حفلات فنية وفعاليات عائلية في شتاء الشرقية    أمير الرياض يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    مليارا ريال مبيعات عقارية بمزادات مكة المكرمة في شهر    نائب أمير الشرقية يؤكد دور الكفاءات الوطنية في تطوير قطاع الصحة    الشؤون الإسلامية في جازان تُقيم مبادرة شهر التوعية بسرطان الثدي بصبيا    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنفيذ البرنامج التثقيفي لمنسوبي المساجد في المنطقة ومحافظاتها    مفتي عام المملكة ينوّه بدعم القيادة لجهاز الإفتاء ويُثني على جهود الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله    انطلاق النسخة ال9 من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار غدا    الفتح يجري تدريبات استرجاعية ويبدأ التحضير لمواجهة الرياض في كأس الملك    العروبة والدرعية في أبرز مواجهات سادس جولات دوري يلو    أمير الشرقية يُدشّن معرض "وظائف 2025" ويؤكد دعم القيادة لتمكين الكفاءات الوطنية    إعلان الفائزين بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية 2025    578 ألف ريال لصقرين في الليلة 13 من مزاد نادي الصقور السعودي 2025    أبرز 3 مسببات للحوادث المرورية في القصيم    القيادة تهنئ الرئيس الاتحادي لجمهورية النمسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    "زين السعودية" تعلن نتائجها لفترة التسعة أشهر الأولى من 2025 بنمو في الأرباح بنسبة 15.8%    أكثر من 85 ورشة عمل تمكّن رواد الأعمال في "بيبان 2025"    الضمان الصحي يصنف مستشفى د. سليمان فقيه بجدة رائدا بنتيجة 110٪    اليسارية كاثرين كونولي تفوز برئاسة أيرلندا بأغلبية ساحقة    سماء غائمة وسحب رعدية على جازان وعسير.. والضباب يخيّم على الشرقية    الزهراني يترأس الاجتماع الدوري الثالث لبرنامج مدينة أضم الصحية    العاصمة تحتضن قمة التميّز في العلوم الطبية الشرعية بمشاركة دولية واسعة    إسرائيل تعتبر تدمير أنفاق غزة هدفاً استراتيجياً لتحقيق "النصر الكامل"    غدًا.. قرعة بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ في الرياض تمهيدًا لانطلاق المنافسات الدولية    "طويق" تشارك في معرض وظائف 2025 بالظهران وتفتح آفاق وظيفية جديدة للموارد البشرية    نائبة رئيس جمهورية أوغندا تصل الرياض    «بدي منك طلب».. رسالة لاختراق الواتساب    ولي العهد يُعزي رئيس مجلس الوزراء الكويتي    بحضور أمراء ومسؤولين.. آل الرضوان يحتفلون بزواج عبدالله    مسؤولون ورجال أعمال يواسون أسرة بقشان    غرم الله إلى الثالثة عشرة    100 مشروع ريادي لنهائي الكأس    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    سائح يعيد حجارة سرقها من موقع أثري    صدارة آرسنال في اختبار بالاس.. وسيتي ضيفاً على أستون فيلا    بيع 90 مليون تذكرة سينما ب 5 مليارات ريال    الذكاء الاصطناعي يعيد الحياة لذاكرة السينما بمنتدى الأفلام    تنافس قوي بين كبرى الإسطبلات في ثاني أسابيع موسم سباقات الرياض    اختتام فعاليات بطولة الإنتاج المحلي لجمال الخيل العربية الأصيلة 2025    116 دقيقة متوسط زمن العمرة في ربيع الآخر    «إياتا» تضع قواعد جديدة لنقل بطاريات الليثيوم    موجات مغناطيسية سر حرارة هالة الشمس    %90 من وكالات النكاح بلا ورق ولا حضور    شرطة الرياض: تم -في حينه- مباشرة واقعة اعتداء على قائد مركبة ومرافقه في أحد الأحياء    "الشؤون الإسلامية" تطلق برنامج "تحصين وأمان"    أسهم الذكاء الاصطناعي تواصل الصعود    غياب البيانات يعيد بريق الذهب والفرنك السويسري    ولي العهد يُعزي هاتفياً رئيس الوزراء الكويتي    سرقة العصر أو البلاشفة الجدد في أوروبا    النوم مرآة للصحة النفسية    اكتشاف يغير فهمنا للأحلام    "تخصصي جازان" ينجح في استئصال ورم سرطاني من عنق رحم ثلاثينية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان ينهي معاناة مراجعين مع ارتجاع المريء المزمن بعملية منظار متقدمة    «هيئة العناية بالحرمين» : 116 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر ربيع الثاني    دوائر لمكافحة «الهياط الفاسد»    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيب عرفة : التزموا التوحيد فهو من أعظم ما أمر به الله
نشر في مكة الآن يوم 10 - 08 - 2019

– من رحمته سبحانه أن جعل الإيمان سبيلاً لاستجلاب الرحمة وطريقًا للنجاة
