ألمانيا تدرس شراء أنظمة باتريوت من أميركا لصالح أوكرانيا    يانيك فيريرا مديرا فنيا للزمالك المصري    جمعية الدعوة بصبيا تُطلق الدورة العلمية الأولى لعام 1447ه بمحاضرة عن فضل العلم    وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة طارش بعد مسيرة فنية حافلة    محافظ صبيا يُدشّن حملة "لقمتنا ما تنرمي" للتوعية بأهمية حفظ النعمة في المناسبات    القبض على 3 يمنيين في جازان لتهريبهم (140) كجم "قات"    لقاء الهلال وفلومينينسي عبر شاشات البوليفارد سيتي    وزير الخارجية يلتقى وزير خارجية روسيا ويعقدان جلسة مباحثات رسمية    مجمع الملك سلمان وتنمية الحياة الفطرية يطلقان معجم "مصطلحات الحياة الفطرية"    نادي الصقور يعلن عن فعالياته في المملكة    استشهاد 19 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    انخفاض أسعار النفط مع تأكيد إيران التزامها بالمعاهدة النووية    السديس في خطبة الجمعة: الهجرة وعاشوراء دروس في اليقين والشكر والتوكل على الله    سمو ولي العهد يستقبل سمو نائب حاكم أبوظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي    إحباط محاولة تهريب 646 ألف حبة من مادة "الإمفيتامين" المخدر مُخبأة في إرسالية    وفد وزارة الرياضة يختتم مشاركته في منتدى "مراكش عاصمة شباب العالم الإسلامي 2025"    الاتفاق يبيع عقد غراي    فراس آل الشيخ، المدير الإقليمي لشركة ريد هات في المملكة: بناء المستقبل الرقمي للمملكة.. دور "ريد هات" في تمكين الابتكار والأمن السيبراني    قتيلة في جنوب روسيا    استمرار الرياح النشطة على معظم مناطق المملكة    الدولار يتماسك أمام اليورو والين    الهلال يواجه فلومينينسي البرازيلي    أمين منطقة القصيم يتفقد مشروعي امتداد طريق الأمير محمد بن سلمان وطريق الملك سعود بمدينة بريدة    بلدية عنيزة تُطلق مهرجانيّ «كرنفال السعادة» و«صيف عنيزة» بالتعاون مع القطاع الخاص بمتوسط حضور يومي يتجاوز 8000 زائر    جمعية الكشافة تختتم مُشاركتها في ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم والتدريب    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تطلق فعاليات برنامج أولمبياد أبطالنا 2025    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر يونيو 2025    بلدية محافظة الأسياح تنفذ 4793 جولة رقابية في النصف الأول لعام2025م.    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    قطاع أحد رفيدة الصحي يُفعّل "اليوم العالمي للبهاق" و "اليوم العالمي لإضطراب مابعد الصدمة"    الإسباني"إيمانويل ألغواسيل"مدرباً للشباب    محمد بن عبدالرحمن يُشرّف حفل سفارة الفلبين لدى المملكة    نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة أبناء عبدالعزيز السالم    إنقاذ طفل ابتلع حبة بقوليات استقرت في مجرى التنفس 9 أيام    فرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية ينظم ندوة للتوعية بخطر المخدرات    "ملتقى خريجي الجامعات السعودية يجسّد جسور التواصل العلمي والثقافي مع دول البلقان"    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    رئيس جمهورية إندونيسيا يغادر جدة    أنغام: لست مسؤولة عما يحدث للفنانة شيرين عبد الوهاب    دعم النمو وجودة الحياة.. الرياض تستضيف"سيتي سكيب"    غندورة يحتفل بقران «حسام» و«حنين»    جامعة الملك سعود تحذر من خدمات القبول المزيفة    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    عقب تصريحات وزير العدل الإسرائيلي بأهمية ضم «الضفة».. تحذيرات أممية من مشروع «استيطاني استعماري»    وسط توترات إقليمية متصاعدة.. إيران تعلق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    استعرض التعاون البرلماني مع كمبوديا.. رئيس الشورى: توجيهات القيادة أسهمت في إنجاز مستهدفات رؤية 2030    49.4 مليار ريال إنفاق الزوار في الربع الأول    الإنجاز والمشككون فيه    «تسكيائي» اليابانية.. وحوار الأجيال    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    الأمير ناصر بن محمد يستقبل رئيس غرفة جازان    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    العثمان.. الرحيل المر..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبة عرفة.. الراحمون يرحمهم الرحمن
نشر في الرياض يوم 10 - 08 - 2019

توافدت جموع غفيرة من حجاج بيت الله الحرام منذ وقت مبكر إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات أمس لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً؛ اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة. وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته (110) آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن. وتقدم المصلين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية وسماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ومعالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، حيث ألقى عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ، خطبة عرفة - قبل الصلاة - استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر.
