مسار التاريخ طويل ولكنه لن يرحم قط سياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في سوريا. يغادر الرئيس أوباما البيت الأبيض وقد بلغت نسبة الرضا عن سياساته 48 %حسب استطلاعات الرأي وهي النسبة الأقل بين آخر خمسة رؤساء أمريكيين، لكن مؤيدي أوباما لهم نظرة مغايرة لكن هذه النظرة تغيَّرت بعد أحداث حلب في سوريا. منذ بداية الانتفاضة السورية عام 2011 اعتبر الأمريكيون العنف الذي جابه به نظام بشار الأسد الشعب هناك كارثة إنسانية تمثلت في حالات القتل التي طالت 400 ألف سوري والدمار الذي طال أماكن بحالها واستخدام غازات السارين والكلورين والبراميل المتفجرة كل هذا طرح السؤال القديم المتجدد كيف ستحاكم الأجيال المقبلة الرئيس باراك أوباما جراء صمته وسلبيته وعدم فاعليته تجاه كل المذابح الجماعية التي ارتكبت والدماء التي سالت والدمار؟. ربما يأمل الرئيس أوباما في أن يعفيه التاريخ من اللوم بالنظر لما جرى للرؤساء الآخرين ممن تم نسيان سياساتهم المماثلة فيما عدا كتابة القليل من تقارير الإدانة ونشر القليل من الصور، فالذاكرة الجماعية لم تكترث كثيرًا بتقاعس بيل كلينتون عما حدث في رواندا ولا جورج بوش الأب عما حدث في البوسنة ولا جيمي كارتر عما حدث في كمبوديا ولا جيرالد فورد في واقعيته الباردة تجاه تيمور الشرقية ولا التعقيدات التي دخل فيها نيكسون في بنغلاديش. من أصبح الآن يدين هؤلاء الرؤساء تجاه سياساتهم بعدم التدخل؟ لقد تحدث هتلر عام 1939 عن نسيان العالم للدماء والمذابح التي ترتكب آمرًا جيوشه بالمضي قدمًا دون اكتراث لأي محاكمات تاريخية. ربما نفكر في مثل هذه الكلمات ونعتقد أن التاريخ سيعير التفاتًا أقل لكون رؤساؤنا قاموا بأدوار محدودة في الوقوف ضد الفظائع التي ترتكب في الخارج. الآن بينما تقترب رئاسة أوباما من خط النهاية ننظر في موقفه في سوريا لا شك أن فقد الأرواح والأزمة الإنسانية هناك ستكون أولى التبعات التي سينظر فيها المؤرخون بين كل ما جرى في سوريا ومن ذلك تغييب أمريكا والغرب والأمم المتحدة بينما يمتطي فلاديمير بوتين سرج انتصاراته في سوريا. لقد تلاشى التأثير الأمريكي في ظل رئاسة أوباما على الأحداث العالمية.