– ينبغي أن تكون الرحمة منطلقاً وأساساً في كل التعاملات البشرية
– من مظاهر الرحمة ما نشاهده من رجال الأمن وجميع العاملين في هذه المشاعر
– ما نشهده من أعمال جليلة في هذه المواطن الشريفة يُسر بها كل مؤمن
-الاحسان والتقوى والاستغفار قراءة القرآن وطاعة الرسول من أسباب نزول الرحمة
– أيها المسلم مهما كثرت ذنوبك فلا تقنط من رحمة الله فإن باب التوبة مفتوح
قال الشيخ حسن آل الشيخ في خطبته بمسجد نمرة فى عرفة : الحمدلله الرحمن الرحيم ، العفو الكريم ، صاحب الرحمة الواسعة ، والمتفضل بالنعم السابغة { أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } وأشهد أن لا إله إلا الله لا يُعبد أحد بحق سواه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وأضاف فضيلته : أيها المسلمون اتقوا الله تعالى فإن في تقواه الفلاح في الآخرة ، والنجاح في الدنيا قال تعالى:{ وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} ، وقال سبحانه :{ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } ، وإن من تقوى الله أن نلتزم بالتوحيد الذي هو أعظم ما أمر الله به والتوحيد هو عبادة الله وحده ، وقد خُلق الإنس والجن من أجله قال تعالى:{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ، وكيف لا نُفرد الله بالعبادات وهو الذي برحمته أنزل الخيرات، وتفرد بإيجاد المخلوقات ، وسيقف العباد بين يديه ليحاسبهم على ما فعلوه في العلن والخفيات قال تعالى:{ مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، وقال سبحانه :{ وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ {وقال جل في علاه :{ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ} وانظروا أيها العقلاء إلى آثار رحمة الله في الكون قال تعالى:{ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ? وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} ، وقال :{ فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} و قال سبحانه : { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ، وقال جل:{ قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُل لِّلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ } ، وفي الحديث الصحيح قال رسوالله صلى الله عليه وسلم :(لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عندهُ فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي).
وتابع يقول : من رحمته سبحانه أن أكمل دين الإسلام كما قال عز وعلا في الآية التي نزلت في عرفة في هذا الموطن الشريف :{ اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} هذا الدين العظيم الذي بُني على خمسة أركان ، الشهادتين ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت الحرام وهذه الأركان من أسباب نزول الرحمات ، فالشهادتان شهادة أن لا إله إلا الله ومعناها ألا يعبد أحد بحق إلا الله فنوحده بالعبادة، وشهادة أن محمدًا رسول الله فيطاع أمره ويصدق خبره ولايعبد الله إلا بما جاء به.
وأوضح فضيلته أن الله سبحانه وتعالي أمر بإقامة خمس صلوات في كل يوم وليلة، وأمر بالزكاة وهي إخراج جزء معلوم من المال قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ، وأمر بصوم شهر رمضان وبحج بيت الله الحرام وفي الحديث ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ ) ودعاء صلى الله عليه وسلم بالرحمة للمحلقين في الحج ثلاثًا.
وأضاف أن من رحمته سبحانه أن جعل الإيمان سبيلاً لاستجلاب رحمة الله وطريقًا للنجاة فقال ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) ، وقد ذكر نبيه الرحيم صلى الله عليه وسلم أن أركان الإيمان ستة فقال ( الإيمان أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ والْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ) .
وتابع يقول ومن رحمته سبحانه أن أرسل أنبياءه عليهم السلام إلى الناس ليكونوا رحمة للخلق أجمعين وقال تعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم -:( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).
وقال سبحانه :( وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)، وقال في صف نبيه صلى الله عليه وسلم : (يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ) ، ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة .
