الفَشْخَرَة في مَفهوم الدَّكْتَرَة

أحيَاناً، يَجب عَلى المَرء أن يَطرح قَضايَاه الخَاصَّة؛ لتَكون شَأناً عَامًّا، حتَّى تَتوسَّع دَائرة النِّقاش، وتَكبر حقُول الحوَار، وتَصل الفِكرة لقطَاعات وشَرائح مُختلفة مِن الطَّبقات الاجتماعيّة..!
مِن هُنا سأتحدَّث عمَّا حَصَل لِي مِن طَرائف ومَفاهيم؛ بَعد حصُولي عَلى الدّكتوراه.. وكأنِّي أوّل وآخر وَاحد يَحصل عَليها.. "أمزَح طَبعاً".. مَا عَلينا..!
في البدَاية، يَجب الاعترَاف أنَّ صَديقي الأنيق المُغرِّد العَتيق "علي العايض" هو مَن قَال: إنَّ رسَالة دكتوراه "العرفج" هي أوّل رسَالة تَكون شَأناً عَامًّا، فَقَد عَلِمَ بِهَا القَريب والبَعيد، وتَحدَّث عنهَا العَدو والصَّديق..!
وأوّل الطَّرائِف التي حَدَثَت كَانت مَع وَالدتي الغَالية، حِين اتصلتُ عَليها وقُلتُ لَها: يَا أُمِّي الحَبيبة، لقد حَصلتُ عَلى الدّكتوراه، فقَالت: -ربِّي يحميها مِن كُلِّ سوء- هل هي دكتوراه "طب" أم دكتوراه "تَدريس".. فقُلتُ الثَّانية، ثُمَّ ضحكنَا ضِحك مُحبِّين مَعاً..!
بَعدها اتصلتُ عَلى زَميل درَاستي الحَبيب أبونواف "ناصر البراق"، المُلحق الثَّقافي في المَغرب وقَال: يا "أبا سفيان"، لا تُخبر بَعض البَدو جَماعتنا بأنَّك "دكتور"، لأنَّهم سيَطلبون مِنك عِلاجاً وأدوية بسُرعة، لأنَّك في نظرهم "تَختور"..!
ثُمَّ اتّصل بي صَديق حِجَازي -ظَريف جدًّا-، وقَال: يا "أحمد" هُناك "دكتور"، وهُناك "دك/ تور".. ويَجب عَليك أن تُحدِّد أي اللقبين أنت..؟!
ومِن طَريف القَصص التي أعرفها، أنَّ أحد المُبدعين في "بريدة" كَان يَعمل "مُحرِّجا" في سوق الخردوَات، كَتَب عَلى مَنزله "د. فُلان الفُلاني"، فجَاء بَعض الفُضلاء وقَالوا لَه: (كَيف تَكتب حرف الدَّال، وأنتَ لَم تَحصل عَلى الدّكتوراه؟ فقَال بكُلِّ برود: ومَن قَال لَكم أنَّ الدَّال هُنا تَعني دكتور؟ أنَا لَم أقصد هَذا، إنَّ الدَّال هُنا أخذتها مِن "دلَّال" أي مُحرِّج، وهَذه وَظيفتي الأساسيّة، وأنَا لَم أكذب، بَل اختصرتُ دلَّال إلى "د"..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ الدّكتوراه لَن تُكبِّر صَغيراً، وغيَابها لَن يُصغِّر كَبيراً، وأنَا ولله الحَمد والمنّة، شَهد لِي الرِّجَال بأنَّها لَيست إضَافة لِي، وهَذا كَلام قَاله خَلقٌ كَثير لعلَّ أوّلهم الأكاديمي العَريق الدكتور "عبدالرحمن العرابي".. كمَا أنَّني قُلتُ سَابقاً؛ بأنَّ الدكتوراه لَيست أكثَر مِن بوَّابة جَديدة مِن بوَّابات الجَهل، ولقَد صَدَق الشَّاعر "أحمد النجفي" حِين قَال:
أصبحتُ دكتُوراً فَزِدتُ جَهالةً
فلقَد فَقدتُ تَواضع التَّلميذِ..!!
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com