مشروعات الحرمين
وأكد عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ في خطبة عرفة أن من الجهود المشكورة مشروعات التوسعات في الحرمين الشريفين ومشروعات تهيئة المشاعر لأداء النسك وترتيب البنية التحتية بها وقد تتابع ملوك هذه البلاد على الاهتمام الفائق برعاية الحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين ابتداءً من عهد الملك الصالح عبدالعزيز رحمه الله وغفر له وأجزل مثوبته ثم أبنائه البررة سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رفع الله درجاتهم في عليين، وما نشهده الآن في عهدنا الحاضر من أعمال جليلة في هذه المواطن الشريفة يُسر بها كل مؤمن، سائلا الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويكون له ومعه مؤيداً وناصراً ومعيناً على كل خير، وأن يجزيه خير الجزاء على ما يقدمه من الخير والإحسان ويجعله من أسباب الهدى والخير والرحمة، ويبارك في ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ويجزيه خير الجزاء ويجعله سبب خير ورحمة للأمة كلها، وأن يوفقه لما يحب ويرضى.
الرحمة في الفتاوى
وقال فضيلته: بفضل رحمة الله تزكو النفوس وتتطهر قال تعالى: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، وقال (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي)، ويدخل الله المؤمنين الجنة برحمته كما في الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل أحد الجنة بعمله) قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال : (ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمة فسددوا وقاربوا)، وبرحمة الله يندفع عن الخلق أنواع من المصائب والشرور كما قال تعالى: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ)، وقال: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، سائلاً الله أن يكفينا شر عدونا الشيطان الرجيم برحمته قال تعالى: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا). وتابع فضيلته قائلاً: وهكذا تستمر رحمة المؤمنين بعضهم بعضاً إلى قيام الساعة، قال تعالى (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ).
وأهل العلم يرحمون من يستفتيهم اتباعاً لقوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، بل جميع المؤمنين يرحم بعضهم بعضًا كما في الحديث (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).
أساس العلاقات
وأضاف: وتشمل الرحمة جميع الخلق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، وقال (الراحمون يرحمهم الرحمن)، ومن فضله سبحانه أن جعل من أسس العلاقات الاجتماعية الرحمة رحمة الآباء والأبناء ورحمة بين الأزواج ورحمة بين القرابة وارحم فقال عن الوالدين (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)، وقال عن الأزواج والزوجات (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). واستطرد فضيلته قائلاً: وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتقبلون صبيانكم، فما نقبلهم، فقال صلى الله عليه وسلم: (أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة)، بل تستمر الرحمة حتى في التعامل مع البيئة والبهائم فدخلت بغي الجنة لما رحمت الكلب العطشان فسقته الماء، كما دخل رجل الجنة لما نحى غصن شجرة في ظهر طريق رحمة بالمسلمين لئلا يؤذيهم.
منطلق التعاملات
وقال فضيلته: لهذا ينبغي أن تكون الرحمة منطلقاً وأساساً في كل التعاملات البشرية يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والأنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها وأخر الله تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده)، ولرحمة الناس بعضهم بعضاً الآثار الجميلة والعواقب الحميدة ومنها تنشئ المحبة وبها ينتشر التسامح، وتسود الألفة، ويشيع بينهم التعاون، وللرحمة مجالات متعددة في حياتنا المعاصرة سواء في سن الأنظمة واللوائح أو استخدام وسائل المواصلات، أو الاستخدام الأمثل للتقنية أو وسائل الإعلام.
