محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    الرئيس الفلسطيني: لا نريد دولة مسلحة ونطالب بانسحاب كامل للاحتلال من غزة    تركيا: أكثر من 410 آلاف لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم منذ ديسمبر    ثالث وفاة جراء الحرائق في إسبانيا    هاتفيًا... فيصل بن فرحان ووزير خارجية هولندا يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    مدير حرس الحدود يشهد حفل تكريم المتقاعدين من منسوبي المديرية    نائب أمير الرياض يدشّن مشاريع تعليمية بقيمة تتجاوز مليار ريال    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم حلقة نقاش بعنوان: (تمكين الابتكار الرقمي في العمل التوعوي للرئاسة العامة)    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    اليوم الدولي للشباب تحت شعار"شبابُنا أملٌ واعد" بمسرح مركز التنمية الاجتماعية بجازان    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    برنامج الراصد يحقق إنجازات استثنائية عبر منصات التواصل الاجتماعي    وزارة الرياضة تُعلن بدء مرحلة إبداء الرغبة وطلب التأهيل لمشروع مدينة الأمير فيصل بن فهد الرياضية    السعودية للشحن توسع قدرات أسطولها بطائرتين من طراز A330-300    المملكة تتوج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    الذهب يتراجع مع ارتفاع الدولار.. وبرغم آمال خفض أسعار الفائدة    الإنجليزي أوسيلفان يحسم تأهله إلى الدور ربع النهائي من بطولة الماسترز للسنوكر.. وحامل اللقب يغادر    بلدية صبيا تكثف استعداداتها لموسم الأمطار وتحدد أولويات المعالجة    سفراء الإعلام التطوعي يشاركون في معرض "لا للعنف" للتوعية بمخاطر العنف    زراعة أول نظام ذكي عالمي للقوقعة الصناعية بمدينة الملك سعود الطبية    تضخم أسعار المستهلكين في فرنسا عند 0.9%    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    الصين تطلق إلى الفضاء مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للإنترنت    حظر لعبة «روبلوكس» في قطر    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    واشنطن تشرع في تصنيف الإخوان منظمة إرهابية    دعت إلى تحرك دولي عاجل.. الأمم المتحدة تحذر من مجاعة وشيكة في اليمن    موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية    الأسمري يزف تركي لعش الزوجية    بحضور الأمير سعود بن مشعل .. العتيبي يحتفل بزواج إبنيه فايز وفواز    فلكية جدة تدعو لمشاهدة نجوم درب التبانة    19 % نمواً.. وإنجازات متعاظمة للاستدامة.. 3424 مليار ريال أصول تحت إدارة صندوق الاستثمارات    موجز    أكد إطلاق برنامج «ابتعاث الإعلام» قريباً.. الدوسري: طموحات الرؤية تؤمن بإمكانات الإنسان والمكان    للمرة الثانية على التوالي.. خالد الغامدي رئيساً لمجلس إدارة الأهلي بالتزكية    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    نائب وزير الخارجية وسفير الدومينيكان يبحثان تعزيز التعاون    بطولة لكرة المناورة ضمن فعاليات كأس العالم للرياضات الإلكترونية    تنظيم محدث للّوحات الدعائية والإعلانية    وطن يقوده الشغف    البارالمبية الآسيوية تكرّم الأمير فهد بن جلوي بوسام آسيا 2025    متحدثون.. لا يتحدثون    ارتفاع مبيعات الإسمنت يعكس مواصلة نمو قطاع البناء والتشييد    الأمن يحث زوار المسجد الحرام على عدم الجلوس في الممرات    (ولا تتبدلوا الخبيثَ بالطَّيب)    سان جيرمان «يجحفل» توتنهام ويحقق كأس السوبر الأوروبي    نجاح زراعة 10 كلى تبادلية خلال 48 ساعة في التخصصي    ناصر بن محمد: شباب الوطن المستقبل الواعد والحاضر المجيد    فهد بن سلطان يكرم الفائزين بمسابقة إمارة تبوك للابتكار 2025    نجاح عملية دقيقة لأول مرة بجازان    إنجاز سعودي.. أول زراعة قوقعة ذكية بالشرق الأوسط وأفريقيا    استخراج هاتف من معدة مريض    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران تحصد السراب في أفريقيا
نشر في الرياض يوم 27 - 10 - 1439

أينما حلّت حلّ الخراب، فالأيديولوجيا التي تقوم عليها سيّرت مفاهيم الطائفية لخدمة الأهداف السياسية التي رسمتها في مواقع كثيرة على خريطتها العدوانية بالشرق الأوسط والقارة الأفريقية، فما تعيشه إيران الآن لا يعدو عن كونه ارتداداً للأقاليم التي استعصت عليها وانزوت تحت ظل التجمّع العربي بجانب الدول العربية الأخرى بحسب ما أوضحه تقرير مختصّ في هذا الشأن.
