- الرأى - رؤي مصطفى- الرياض : في مساء يليق بالحرف حين يتحول إلى شعور، احتضنت محمصة كنف بمحافظة المجمعة أمسية أدبية جاءت كمساحة للتأمل في صوت المرأة داخل القصيدة العربية، وذلك عبر الشريك الأدبي وتحت إشراف هيئة الأدب والنشر والترجمة، بعنوان «حين يصبح الحرف شعورًا.. المرأة في الشعر العربي»، بمشاركة الأديبة عنبر المطيري، وحوار هتون التويجري، وبتنسيق منيرة القرملة، وسط حضور ثقافي لافت. لم تتعامل المطيري مع الشعر بوصفه سجلًا زمنيًا فحسب، بل ككائن حي يتشكل مع تحولات الوعي والذات. فاستعرضت حضور المرأة في الشعر العربي عبر العصور، بدءًا من الجاهلي، مرورًا بالإسلامي والأموي والعباسي، وصولًا إلى العصر الحديث، متوقفة عند خصائص الجمالية والفنية التي جعلت من القصيدة النسائية فضاء للاعتراف، والمقاومة، وإعادة تعريف الصوت والهوية. وفي قراءتها للنماذج الشعرية، بدا الشعر النسائي كحوار طويل بين الذات والعالم؛ من الخنساء تماضر بنت عمرو، حيث يتحول الرثاء إلى فلسفة في الفقد، مرورًا بهند بنت عتبة والأخيلية وعريب المأمونية، وصولًا إلى أصوات حديثة مثل غادة السمان وروضة الحاج، حيث تتخذ القصيدة شكل السؤال الوجودي والبوح الإنساني، وتغدو اللغة أداة لاكتشاف الداخل قبل وصف الخارج. أما في محور الشعر الحديث، فقد توقفت المطيري عند تجربتها الشخصية، وقصائدها الأقرب إلى وجدانها، بوصفها امتدادًا لسلسلة طويلة من الأسئلة التي طرحتها المرأة عبر الشعر: عن الحرية، والذاكرة، والمعنى. كما استعرضت نماذج من قصائد شاعرات سعوديات، من بينهن دلال المالكي، وفاطمة الشهري، وهند النزاري، وأميرة صبياني، مؤكدة أن المشهد الشعري النسائي في المملكة لم يعد هامشيًا، بل أصبح فاعلًا ومتنوعًا في رؤاه وأساليبه. وتحولت الأمسية إلى حوار مفتوح بين المنصة والحضور، حيث أسهمت المداخلات والأسئلة في تعميق النقاش حول موقع المرأة في القصيدة العربية، ليس بوصفها موضوعًا شعريًا، بل ذاتًا كاتبة تعيد صياغة علاقتها باللغة والعالم. وفي ختام الأمسية، عبر المنظمون عن شكرهم لمقهى كنف والقائمين عليه، تقديرًا لدورهم في احتضان الفعل الثقافي، وفتح مساحات تجعل من الأدب فعلًا حيًا، ومن الشعر نافذة للتفكير في الإنسان، حين يكتب ذاته بصوت صادق.