، حيث شغلتا ترتيب 23 و 24 على التوالي. فهذان البلدان، اللذان ينمو اقتصادهما بسرعة، مرشحان للتحول خلال 15 عشر عاماً القادمة إلى إثنين من أهم وأكبر الاقتصادات في العالم. إن موقعنا في النظام العالمي، سوف يحدده وزن اقتصادنا في هذا العالم. والمملكة اليوم ليس فقط أكبر سادس عشر اقتصاد في العالم، وإنما ضمن العشرة الأوائل من حيث احتياطات الذهب والعملة الصعبة التي وصلت مؤخراً إلى 442.2 مليار دولار. ولذلك، فإن المملكة المرشح اقتصادها للتطور خلال ال 15 عاماً القادمة إلى مستويات متقدمة، سوف تتحول إلى لاعب ً ليس فقط في المجال الإقليمي وإنما العالمي أيضاً. وقد رأينا قبل أسبوعين تقريباً، كيف تحولت جدة إلى مدينة يتطلع لها كافة العالم، عندما عقدت فيها الجلسة التشاورية المخصصة للسلام في أوكرانيا. ففي هذا الاجتماع برهنت الدبلوماسية السعودية عن باعها الطويل. فهي قد تمكنت من جمع كافة الأطراف ومشاريع السلام حول أوكرانيا- والتي تتناقض أحياناً مع بعضها البعض- وذلك عندما وافقت الصين على حضور الاجتماع، الذي مثلها فيه لي هوي المبعوث الصيني الخاص لشؤون منطقة أوراسيا والسفير السابق لدى روسيا. وهو الشخص نفسه الذي حمل في مايو الماضي، أي قبل 3 أشهر، المبادرة الصينية للسلام في أوكرانيا إلى الأطراف المعنية بها. الأمر الذي يعني أن اجتماع جدة، قد تحول إلى عصف ذهني بين كافة المشاريع العالمية للسلام في أوكرانيا. وهذا إنجاز كبير سجلته المملكة باعتراف الجميع. بالفعل، فكلما تقدم موقعنا الاقتصادي، كلما تعدد شركائنا التجاريين، وكلما أصبحت المملكة مهتمة بالمشاكل والتناقضات العالمية التي تؤثر على اقتصادنا بصورة أكبر. ولهذا فإن بلدنا في المستقبل، سوف يصبح مهتم أكثر فأكثر بالمساهمة في حل تلك التناقضات التي تعيق التبادل التجاري وتدفق الاستثمارات علينا من كافة أنحاء العالم.