وقال فضيلته اسمع لقول الرحمن:( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) ، ومن رحمته سبحانه أن أنزل الكتب المشتملة على الشرائع المصلحة لأحوال الناس رحمة بهم قال تعالى: ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ، وقال سبحانه : (وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) وقال سبحانه : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) ، ولذا سار سلف الأمة من الصحابة فمن بعدهم سيرة الرحمة كما وصلهم الله بقوله ( رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ) ، كما كان أنبياء الله وأولياؤه يرحمون خلق الله قال تعالى: (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً)، وقال عن الخضر: (آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا).
وتابع فضيلته قائلا : وهكذا تستمر رحمة المؤمنين بعضهم بعضا إلى قيام الساعة، قال تعالى (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ).
وأهل العلم يرحمون من يستفتيهم اتباعا لقوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) , بل جميع المؤمنين يرحم بعضهم بعضًا كما في الحديث (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).
وأضاف : وتشمل الرحمة جميع الخلق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، وقال (الراحمون يرحمهم الرحمن)، ومن فضله سبحانه أن جعل من أسس العلاقات الاجتماعية الرحمة رحمة الآباء والأبناء ورحمة بين الأزواج ورحمة بين القرابة وارحم فقال عن الوالدين (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) , وقال عن الأزواج والزوجات (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
واستطرد فضيلته قائلا : وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتقبلون صبيانكم , فما نقبلهم ، فقال صلى الله عليه وسلم: (أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة) , بل تستمر الرحمة حتى في التعامل مع البيئة والبهائم فدخلت بغي الجنة لما رحمت الكلب العطشان فسقته الماء، كما دخل رجل الجنة لما نحى غصن شجرة في ظهر طريق رحمة بالمسلمين لئلا يؤذيهم.
وقال فضيلته : لهذا ينبغي أن تكون الرحمة منطلقاً وأساساً في كل التعاملات البشرية يقول النبي صلى الله عليه وسلم :(إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والأنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها وأخر الله تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده) , ولرحمة الناس بعضهم بعضا الآثار الجميلة والعواقب الحميدة ومنها تنشئ المحبة وبها ينتشر التسامح، وتسود الألفة، ويشيع بينهم التعاون، وللرحمة مجالات متعددة في حياتنا المعاصرة سواء في سن الأنظمة واللوائح أو استخدام وسائل المواصلات، أو الاستخدام الأمثل للتقنية أو وسائل الإعلام.
ومن مظاهر الرحمة ما نشاهده من رجال الأمن وجميع العاملين في هذه المشاعر في توجيه الحجيج ومعونتهم لأداء نسكهم خصوصاً في حق الكبير والعاجز والطفل الصغير وما ذاك إلا بالتوجيهات الكريمة التي يصدرها ولاة أمر هذه البلاد في سلسلة الجهود الكبيرة التي تقدمها حكومة المملكة في خدمة الحرمين الشريفين وتقديم الخدمات العظيمة للحجيج والمعتمرين في جميع المجالات.
وأكد عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ في خطبة عرفة أن من الجهود المشكورة مشاريع التوسعات في الحرمين الشريفين ومشاريع تهيئة المشاعر لأداء النسك وترتيب البنية التحتية بها وقد تتابع ملوك هذه البلاد على الاهتمام الفائق برعاية الحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين ابتداءً من عهد الملك الصالح عبدالعزيز رحمه الله وغفر له وأجزل مثوبته ثم أبنائه البررة سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رفع الله درجاتهم في عليين, وما نشهده الآن في عهدنا الحاضر من أعمال جليلة في هذه المواطن الشريفة يُسر بها كل مؤمن ، سائلا الله أن توفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز, ويكون له ومعه مؤيداً وناصراً ومعيناً على كل خير,أن يجزيه خير الجزاء على ما يقدمه من الخير والإحسان ويجعله من أسباب الهدى والخير والرحمة, يبارك في ولي عهده الأمير محمد بن سلمان, ويجزه خير الجزاء ويجعله سبب خير ورحمة للأمة كلها, وأن يوفقه لما يحب ويرضى.
وقال فضيلته : بفضل رحمة الله تزكو النفوس وتتطهر قال تعالى :( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ), وقال ( إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ) ، ويدخل الله المؤمنين الجنة برحمته كما في الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لن يدخل أحد الجنة بعمله ) قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ( ولا أنا إل أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمة فسددوا وقاربوا) ، وبرحمة الله يندفع عن الخلق أنواع من المصائب والشرور كما قال تعالى : ( وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ), وقال : ( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ، سائلا الله أن يكفينا شر عدونا الشيطان الرجيم برحمته قال تعالى :( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) .