وبيّن التقرير الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الإيرانية أن إيران تمرّ بمرحلة ارتباك سياسيّ بإعلان الولايات المتحدة الأميركية الانسحاب من الاتفاق النووي، مع عودة العمل بالعقوبات الاقتصادية على إيران في مايو 2018، فإنها أيضًا تتعرض لارتدادات تأتي من إقليم المغرب العربي بانضمام اثنتين من دوله وهما المغرب وموريتانيا، إلى الحكومات العربية التي تأزّمت عَلاقاتها السياسية والدبلوماسية مع إيران، فضلاً عن تراجع شعبية إيران على مستوى شعوب الدول المغاربية، وذلك في ضوء ما تمرّ به سورية والعراق واليمن من تمزُّق وتفتُّت جرّاء التوغل الإيراني فيها، كذلك تنامي الإدراك الشعبي الجزائري بخطورة المساعي الإيرانية لنشر الفكر الطائفي داخل أراضيها، حيث يأتي أول ارتداد من المغرب في 1مايو 2018، عبر إعلانه قطع العَلاقات الدبلوماسية مع إيران، بعد حصول المغرب على معلومات مفادها ممارسة إيران دورًا سياسيًّا سلبيًّا تجاه الوحدة الترابية المغربية جرّاء ما يقوم به ملحقها الثقافي بالجزائر أمير موسوي من تنسيق لكل اللقاءات التي جمعت بين «حزب الله» اللبناني وجبهة البوليساريو المناوئة للحكومة المغربية، للتباحث حول كيفية وسبل ممارسة الضغوط على الحكومة المغربية للسماح للجبهة للانفصال بالصحراء الغربية كورقة ضغط قوية في يد إيران تجاه موقف الحكومة المغربية من نشر الفكر المذهبي، وجاءت الثانية من موريتانيا بعد أقل من شهر تحديدًا في 30 مايو 2018 باتخاذ السلطات الموريتانية حزمة من التدابير للحدّ من الأنشطة الإيرانية فيها، من بينها استدعاء السفير الإيراني بنواكشوط محمد عمراني بشكل مفاجئ وتسليمه رسالة احتجاج شديدة اللهجة اعتراضًا على السياسة الإيرانية تجاه موريتانيا، محذرةً إياه من ممارسة السفارة الإيرانية أي أنشطة لنشر المذهبية بالمجتمع الموريتاني أو تغيير مذهبه أو عقيدته، معتبرة أن أي ظهور للطائفية في موريتانيا سيؤدي إلى إنهاء عمل السفير وإعادة النظر في العَلاقات الموريتانية - الإيرانية بشكل كامل، وهو ما نفته إيران، مشددة أن عمراني كان يسلّم رسالة إيرانية للخارجية الموريتانية حول ما وصفه بنكث العهد الأميركي للاتفاق النووي.
وعن الإجراءات التي تمت في موريتانيا بهذا الشأن ذكر التقرير أن تقليم أظفار إيران وتحجيم دورها هناك كان مبرراً لما قامت به السلطات الموريتانية من حيث إغلاق «مجمع الإمام علي» وعزلت إمامه، كما عيّنت مكانه إمامًا آخر بعد ضمّه إلى وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الموريتانية، وذلك بعد أن علمت عن طريق شكاوى لمواطنين موريتانيين من سلوك القائمين على المجمع بمجاهرتهم بمخالفة المذهب المالكي المعمول به في موريتانيا، وبعد ملاحظتها أيضًا تكثيف المجمع تنظيم الاجتماعات واللقاءات المذهبية وإيفاده مبتعثين إلى إيران ولبنان وتوزيعه منحًا دراسية خاصّة بالمذهبية في المجتمع الموريتاني، أما الارتداد الثالث فكان مختلفاً عن ما سبق، كونه شعبياً وليس رسمياً نبع من تنامي يقظة الشعب الجزائري تجاه نشر الطائفية وخطورتها، إذ نجح الجزائريون من المدونين والنشطاء في تحويل مطالب الرأي العام الجزائري بطرد المستشار الثقافي الإيراني بالجزائر أمير موسوي لنشره الفكر المذهبي بالجزائر إلى قضية رأي عام جزائري عبر تصميمهم «هاشتاغ» على مواقع التواصل الاجتماعي #الجزائرتطردأمير_موسوي، وهو ما أجبر الجزائريين الموالين لإيران على تغيير خطابهم والتنصل من عَلاقتهم العميقة بموسوي. وتولي إيران أهمية جيو-استراتيجية للدول المغاربية بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي (خصوصًا المغرب وموريتانيا شمال القارة الأفريقية التي