عرف البهاق منذ قديم الزمان وهو من الأمراض الجلدية مجهولة السبب تظهر على شكل بقع بيضاء اللون في أماكن مختلفة من الجسم. ويعود سبب هذا اللون إلى فقدان الخلايا الصبغية داخل الجلد والتي تقوم بتصنيع صبغة الجلد وهي «مادة الميلانين» ومع أن سبب البهاق غير معروف تماماً، يعزو الكثير من مرضى البهاق أسباب المرض لديهم لحادثة أو حالة نفسية مفاجئة أدت إلى ظهور البهاق. وتظهر العديد من الدراسات العلمية دور الانفعالات والحالة النفسية في الأمراض المختلفة ولكن في الحقيقة لا يمكن الإقرار بأن التأثيرات النفسية تعمل بمثابة الشرارة التي تؤدي لظهور المرض وقد يكون لها تأثير في اشتداد المرض وتأثيره وذلك بسبب ارتباط الجلد الوثيق وهو العضو الأكبر في الجسم مع الجهاز العصبي والوظائف العديدة والدور العام الذي يقوم به الجلد.وهناك عدة نظريات لأسباب حدوث البهاق لم يتم تأكيدها بشكل قاطع وهذا ما يجعلنا نقول أن السبب الحقيقي للبهاق غير معروف علماً أن العامل الجيني الوراثي والمناعي من أكثر الأسباب قرباً للحقيقة ومن هذه النظريات: 1 نظرية المناعة الذاتية Autoimmune Theory ويقول أصحابها إن هناك خللاً مناعياً يؤدي إلى تخريب الخلايا الصبغية الميلانية أو تعطيل وظائفها بشكل مشابه لما يحدث في الأمراض المناعية مما يجعل الجسم يتعامل مع هذه الخلايا كأنها أجسام غريبة ويبدأ بمحاربتها ولعل ترافق البهاق مع كثير من تلك الأمراض يؤيد هذه النظرية خصوصاً أن نسبة حدوث البهاق عند المصابين بأمراض مناعية ذاتية 10 15% بينما هي لدى عامة الناس 1 2%. 2 النظرية العصبية Neural Theory ويعتقد أصحابها بوجود مواد كيميائية في النهايات العصبية في الجلد تقوم بتثبيط تركيب الميلانين أو تخريب الخلايا الميلانية. 3 أمراض الدم ومن أهمها فقر الدم الناتج عن نقص فيتامين B12 4 بعض الأمراض الجلدية ومعظمها لها علاقة بالمناعة الذاتية مثل الثعلبة والذئبة الحمراء. 5 أمراض الغدد الصماء حيث يحتمل وجود أمراض الغدة الدرقية (فرط النشاط، قصور، إلخ..) لدى 30 40% من مرضى البهاق وبالمقابل فإن معدل حدوث البهاق لدى مرضى الغدة الدرقية يبلغ في بعض الدراسات 12 ،5%. العلاج الجراحي للبهاق هناك عدة أنواع من العمليات الجراحية القديمة للبهاق استخدمت في السنوات العشرين الأخيرة تعتمد جميعها على مبدأ نقل الخلايا الصبغية بداية بالتطعيم بالخزعات إلى زرع الخلايا بعد تكاثرها داخل المختبر وكان في الوقت السابق لهذه الأساليب فائدتها النسبية التي جعلتها مقبولة لعدم وجود البديل وهذه الجراحات هي: 1) التطعيم بالخزعات: Punch Graft وهي طريقة قديمة يتم فيها أخذ طعوم جلدية من الجلد السليم لا تتجاوز سماكتها 1 2 مم وزرعها في أماكن البهاق وتحتاج هذه العملية إلى مراعاة تجانس اللون ويحتاج المريض إلى الراحة وعدم الحركة الزائدة لمدة أسبوع كي لا تتخلخل الخزعات ومن مضاعفات هذه العملية حصول ندبات جلدية ظاهرة ومزعجة للمريض. 2) التطعيم بالفقاعات: Blister Graft وفيها يتم استخراج فقاعة جلدية من الجلد السليم باستخدام جهاز الضغط السلبي ثم نقلها وزراعتها على المنطقة المصابة بعد صنفرتها بالليزر ونسبة نجاحها أقل من الطرق الأخرى. 3) زرع الخلايا الصبغية غير الذاتية Melanocyte Transplant Cultured وتعتمد على استخراج الخلايا الصبغية من جلد المصاب وزرعها في سائط (مزارع خاصة للخلايا) في المختبر مع إضافة مواد محفزة لتسريع النمو والتكاثر وإعادة زرعها في المناطق المصابة. وقد توقفت هذه العملية الآن بسبب المخاوف التي يحدثها تكاثر الخلايا داخل مزارع المختبرات من تلوث والتهاب إلى إمكانية تحولها إلى خلايا خبيثة. 4) زرع الخلايا الصبغية الذاتية Melanocyte Transplan Autologus Non - Cultured وهي الطريقة الأحدث والأسرع والأمن لغاية الآن وتعتمد على إعادة التصبغ للجلد عن طريق زرع الخلايا الصبغية من منطقة مانحة في جلد المريض نفسه إلى منطقة بهاقية بمعدل مساحة 1 إلى 10 وهذه العملية لا تجرى حالياً سوى في 3 مراكز حول العالم إضافة إلى عيادات لايت المركز الوطني للبهاق والصدفية في المملكة العربية السعودية وفي هذه العملية يتم استخراج الخلايا الصبغية من منطقة جلد سليمة للمريض ثم معالجتها وعزلها بدون إخضاعها للتكاثر داخل المختبر ثم استخراجها خلال ساعة واحدة وزرعها في منطقة البهاق مباشرة بعد استخدام الليزر وتغطيتها بمادة كولاجينية تساعد على تثبيتها وعزلها عن العوامل الخارجية. وقد أثبتت هذه العملية نجاحها في أكثر من 80% من الحالات وهي نسبة عالية جداً مقارنة بالأساليب القديمة خصوصاً أنه باستطاعة الطبيب تغطية مساحات واسعة من البقع البهاقية. ومن مميزات العملية أيضاً عدم حاجة المريض للراحة الطويلة حيث بإمكانه معاودة نشاطه مباشرة بدون إجازة مرضية وبدون تقييد لحركته. ويبدأ التصبغ لدى البقع المعالجة في مدة قد لا تزيد عن أسبوعين ويستمر كذلك عدة أشهر حتى التصبغ التام.