ومن مظاهر الرحمة ما نشاهده من رجال الأمن وجميع العاملين في هذه المشاعر في توجيه الحجيج ومعونتهم لأداء نسكهم خصوصاً في حق الكبير والعاجز والطفل الصغير وما ذاك إلا بالتوجيهات الكريمة التي يصدرها ولاة أمر هذه البلاد في سلسلة الجهود الكبيرة التي تقدمها حكومة المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وتقديم الخدمات العظيمة للحجيج والمعتمرين في جميع المجالات.
الإيمان والرحمة
وأوضح فضيلته أن الله سبحانه وتعالى أمر بإقامة خمس صلوات في كل يوم وليلة، وأمر بالزكاة وهي إخراج جزء معلوم من المال قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، وأمر بصوم شهر رمضان وبحج بيت الله الحرام وفي الحديث (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ) ودعاء صلى الله عليه وسلم بالرحمة للمحلقين في الحج ثلاثًا.
وأضاف أن من رحمته سبحانه أن جعل الإيمان سبيلاً لاستجلاب رحمة الله وطريقًا للنجاة فقال (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا)، وقد ذكر نبيه الرحيم صلى الله عليه وسلم أن أركان الإيمان ستة فقال (الإيمان أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ والْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ). وتابع يقول ومن رحمته سبحانه أن أرسل أنبياءه عليهم السلام إلى الناس ليكونوا رحمة للخلق أجمعين وقال تعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم -:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).
وقال سبحانه :(وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)، وقال في صف نبيه صلى الله عليه وسلم: (يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ)، ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة.
وقال فضيلته اسمع لقول الرحمن: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)، ومن رحمته سبحانه أن أنزل الكتب المشتملة على الشرائع المصلحة لأحوال الناس رحمة بهم قال تعالى: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، وقال سبحانه: (وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)، ولذا سار سلف الأمة من الصحابة فمن بعدهم سيرة الرحمة كما وصلهم الله بقوله (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)، كما كان أنبياء الله وأولياؤه يرحمون خلق الله قال تعالى: (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً)، وقال عن الخضر: (آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا).
أهمية التوحيد
وقال الشيخ حسن آل الشيخ في خطبته: الحمد لله الرحمن الرحيم، العفو الكريم، صاحب الرحمة الواسعة، والمتفضل بالنعم السابغة {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} وأشهد أن لا إله إلا الله لا يُعبد أحد بحق سواه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وأضاف فضيلته: أيها المسلمون اتقوا الله تعالى فإن في تقواه الفلاح في الآخرة، والنجاح في الدنيا قال تعالى: {وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}، وقال سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، وإن من تقوى الله أن نلتزم بالتوحيد الذي هو أعظم ما أمر الله به والتوحيد هو عبادة الله وحده، وقد خُلق الإنس والجن من أجله قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وكيف لا نُفرد الله بالعبادات وهو الذي برحمته أنزل الخيرات، وتفرد بإيجاد المخلوقات، وسيقف العباد بين يديه ليحاسبهم على ما فعلوه في العلن والخفيات قال تعالى: {مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، وقال سبحانه: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ}، وقال جل في علاه: {فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ} وانظروا أيها العقلاء إلى آثار رحمة الله في الكون قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}، وقال: {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقال سبحانه: {وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، وقال جل: { قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُل لِّلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}، وفي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عندهُ فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي). وتابع يقول: من رحمته سبحانه أن أكمل دين الإسلام كما قال عز وعلا في الآية التي نزلت في عرفة في هذا الموطن الشريف: { اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} هذا الدين العظيم الذي بُني على خمسة أركان، الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام وهذه الأركان من أسباب نزول الرحمات، فالشهادتان شهادة أن لا إله إلا الله ومعناها ألا يعبد أحد بحق إلا الله فنوحده بالعبادة، وشهادة أن محمدًا رسول الله فيطاع أمره ويصدق خبره ولا يعبد الله إلا بما جاء به.
استجلاب رحمة الله
وقال فضيلة الشيخ حسن آل الشيخ: هناك أسباب تستجلب بها رحمة الله فمن أسباب الرحمة التقوى كما قال تعالى: {اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }.
ومن أسباب الرحمة السماحة في التعامل قال النبي صلى الله عليه وسلم: {رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى وإذا اقتضى}.
