حبيبنا مات، وصديقنا رحل، وقريبنا غادر الدنيا الفانية. بكاء، وترحُّم.. حزن، وتحسُّر. وها هي الأُسر تجتمع من كل صوب، وحدب يجمعهم حزنهم وفراق حبيبهم. وإن كانت أيام العزاء ثلاثة فهم يعيشون كل لحظاتها بألفة الأهل، وتقارب الأحبة.. وإن ابتعدوا قليلاً عن الحديث عن ميتهم فهم يرجعون إليه سريعاً، يتذاكرون فضله وعظيم منزلته. يجتمعون إلى موائد الغداء والعشاء كأسرة واحدة، فهم في الحزن سواء ولا يتفرقون إلا وهم يتواعدون على الصلة ودوام السؤال، وتدارك ما فات من قطيعة وبعد.. وأن يكون الموت واعظاً لهم. والله على ذلك من الشاهدين. انتهى العزاء.. وتفرَّق الأهل والأصحاب ومرَّت الأيام والشهور، بل السنون.. دون اجتماع أو لقاء إلا ما ندر من اتصال عبر كلمات الرسائل الجافة, وذبذبات الصوت الباردة!! هل سيأتي اليوم الذي يفرح الناس فيه بالعزاء ليلتقوا بأهلهم! ولتجمعهم أيام حميمية. هذا هو حال كثير من الأسر والواقع شاهد واضح.. وكأن لسان حال البعض يقول: إلى عزاء آخر!.. نراكم ونجتمع بكم!