الدراسة عن بعد، هي حياكة لنفس قميص التعليم ولكن بطريقة مبتكرة جاءت اضطرارًا على أمل نجاحها، كل الأُسر تعيش مخاض التجربة، لا أحد منهم على يقين تام بأنها ستكون خيارا جيدا لأبنائه لكنه ليس على يقين أيضًا بفشلها، الفكرة في طور التشكّل، والجميع بمن فيهم منسوبو وزارة التعليم في حالة ترقب، هناك حالة استنفار ذهني لدى الجميع، والتقنية بما فيها من الميزات والإيجابيات إلا أنها لم تصبح مؤهلة تمامًا للقيام بكافة أدوار البشر، هي العصا التي نتوكأ عليها في مسارب القرن الجديد، وهي اللغة الحديثة ضمن لغات الحياة المتطورة. بدأت وزارة التعليم باتخاذ قرار الدراسة عن بعد، ثم هيّأت المدرسة الافتراضية الضخمة إلكترونيًا، ثم دعت للتسجيل فيها، ثم أوضحت آلية العمل، ثم أطلقت الدورات التدريبية عليها، ثم استعانت بكل الجهات التكافلية لمساعدة الأسر المحتاجة على التغلب على معوقات الانضمام للتجربة، كل هذا ونحن لم نصل بعد لنهاية الشهر الأول، المهمة صعبة ومعقدة وجديدة، لكنها ليست مستحيلة، لا نزال نرصد أصداء الشراكة المنزلية من قبل أولياء الأمور مع معلمي الطلاب، الكل يسعى للتكامل وتقليص فجوة الفراغ، الكل يشعر بأن الأمور جادّة. أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة، انطلق قطار حياتهم التعليمية من جديد، لكنهم لم يغادروا المنزل، هم مدعوون إلى الشعور بالمسؤولية وتحملها في الحياة؛ وحده الجماد الذي لا يتغير ولا يتعايش ولا يتطور، الخوف والتذمر والتهاون ورمي الأعذار في طريق الخلاص من المسؤولية ليست لغة ناضجة، وكلما كان الإنسان على استعداد نفسي لتقبّل الظروف الصعبة فإنه سيكون أكثر تقبلاً لتبعاتها، لا أحد يمكنه القول إن البيئة المدرسية لم تعد المكان الأنسب للطالب، لكن لا أحد يمكنه التعامي عن الحلول الأخرى، المهم في هذه المرحلة ألا يتوقف القطار. بقدر ما كانت التجربة جديدة ومحفزة وتفاؤلية، بقدر ما صنعت وبلورت مشهدًا جيدًا يعكس مكانة المعلم في المجتمع، حين نستعيد مشهد البداية لكل عام دراسي بنشاط وحيوية وكفاءة، الجميع أدرك بشكل تام أن المعلم لم يكن يومًا رقمًا عاديًا يمكن تجاوزه، الجميع يشارك في بعض المهمة، بينما كان يحملها المعلم على عاتقه وحده. شخصيًا أتمنى نجاح التجربة، التحول الرقمي قادم، الحياة لن تستمر على وتيرة واحدة، حتى لو انتهت الظروف القسرية، ينبغي أن تكون هذه الخطوات الجبارة أساس متين لما يُبنى عليها من تطلعات، هذا الجيل هو جيل رقمي بامتياز، لا أدعو إلى تهميش دور المدرسة والبيئة المدرسية، هي الأصل، فلتكن منصة مدرستي رافدا ثريا يضيف ويطوّر ويسهّل، ويرفع جودة الحياة. كلل الله جهودكم جميعًا بالتوفيق، ووفقنا جميعًا لما فيه الخير، وعام دراسي جميل بإذن الله.