لم تكن الأمسية الشعرية النقدية التي أقيمت في نادي المدينةالمنورة الأدبي الأسبوع الماضي، كما اعتاد الحضور والأعضاء. وربما يكون السبب في اختيار أستاذة الأدب والنقد في كلية التربية للبنات في المدينةالمنورة أسماء ابوبكر أحمد"النص في حرملك النساء"عنواناً، شد معظم الحضور من قسم الرجال الذين تابعوا الأمسية عبر الشبكة التلفزيونية، وقسم النساء الذي ضم أديبات ومثقفات ومهتمات. وتقول المحاضرة التي تساءلت:"كيف نقدم رؤية نقدية لتأسيس منهج أو اتجاه للأدب النسوي؟"، إنها تفضل مصطلح"النسوي"، أفضل من"النسائي"، لأنه يتصل بالمسارات الفكرية أكثر من مصطلح"النسائي"على حد تعبيرها. وأوضحت أن"الحرملك"هو مكان تجمع حريم السلطان من الجواري، ووصفته بأنه المكان الذي يشد الرجل ليلهمه، مبررةً ذلك برؤية تعد متطرفة بعض الشيء، وفلسفية من جهة أخرى، رابطة ذلك بأن الحرملك المكتظ قديماً بالجواري الملهمات للشاعر أو السلطان، هو الشعر الحديث الذي نظرت من خلاله إلى الكتابة الرجالية بالقلم النسائي،"وأن القصيدة النسوية تتشابه في بعض أنماطها، مع فكرة جاريات السلطان، مع أن القصيدة النسوية الحديثة تؤثر في وتستقطب النص الفحولي لتستدرجه في حرملكها". وتناولت أبو بكر في الأمسية ظهور عناصر فنية في نص المرأة والرجل، مهما تنوع يتم فيها تأنيث النص،"الذي لا يعني أن كل ما تكتبه المرأة يعتبر نصاً أنثوياً، لتُميَز المرأة بالكتابة على لسان الرجل وبراعتها في ذلك، مقارنة بالرجل الذي لو كتب بقلم المرأة، فلن يكتب بعاطفتها فهي تكتب برؤية شفافة عاطفية تتمازج مع العقل". كما تدرجت الأمسية بربط نص الشعر بالنسق الثقافي العام،"من دون قيام تحول جذري في الأنماط الاجتماعية، وذلك لإيجاد أدب نسائي هو المنوط بهذه المسؤولية، فالمرأة هي من ارتبطت بمعظم المواضيع الاجتماعية أكثر من الرجل، تبعاً لأيديولوجيتها وفسيولوجيتها التي خلقها الله بها". وطالبت المحاضرة بعدم الفصل الفئوي في الأدب، وتصنيف المجتمع بين كتابة نسائية وفحولية،"لأن المرأة كيان متكامل كالرجل". وقدمت الأمسية نقداً حول ما تكتبه المرأة،"وأن ليس كل نص أنثوي يعد كتابة أدبية بأسس متقنة، لأن المستوى الفني غالباً ما يكون ضعيفاً لتطرق المرأة بالجرأة عالم الأدب، مطلقة عليه بعملية كشف المستور وهو أدب"الاجتراح"الذي يتجاوز مقص الرقيب، فليس بكتابة اسم الكاتبة فقط يشتهر النص، لأن ذلك من شأنه أن يقلل من القيمة الفنية للأدب، عندما يتلمس المستور ويكشفه، فتخلي المرأة عن حيائها يسقط النص مهما كان واقعياً". كما أعطت الناقدة أبو بكر بعض الأمثلة من الشعر النسائي الحالم، والشعر الفحولي -كما سمته - على لسان المرأة كشعر محمد درويش. الأمسية كانت هادئة لا يستمع فيها الا لصوت المحاضرة، حتى أنها ظنت أن الحاضرات مللن، مع أنهن استمتعن بنشوة الأنوثة التي كانت سيدة الموقف، بطرح شيق مليء بالانحياز النسائي إن صح التعبير، لتقول في نهاية الأمسية"علينا النداء بتفعيل دور المرأة الأدبي". ووعدت مسؤولة اللجنة النسائية أمل زاهد أن هذه الأمسية الأولى والأخيرة،"بل نريد أن نطبق ما قيل في هذه الأمسية في الأمسيات المقبلة، التي ستشارك فيها نساء المدينةالمنورة بأعمالهن الأدبية المكتوبة بروح وقلم نسائي بحت".