وقال فضيلة الشيخ حسن آل الشيخ : هناك أسباب تستجلب بها رحمة الله فمن أسباب الرحمة التقوى كما قال تعالى: { اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }.
ومن أسباب الرحمة السماحة في التعامل قال النبي صلى الله عليه وسلم: { رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى وإذا اقتضى }.
ومن أسباب رحمة الله قراءة القرآن وتدارسه والاستماع إليه كما في الحديث، (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده) , وقال تعالى: { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } وقال: { وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }، وقال تعالى: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ }.
ومضى فضيلته قائلا : ومن أسباب رحمة الله للعبد إحسانه للخلق كما قال تعالى: { إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }، وقال: { نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } , ومن أسباب رحمة الله للعبد سعيه في الإصلاح بين المتخاصمين كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
ومن أسباب نزول رحمة الله طاعة الله ورسوله كما قال سبحانه: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } , والصبر من أسباب نزول الرحمة قال تعالى: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } , ومن أسباب الرحمة ما ذكره الله بقوله: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ }.
وأضاف أن من أسباب الرحمة ما ذكره سبحانه بقوله: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } , كما أن من أسباب نزول رحمة رب العالمين الإكثار من الاستغفار قال تعالى: { لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }.
وقال فضيلته : أيها المسلم مهما كثرت ذنوبك فلا تقنط من رحمة الله فإن باب التوبة مفتوح قال تعالى: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )، وقال : ( وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) , ومن أسباب ذلك دعاء رب العالمين بإنزال رحمته كما قال موسى عليه السلام: ( وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ، وكما قال سليمان عليه السلام : (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ).
وأضاف : من دعاء الملائكة : (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) , ومن دعاء أبوينا آدم وزوجه : (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) , وقال أصحاب الكهف : (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) , وقال تعالى: ( إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)
ومن دعاء الراسخين في العلم: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) .
وخاطب فضيلته حجاج بيت الله قائلا : إنكم في موطن شريف تستجاب فيه الدعوات وتنزل فيه الرحمات يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة). أخرجه مسلم , ولهذا رحمة بالمسلمين أفطر صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في حجه، ليتمكنوا من الذكر والدعاء , فأروا الله من أنفسكم، وأكثروا من دعائه بالرحمة والخير لكم ولمن تحبون ولمن لهم عليكم حق ، وللمسلمين عامة بأن يصلح الله أحوالهم ، وأن يتولى شؤونهم .
وقال فضيلة الشيخ حسن آل الشيخ : من الرحمة بيان المصطفى صلى الله عليه وسلم لمناسك الحج بفعله، فقد خطب صلى الله عليه وسلم في عرفة، ثم أذن فأقام، وصلى الظهر مقصورةً ركعتين، ثم أقام فصلى العصر مقصورةً ركعتين ، بعد ذلك وقف في عرفة على ناقته يذكر الله، ويدعوه فلما غرب قُرص الشمس ، سار إلى مزدلفة أذن فأقام ثم صلى المغرب ثلاثاً , ثم أقام فصلى العشاء ركعتين جمعاً وقصراً , وبات بمزدلفة ثم صلى الفجر بها في أول وقتها , ودعا الله إلى أن أسفر , وانطلق إلى منى فرمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس بسبع حصيات , وذبح هديه وحلق , وبعد ذلك طاف طواف الإفاضة , وبقي في منى أيام التشريق يذكر الله , ويرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال , يدعو عند الصغرى والوسطى , ورخّص لأهل الأعذار في ترك المبيت بمنى.
وأضاف أن سنة رسوال الله صلى الله عليه وسلم المكث بمنى إلى اليوم الثالث عشر , وهو الأفضل , وأجاز التعجل في الثاني عشر ، فلما فرغ من حجه طاف بالبيت قبيل سفره صلى الله عليه وسلم .
وسأل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ الله تعالى ، أن يرحم الحجيج ويتقبل منهم حجهم , وييسر لهم أمورهم , ويكفيهم شر من أراد بهم سوءًا , وأن يعيدهم لبلدانهم سالمين غانمين , قد غفرت ذنوبهم , وقضيت حوائجهم ، وأن يصلح أحوال المسلمين ويؤلف ذات بينهم ويوسع عليهم في أرزاقهم ، ويشف مريضهم ويتجاوز عن مسيئهم ويغفر لميتهم ويغني فقيرهم ويقضي الدين عن المدين منهم ويجعل بلدانهم خيرًا ونماءً وتطورًا ورفاهية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.