رحمك الله رحمة واسعة، وأسكنك فسيح جناته، يا معلمنا ويا مربينا، يا صاحب القلب الندي. يا معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم، كم كنت طيب القلب، تعلو محيّاك دومًا الابتسامة، تداعب صغار العاملين قبل كبارهم. كنت تئن مع الحزين، وتفرح إذا فرح اليتيم.كم كنت ترفق بهذا وتلاطف ذاك، وتزور آخر. تتألم لمرض المريض فتتسابق أقدامك إلى زيارته لتروح عن خاطره، الكل يفزع بعد الله إليك، فلا ترده مكسور الخاطر.. بفراقك يا سيدي عنا وجدت روحي ثائرة تضج حزنًا، وحنايا القلب تئنُّ ألمًا. تعجز الكلمات عن التعبير، وتقف الحروف حائرة، بالقلب حرقة فزاده فراقك شعلة، تتسابق أدمعي، وألمي، وقلمي، أيها يستطيع أن يوفيك حقك ؟! فالعبرات تخنقني والجمل تخونني وأنا حائر لا أدري ماذا أقول، كم كنت استمتع بالحديث معك وكم من النصائح والوصايا أسدلتها لي، جعلتها نبراسًا لحياتي،كان شعارك الصدق فإذا نطقت صدقت، وإذا قيل لك صدّقت، كنت بشوشاً طيب القلب، عذب الحديث، لا تصنّع ولا مكر ولا حقد لديك، بياض قلبك ونقاء سريرتك واضحان على محياك دوما تقابل الإساءة بالإحسان والزلل بالعفو والغفران، كم من الناس مددت يد العون لهم، لكنهم مدوا يد الخيانة إليك فقابلتها بالصفح والسماح.. نم قرير العين يا سيدي فأنت عند كريم منان غفار رحيم، ونحن شهود الله في أرضه، لا نشهد إلا بما علمنا وسمعنا، فالجميع يشهد لك بالخير. لقد تركت أثرًا حسنًا وذكرى طيبة أما نحن بفراقك عنا جعلتنا نتوه خلف أروقة الصمت.. تجاويف صدورنا مزّقتها التناهيد، فما أجمل رفقتك وما أجمل تربيتك فينا. لكن لن ننساك وسنبكيك ونفتقدك إلى أجل غير مسمى أسأل الله رب العرش العظيم أن يجمعنا بك في جنات النعيم وأن ينقيك من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. أسأل الله الكريم بمنه وكرمه أن يرحمك ويغفر لك، ويُلهم أهلك الصبر والسلوان، وأن يُبارك في من عقبك من بعدك ورحمك الله وأعلى منزلتك في الآخرة كما أعلاها في الدنيا. يا الله إنك تعلم ما في القلب من حرقه على فراقه، اللهم يا حي يا قيوم أنزل صبرًا من عندك واربط به على قلوبنا جميعًا. ولا نقول إلا ما يرضيك يا الله.. إنا لله وإنا إليه راجعون.