توليها إيران أهمية كبيرة) الممتد من ساحل البحر المتوسط شمالًا حتى المحيط الأطلسي غربًا، وإشرافها على الممر البحري الدولي مضيق جبل طارق الذي يربط البحر المتوسط بالمحيط الأطلسي، ثم إلى الأميركيتين، ويعبر من خلاله النفط والغاز ويشكل إحدى القنوات البالغة الحيوية في تأمين مسالك التجارة العالمية. وثانيها، الإدراك الإيراني للمغرب كفاعل إقليمي مؤثر في مناطق استراتيجية كمنطقة الساحل والصحراء والمغرب العربي وأفريقيا، وهي نفس المناطق التي تدخل في دائرة الاهتمام الإيراني، فضلًا عن أهمية موريتانيا بالنسبة إلى إيران لمشروعاتها المستقبلية في غرب أفريقيا، فالوجود الإيراني في الدول المغاربية يتيح لها وجودًا في القارة السمراء الواعدة، ويشكل بوابة للدخول إلى الدول الإفريقية خصوصًا الإسلامية منها، فبالعودة إلى الانتكاسات الإيرانية في الدول المغاربية، نجد أنها توفر أدلة جديدة أمام الجماعة الدولية على ضرب إيران عرض الحائط بالقوانين والمواثيق الدولية التي تفرض على الدول فرادى وجماعات الالتزام بمبادئها، خصوصًا مبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادة الدول ووحدة وسلامة أراضيها، كما أنها تبين ارتفاع عدد الدول العربية التي تقطع عَلاقاتها الدبلوماسية مع إيران نتيجة سلوكها التوسعي وسياستها الطائفية، إذ بلغ عدد الدول العربية التي قطعت أو خفضت بالتتالي عَلاقاتها الدبلوماسية مع إيران 12 دولة عربية (9 دول قطعت: السعودية، البحرين، المغرب، مصر، اليمن، السودان، الصومال، جيبوتي، جزر القمر. و3 دول خفضت: الكويت، الإمارات، الأردن)، ما نسبته 60 % من الدول العربية، مقابل دول عربية أبقت على عَلاقاتها الدبلوماسية مع إيران: سورية، العراق، لبنان، قطر، سلطنة عمان، الجزائر، ليبيا، تونس، موريتانيا (استدعت السفير)، ومن المرجح أن تظل العَلاقات الإيرانية - المغاربية، خصوصًا المغرب وموريتانيا، عرضة باستمرار للتقلب والاضطراب كسابق عهدها دون الحفاظ على نمط خط ثابت للعَلاقات، وذلك لغياب ركائز قوية تضمن استمرارية ثبات العَلاقات، بالنظر إلى طبيعة التركيبة السكانية المغاربية ذات الغالبية السنية (نسبة 98 %)، وحساسية صناع القرار في المغرب وموريتانيا تجاه البعد الديني في الدولتين، وعَلاقة ذلك بطبيعة السياستين المغربية والموريتانية التي تعارض أي خلخلة في منظومتيهما المذهبيتين، فضلًا عن غياب لغة المصالح المشتركة بين الدولتين وإيران نتيجة تردي العَلاقات الاقتصادية والتجارية البينية، بالإضافة إلى استمرارية الموقف الإيراني الداعم لجبهة البوليساريو في ما يخص طموحاتها الانفصالية، وأخيرًا يظل المحدّد الأبرز في رسم مستقبل العَلاقات الإيرانية مع الدولتين المغاربيتين وتحديدًا مع المغرب مرهونًا بمدى جدية إيران في التراجع عن نشر المذهبية والفكر الطائفي في الدولتين، وأيضًا بمدى احترام صناع القرار في إيران لثوابت السيادتين المغربية والموريتانية، وبمدى الوعي الإيراني بأهمية عدم التدخّل في الشؤون الداخلية لتلك الدول، غير أن الشكوك في إمكانية التزام إيران بتلك المتطلبات لضمان استمرارية عَلاقتها مع الدول المغاربية، إذا ما تم الوقوف على أهمية الدول المغاربية في الاستراتيجية الإيرانية، وما تديره المنظمات الطائفية لنشر فكرها في أوساط المغرب وجاليته بالدول الأوروبية، فضلًا عما يحضر في أذهان المغاربة بما تقوم به إيران من أنشطة توسعية في سورية واليمن والعراق أدت إلى تفتيت تلك الدول وتمزيقها، وهو ما يجعل العَلاقات الإيرانية مع الدولتين في مواجهة مستقبل متعرج ومتقلب.
Your browser does not support the video tag.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.