تعلَّم يا فالح من سياسة أم صالح..!

جَاء الجوَّال، فلخبَط أورَاق المجَالس، وقَلَب مَوازين المُستمع والمُتكلِّم؛ والوَاقِف والجَالِس! لذلك اضطر بَعض النَّاس إلى انتهَاج سياسة جَديدة للتَّعامُل مَع هَذا "الجهَاز"، الذي أصبَح سيّد المَجالس..!
خُذ مَثلاً: السيّدة "أم صالح".. وهي امرأة كَبيرة في السِّن، لَديها أبنَاء وبنَات.. وكَانوا إذَا زَاروها يَستقبلون ويُرسلون بجوّالاتهم، وهَذا الأمر أفسَد الجَلسَة، واقتحم خلوَة الأُم مَع أبنَائها وبنَاتها.. فمَا كَان مِن سيّدتنا "أم صالح"؛ إلَّا أن وَضعت صَندوقاً صَغيراً في مَدخل مَنزلها، واشتَرطت عَلى أولَادها بأن يَضعوا جوّالاتهم فيهِ خِلال زيَارتهم لَهَا.. مُعتبرة مَنزلها وكأنَّه "مُنشأة أمنيّة"، لا يَجوز استخدَام الجوّال فِيها..!
إنَّ كِبار السِّن مِن حقّهم أن يَتمتّعوا بخلوَاتهم مَع أبنَائهم، خَاصَّة إذَا كَانت فَترة الخلوَة لا تَتجاوز سَاعة أوحَولها.. كَما أنَّ كِبَار السِّن تُزعجهم مِثل هَذه الأجهزَة، لذَلك كَانت طَريقة "أم صالح" خُطوة مُوفّقة وذَكيّة.. وللأمانَة فأنَا حِين أزور أُمِّي -ربي يَحفظها- أوأجلس مَعها، أضع الجوّال عَلى خَاصّية "الصَّامت"، رَغبة في جَعل كُلّ الحوَاس مَع أُمِّي "سيّدة الجُلَّاس"..!
إنَّ مَن يَغشَى المَجالس الآن يَجد أنَّ الأحَاديث تُقطّع، والمُناقشَات تُمزّق بسَبب رَنين الجوّالات، وقَطع الحَديث لَيس مِن شِيّم العَرَب.. بَل إنَّ هُناك مَثلاً قَويًّا يُردِّده أهل الحجَاز؛ يَصف "فدَاحة" مُقاطعة حَديث المُتحدِّث كقَولهم: (اذبح الرجّال ولا تقطع كَلامه)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا قَوم.. يَجب احترَام المَجلس والجَالسين، ومن احترَامهم أن نُركِّز في أحَاديثهم، ونُصغي إليهَا بكُلِّ جَوارحنا.. هذه هي "قَاعدة الآدَاب".. ولَكن مَاذا لَو كَان الحَديث مُملًّا وسَخيفًا، أو يَدخل في بَاب الغيبة والنَّميمة.. ألا يَحق لصَاحب الجوّال أن يَنشغل بجوّاله، حتَّى يَخوض المُتحدِّث في حَديثٍ نَظيف مُفيد..؟!!!
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com