ومن أسباب رحمة الله قراءة القرآن وتدارسه والاستماع إليه كما في الحديث، (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده)، وقال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} وقال: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
حسن الخلق
ومضى فضيلته قائلاً: ومن أسباب رحمة الله للعبد إحسانه للخلق كما قال تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}، وقال: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}، ومن أسباب رحمة الله للعبد سعيه في الإصلاح بين المتخاصمين كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). ومن أسباب نزول رحمة الله طاعة الله ورسوله كما قال سبحانه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، والصبر من أسباب نزول الرحمة قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، ومن أسباب الرحمة ما ذكره الله بقوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ}.
وأضاف أن من أسباب الرحمة ما ذكره سبحانه بقوله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ }، كما أن من أسباب نزول رحمة رب العالمين الإكثار من الاستغفار قال تعالى: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
القنوط من الرحمة
وقال فضيلته: أيها المسلم مهما كثرت ذنوبك فلا تقنط من رحمة الله فإن باب التوبة مفتوح قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، وقال: (وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)، ومن أسباب ذلك دعاء رب العالمين بإنزال رحمته كما قال موسى عليه السلام: (وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)، وكما قال سليمان عليه السلام: (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ). وأضاف: من دعاء الملائكة: (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، ومن دعاء أبوينا آدم وزوجه: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، وقال أصحاب الكهف: (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)، وقال تعالى: (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ). ومن دعاء الراسخين في العلم: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) .
موطن شريف
وخاطب فضيلته حجاج بيت الله قائلاً: إنكم في موطن شريف تستجاب فيه الدعوات وتنزل فيه الرحمات يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة). أخرجه مسلم، ولهذا رحمة بالمسلمين أفطر صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في حجه، ليتمكنوا من الذكر والدعاء، فأروا الله من أنفسكم، وأكثروا من دعائه بالرحمة والخير لكم ولمن تحبون ولمن لهم عليكم حق، وللمسلمين عامة بأن يصلح الله أحوالهم، وأن يتولى شؤونهم.
بيان المناسك
وقال فضيلة الشيخ حسن آل الشيخ: من الرحمة بيان المصطفى صلى الله عليه وسلم لمناسك الحج بفعله، فقد خطب صلى الله عليه وسلم في عرفة، ثم أذن فأقام، وصلى الظهر مقصورةً ركعتين، ثم أقام فصلى العصر مقصورةً ركعتين، بعد ذلك وقف في عرفة على ناقته يذكر الله، ويدعوه فلما غرب قُرص الشمس، سار إلى مزدلفة أذن فأقام ثم صلى المغرب ثلاثاً، ثم أقام فصلى العشاء ركعتين جمعاً وقصراً، وبات بمزدلفة ثم صلى الفجر بها في أول وقتها، ودعا الله إلى أن أسفر، وانطلق إلى منى فرمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس بسبع حصيات، وذبح هديه وحلق، وبعد ذلك طاف طواف الإفاضة، وبقي في منى أيام التشريق يذكر الله، ويرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال، يدعو عند الصغرى والوسطى، ورخّص لأهل الأعذار في ترك المبيت بمنى.
وأضاف أن سنة رسوال الله صلى الله عليه وسلم المكث بمنى إلى اليوم الثالث عشر، وهو الأفضل، وأجاز التعجل في الثاني عشر، فلما فرغ من حجه طاف بالبيت قبيل سفره صلى الله عليه وسلم.
وسأل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ الله تعالى، أن يرحم الحجيج ويتقبل منهم حجهم، وييسر لهم أمورهم، ويكفيهم شر من أراد بهم سوءًا، وأن يعيدهم لبلدانهم سالمين غانمين، قد غفرت ذنوبهم، وقضيت حوائجهم، وأن يصلح أحوال المسلمين ويؤلف ذات بينهم ويوسع عليهم في أرزاقهم، ويشف مريضهم ويتجاوز عن مسيئهم ويغفر لميتهم ويغني فقيرهم ويقضي الدين عن المدين منهم ويجعل بلدانهم خيرًا ونماءً وتطورًا ورفاهية.
نائب أمير مكة خلال خطبة عرفة
الحجاج يؤدون صلاتي الظهر والعصر في يوم عرفة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.