مصطلح يطلق على من يملك المعلومة من داخل النظام السياسي، ويسربها إلى أحد الإعلاميين؛ ليبدأ قصته الاستقصائية، وكشف المستور عن بقية التفاصيل التي لم يسعفها الوقت لتبقى طويلاً طي الكتمان. واشتهر المصطلح في فضيحة ووترغيت التي أطاحت بالرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون 1974 بعد التنصت على الحزب الديمقراطي، حيث كان الصحفيان كارل برنستين وبوب وودورد من صحيفة واشنطن بوست يتلقيان معلومات من شخص مجهول اصطلح على تسميته في تلك الفترة ب»ديب ثروت» الذي كان يمثّل «الحلق العميق» لمصدر المعلومة حول علاقة جهات رسمية رفيعة من بينها البيت الأبيض بقضية التجسس، وفي العام 2005 يتم الكشف عمن كان يعرف ب «ديب ثروت» وهو نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي مارك وليام فلت. من يتابع تسريبات قناة الجزيرة منذ اليوم الأول لاختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي؛ يدرك أن «الحلق العميق» كان حاضراً في تغطية القناة للأزمة، وتصعيدها إلى مستويات عليا، وتسييسها للنيل من المملكة، حيث لا يمكن أن تصل الجزيرة إلى معلومات مهمة وحساسة من دون أن يكون هناك حالة مدد سياسي لتلك المعلومات، والهدف منها هو الضغط على المملكة، وتضخيم الحدث عالمياً. قناة الجزيرة لم تكن وحدها في عملية التصعيد، ولا تستطيع فعل ذلك بمفردها لولا «الحلق العميق» الذي كان يقف خلفها، ويغذيها بالمعلومات بصرف النظر عن الموقف منها، ودرجة صحتها، ولكنها كانت مادة إعلامية تم استهلاكها من البعض على أنها حقيقة بكل أسف، والواقع أن القناة و»الحلق العميق» كانا يسيران نحو هدف واحد هو الإساءة للمملكة، ومحاولة النيل منها، وإثارة الرأي العام الدولي تجاهها. لقد كان البيان السعودي متيقضاً من أن هناك حلوقاً عميقة تقف مع قناة الجزيرة في نشر الأكاذيب، وتزوير الحقائق، وحاول أن يضع حداً من أن المملكة لا تستجيب لتلك الضغوطات، وطالب البيان الدول أن يكون لها موقف في التروي قبل توجيه الاتهامات، ومع ذلك لا تزال مهمة «الحلق العميق» متواصلة، والقناة تتلقى معلوماته لمواصلة التصعيد، وتدويل الأزمة. اللافت أن «الحلق العميق» في أزمة خاشقجي ليس فرداً كما في فضيحة ووترغيت، ولكنه حتماً دولة ونظام سياسي قائم، والدليل أنه لم يكتفِ بقناة الجزيرة في تسريب معلوماته، بل ذهب إلى قنوات وصحف ووكالات عالمية مثل سي إن إن، وواشنطن بوست، ونيويورك تايمز، ورويترز مؤخراً، والهدف وإن تعددت وسائله هو ممارسة مزيد من الضغوطات، وتحريف الحقيقة، واستباق نتائج التحقيق. السعودية في أزمة خاشقجي واجهت حملة إعلامية مسيّسة بامتياز؛ لم تكن فيها قناة الجزيرة إلاّ واجهة لما يملي عليها «الحلق العميق» من توجهات ومواقف في التعامل مع المعلومات التي يسربها؛ لتحقيق مكاسبه، ومصالحه، بصرف النظر عن الحقيقة التي ينتظرها الجميع. Your browser does not support the video tag.