* (اليوم الوطني) للمملكة العربية السعودية الذي نحتفل به اليوم ليس مجرد احتفالية عابرة، تتخللها أبياتُ شاعِرٍ أو كلماتُ كاتبٍ أو أنغام عازف وتَرْنيْمَات مُطْرِب، بل هو ذاكرة لملحمة بطولية خالدة، وَحّدت القلوب قبل الصفوف، لِتَنقل هذه البلاد من الشّتَات والفُرقة والخوف والجوع إلى واحة من الأمن والأمان ورغَد العيش. * تلك الملحمة الإنسانية التي قادها المؤسس الملك عبدالعزيز ومن بَعْدِه أبناؤه الملوك البررة، ومعهم تضحيات الرجال من أبناء هذه البلاد الطاهرة صنعت وطناً يلامس السَّحَاب في مكانته، ويُغازلُ النجوم في حضارته وتنميته، وقبل ذلك في تلك الّلحمَة الرائعة والفريدة بين شعبه وقيادته التي أصبحَت مُسَلَّمَة وعقيدة تتوارثها الأجيال، والتي كانت ولا تزال -بفضل الله تعالى- خطّ الدفاع الأول والدائم في وَجه أية محاولة للمَساس بأمن الوطن واستقراره. * اليوم الوطني للمملكة ما يميزه أنه ليس خاصاً بها، ف(العَرب المخلصون والمنصفون) به يفرحون ويفتخرون لأنه أعلن عن مَولِدِ وطَنٍ هو عنوان لهم يحتضنهم، ويسعى دائماً في جَمْعِ كلمتهم، ومساعدتهم في أوقات حاجتهم، ونُصرة في قضاياهم العادلة، يفعل ذلك بصفاء ونقاء، ودون اعتبارات أو حِسَابات أو مصالح خاصة. * واليوم الوطني للمملكة يحتفي به العَالَم الإسلامي؛ لأنه قدّم لهم (وطناً) أَمّنَ الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وبذل الكثير في تطويرها وتوسعتها بما يجعل رحلة حَجِّ المسلمين وعُمْرَتِهِم إليها مطمئنة تكسوها الراحة والرفاهية، ولأن هذا الوطن مَهْمُوم أبداً بمساعدة أشقائه في الدِّيْن، والدفاع عن قضاياهم على كافّة الصّعُد. * واليوم الوطني للسعودية خلَقَ أيضاً (مملكة للإنسانية)، تحمل للعَالَمِ أجمع رسالة الإسلام الوسطية المتسامحة، حاملة لواء الحوار بين أتباع الأديان والحضارات المختلفة؛ بحثاً عن حُلْمِهَا الدائم في السِّلْم والتعايش بين مختلف الشعوب والثقافات. * وهنا في ذكرى اليوم الوطني حقّ الشعب السعودي بمختلف أطيافه وفئاته أن يفتخر بوطنه، وأن يُعَطَّر صباحه ومساءه بمشاعر خضراء من وَحْي عَلَمِه الذي تُزَيّنه شهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)؛ فبالتأكيد تلك المشاعر نابعة من قلوب بيضاء نابضة بحبّ بلادها، ولكن ما أرجوه أن تتكئ تلك المشاعر على أفعال و(هِمّة تبحث عن وصول الوطن للقِمّة)؛ وذلك من خلال المساهمة في الدفاع عنه، وتَعْزِيز وِحْدته وأمنه في ظِل محيط تتلاطم أمواجه بالتحديات، وهناك أن يَكْتُبَ كلّ مواطن بحروف من عطاء ونور في صفحات تنمية وطنه، وتحقيق رؤيته الحالمة والطموحة 2030م؛ فالعَالِمُ والمثقف والمفكر مصابيح تَبُثُّ التنوير في شرايين المجتمع، وكذا نشر كل مَا مِن شأنه التأكيد على تلاحمه وتناغم نسيجه، وإقصاء الطائفية والعَصَبِيْات المَناطقية والقَبَلِيَّة، والمعلم يَسقي عقول طلابه من ينابيع المعرفة والثقافة وقبل ذلك الوطنية المنتجة، والطالب يجتهد في تحصيله الدراسي باعتباره حَامِل شُعلَة المستقبل، أما الموظف في أيِّ قطاع فزاده الإخلاص والتفاني والبحث عن جَوْدة مخرجاته؛ فنتاج كل ذلك ومحصلته احتفال فَاعِل بالوطن، ورَفع لِبَيْرَق منجزاته وحضارته. * أخيراً رحم الله كل مَن ساهم في توحيد الوطن وتدوين تاريخه المجيد، وشكراً لكل مَن يسعى جاداً لكتابة حاضره الجميل وقَادِمه الأجمل بإذن الله، شكراً ل(خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، ولسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان) على عطائهما اللا محدود لخدمة الوطن وأبنائه، شكراً لكل مواطِن وكذلك كُلّ مُقِيم يزرع في شرايين هذ الوطن زهرة من عطاء، وشجرة من وفاء، وكل عام وأنتم جميعاً بخير، ووطننا الغالي في عزّ وأمن وأمان.