«تمّ قيْد مخالفة تجاوز السرعة المُحدّدة بمقدار لا يزيد عن 25 كم/ ساعة، بالرصْد الآلي رقم كذا، على السجلّ رقم كذا، بتاريخ كذا، على السيّارة رقم كذا، بقيمة: 300 ريال»!. هذه هي رسالة مخالفة السرعة المرورية التي وصلت لجوّالي بعد رحلة على سيّارتي بين جدّة ومكّة المكرّمة، وهي ليست الرسالة الأولى التي تصلني، بل تقريبًا تصلني رسالة خلال كلّ رحلة بين المدينتيْن، وما أكثر رحلاتي بينهما، وأنا مواطن متعاون، أسدّد المخالفة على الفور، بلا اعتراض أو مناقشة، لا من كثرة أموالي، بل لأنّني أخطأتُ في حقّ نفسي أوّلًا، وفي حقّ المجتمع وسلامته المرورية ثانيًا!. غير أنّني مع كثرة مُخالفات السرعة المُسجّلة عليّ في هذا الخطّ، حتّى بعد شرائي سيّارتي الجديدة التي تُبيّن لي سرعتي رقميًّا في كابينة القيادة، ولأنّني لم أُصَبْ بفضل الله بمرض الزهايمر، فلا أذكر أنّني رأيْتُ سرعةً مُسجّلةً لي في شاشة السيّارة أكثر من 120 كم/ ساعة، التي حُدِّدت كحدّ أقصى لهذا الخطّ، والمرّة التي حذّرني فيها كومبيوتر السيّارة من تجاوز السرعة المُحدّدة كانت سرعتي فيها نحو 125 كم/ ساعة، واستغرق التجاوز مُدّة أقلّ من 5 ثواني تراجعت بعدها السرعة إلى 115 كم/ ساعة حال رفع قدمي عن داهس البنزين، وبالرجوع إلى نصّ المخالفة أجدني لا أستحقّ أيّ مخالفة؛ لأنّ سرعتي الزائدة هي ضمن حدود المقدار 25 كم/ ساعة!. وهنا أتساءل: هل من الممكن أن يُخطِئ ساهر؟ هذا النظام الآلي الذي يُسيّره بشر، وكل البشر خطّاؤون، وهل خطؤه إذا كان يُخطِئ بالآحاد أم بالآلاف على أمّة من الناس؟ وماذا عن الماضي والمستقبل إذا كان يُخطِئ؟ أكاد أرتعب من النتائج إذا كان يُخطِئ، ونظريًّا لا يوجد نظام آلي لا يُخطِئ، مهما بلغ من الدقة، على الأقل من باب «لكلّ جواد كبوة ولكلّ سيف هفوة»، ثمّ لماذا لا يُعطَى السائقُ فرصة عدم تسجيل مخالفة سرعة عليه إلّا بعد تكرارها 3 مرّات ضمن مسافة مُحدّدة ومواقع متقاربة في الخطّ الواحد؟ خصوصًا الخطوط السريعة ذات الطول الشاسع؟ لأنّ تجاوز السرعة المُحدّدة قد يكون لحظي، وغير مقصود، وبمقدار ليس بكبير ولا تنتج عنه خطورة، ولا أخفيكم أنّ كثيراً من الناس باتوا يشعرون أنّ ساهر صار مثل الصقر الذي ما إن يلمح فريسته تخرِجُ رأسها من عُشِّها حتّى ينقضّ عليها، دون إعطاء فرصة لها ولو للتنفّس، وساهر بالطبع ليس كذلك، إنّه ليس بالتأكيد ليس كذلك، أليس كذلك؟!