لم تكن هي المرة الأولى من رجل المبادرات والمواقف الإنسانية، وصاحب الأيادي البيضاء، وحكمة الملوك العظماء، وما يملكه من حس قومي لإعلاء صوت العقل على العاطفة، وما يحتضنه قلبه من عطف وغيرة على العروبة والإسلام، من رجل حكيم ذي نظرة مستقبلية ثاقبة. فها هو اليوم يطلق مبادرة جديدة من أجل الاحتضان، ولم الشمل، وحقن الدماء، ونصرة الأبرياء من أبناء الشعب العراقي. هذه المبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين من قلب صادق، وعقل مدبر يعي مغبة الأمور، جعل العالم بأسره من جميع طبقاته يؤيدون ويدعمون ويناشدون جميع الطوائف العراقية لوحدة الصف في تشكيل الحكومة العراقية من أجل أبناء ومصالح وخيرات العراق. إن هذه المبادرة لإنقاذ العراق تشكل عودة قوية للحضور العربي للإسهام مع الساسة العراقيين في معالجة وحل القضايا الوطنية والقومية، مثلما يحصل في كل الأقطار العربية التي تتشابك فيها الاهتمامات الوطنية، إضافةً إلى أن هذه المبادرة تعيد الثقة للشعب العراقي تجاه الدور العربي، وتكشف مواقف الآخرين، وتجنّب المنطقة الكثير من المؤامرات والدسائس والمكائد في سبيل النَّيل من وحدة واستقرار الصف العربي. حيث نجد أنه مضى أكثر من سبعة أشهر على انتهاء الانتخابات العراقية، ولم يستطع قادة الأحزاب المتناحرة على الاتفاق لتشكيل حكومة وطنية تحمي البلد من الضياع والانغماس في التيارات الطائفية والمذهبية التي فتكت بوحدة أبناء العراق وخيراته ومصالحه، والذي أصبح مسرحًا للأحداث الدموية، منذ أن احتُلَّ من قِبَل القوات الأجنبية حتى يومنا هذا. والمتابع لما تناقلته وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وأنواعها من آراء وأفكار وتحاليل.. يجد أنها أجمعت على أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين تشكّل تدعيمًَا وتعزيزًا للمبادرات الإيجابية، ومنعًا لأي مغامرات ومحاولات لفرض واقع مرير على المنطقة. ويعتبر الساسة أن هذه المبادرة وتأييدها والإشادة بحكمتها بمثابة الورقة الأخيرة الصادقة لإنقاذ أرض العراق، فهي فرصة تُمنح للقادة العراقيين لطي الماضي، ولفتح صفحات جديدة من أجل إنقاذ بلدهم من هاوية المأساة التي سوف تحل بهذا البلد المبتلى بساسة أعماهم الطمع والجشع. إن احتضان المملكة لهذا اللقاء الذي يجمع ممثلي الطوائف العراقية في أرض ومنبع الإسلام، وتحت رعاية خادم الحرمين الشريفين يمثل الثقل التاريخي، والدور القيادي لهذا القائد الذي يضيف مع مطلع كل شمس مبادرة يخدم فيها الإسلام والسلام والإنسان والإنسانية، ويعمل بكل ما أوتي من قوة وعزم على حقن الدماء، حيث يسعى دائمًا إلى التكاتف والتعاضد بين الأشقاء المسلمين في أنحاء المعمورة. ونرى أن في هذه المبادرة الكثير والكثير من المعاني السامية، والأهداف النبيلة التي يجب على جميع قادة المعمورة ووسائل الإعلام بدعم ووضع جميع الإمكانات التي تساهم بإنجاح هذه المبادرة وتحقيق أهدافها من أجل هذا الشعب الذي ذاق أمر ويلات الحروب، فهي لا تستهدف تحقيق غرض سياسي، أو أطماع إقليمية، فهي واضحة كل الوضوح لا تصاحبها أي شروط مسبقة، كما أنها لا تتعارض مع أي مبادرات إيجابية تستهدف معالجة الوضع العراقي الراهن. ونناشد إعلامنا بالاستمرار بمنهجيته وإستراتيجيته التي نهجها في بداية دعم هذه المبادرة حتى يتحقق -بإذن الله- الهدف المنشود، ليسجل التاريخ أن هذه المبادرة من ملك الإنسانية.. من أجل وحدة وطن.