قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي -في خطبة الجمعة-: إن شرف العلم يكون بشرف المعلوم، فأفضل العلوم وأشرفها العلم بالله تبارك، وبقدر معرفة العبد بخالقه، يكون قدر إيمانه به وخشيته، فالله تبارك وتعالى هو الولي المتولي أمر الخلائق والعوالم، إنسهم وجنهم، أحيائهم وجماداتهم، فهو خالق الخلق وحده وهو المتولي أمر خلقه. وأضاف: ولاية الله تعالى على نوعين ولاية عامة للمؤمن والكافر، والبر والفاجر، فهو سبحانه خالقهم ومالكهم، يدبر أمرهم، ويقدر أرزاقهم، فالعباد كلهم تحت ولايته، وطوع تدبيره، والولاية الثانية ولاية خاصة، وهي ولاية المحبة والتأييد والنصرة والحفظ والتوفيق والهداية، وهي خاصة بالمؤمنين وعباد الله الصالحين. وتابع: إذا تولى الله عبدًا اجتباه، وأكرمه وهداه، فإذا تقرب العبد من ربه شبرًا، تقرب الرب منه ذراعًا، وإذا تقرب العبد إليه ذراعًا تقرب منه الرب باعًا، وإذا أتاه العبد يمشي أتاه الرب هرولة، وتولاه ولاية خاصة. وبيّن أن الله تبارك وتعالى ذكر في كتابه المبين أوصاف أوليائه المتقين، وبيَّن رفيع مكانتهم وعُلُو منزلتهم، وطيب ما بهم، وهم الذين جمعوا بين صلاح الباطن بالإيمان، وصلاح الظاهر والباطن بالتقوى، وبحسب إيمانهم وتقواهم تكون ولايتهم لله، فما تقرب الأولياء المقربون، ولا تنافس المتنافسون بشيء أحب إلى الله من فرائضه التي فرضها، وواجباته التي أوجبها، ثم شمروا إلى النوافل فأدوا ما استطاعوا منها، حتى يحبهم الله. وأشار إلى أن من أبواب التوحيد العظيمة التي زلت فيها بعض الأقدام هو باب الولاية؛ حين لم يزن أصحابها أعمالهم بميزان الكتاب والسنة، ولم يضبطوها بفهم سلف الأمة، فحصل الغلو في الأولياء، حتى إن بعض الناس أصبحوا يدعون الأولياء من دون الله، ويستغيثون بهم، ويذبحون وينذرون لهم، ويطوفون بأضرحتهم، مبينًا أن الله سبحانه وتعالى أبطل هذه الشبهة، فالأولياء الصالحون هم عباد مكلفون، لا يُصرف لهم شيء من أنواع العبادة، سواء في حياتهم أو بعد مماتهم، بل ولا يُبنى على قبورهم، ولا تُتخذ أماكن قبورهم عبادة، ذاكراً أن الصواب في هذا الباب لا إفراط ولا تفريط في حق الأولياء، لا جفاء يُسقط حقهم، ولا غلو فيهم، بل نحبهم في الله ونترضى ونتَرَحَّم عليهم.