ودّعت الملاعب الخضراء آخر العباقرة العرب وسيد الفلسفة والطرب، الفيلسوف العربي والنمر الآسيوي يوسف الثنيان .. وبرحيله المر تخسر الكرة العربية بشكل خاص والآسيوية بشكل عام أبرز وأروع أستاذة الفن الكروي الممتع، اختار الثنيان ليلة البارحة ليلقي فيها كلمته الأخيرة في الملاعب الخضراء ولم يتخل عنه أنصار المتعة وذواقو كرة القدم حينما زحفوا بأعداد هائلة لمشاهدة اللحظات الأخيرة في حياة الثنيان الكروية .. يوسف الثنيان، الذي تعلّمنا منه أن كرة القدم ليست أهدافاً وفوزاً وخسارة فقط .. بل هي متعة وإبداع وتسلية وتشويق. يوسف .. بتسحيباته التي أرهقت الأظهرة والمدافعين، وتمريراته التي أحرجت زملاءه اللاعبين، وتسديداته التي اخترقت حاجز الصمت ومزقت الشباك. يوسف الثنيان ترك للكرة السعودية بصمة ذهبية لا تنسى، كيف لا وهو الذي شارك وساهم في صناعة اسم المملكة في المحافل العالمية، بداية من كأس آسيا 88م، وكأس آسيا 96م، وبطولة العرب 98م، ومروراً بمونديال 98م .. ولن أتحدث عن بطولاته مع ناديه لأني بذلك سأرهق قلمي وسأرهقكم بسرد يطول ذكره ولن ينتهي أمده .. يوسف بشديد الاختصار جعلنا نحب كرة القدم وجعلنا نجزم أن الكرة ليست هدفاً ولا إنجازاً فحسب، بل هي فن وإبداع وإمتاع. قد يخلف الهداف هداف آخر .. ولكن موهبة الإبداع والإمتاع نادرة جدا لا يجيدها إلا العباقرة .. والثنيان أحدهم ... وكفى.