تايكوندو الشباب يهيمن على بطولتي البراعم والناشئين والحريق يزاحم الكبار    القيادة تعزي في وفاة الرئيس الإيراني ومرافقيه    برعاية خادم الحرمين وزير النقل يفتتح مؤتمر مستقبل الطيران 2024 ويشهد إعلان أكبر استثمار بتاريخ الخطوط السعودية    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب منطقة "شينجيانج" شمال غرب الصين    أمير تبوك يرعى تخريج أكثر من 2300 متدرب ومتدربة للتدريب التقني والمهني .. غدا    أكثر من ثلاثة الاف جولة رقابية تنفذها أمانة الشرقية على المنشآت الغذائية والتجارية    كيف سقطت مروحية الرئيس الإيراني.. وما الذي كشفته الصور؟    إيران تعلن رسمياً مصرع الرئيس ووزير الخارجية    تعليم البكيرية يعتمد حركة النقل الداخلي للمعلمين والمعلمات    وصول أبطال آيسف 2024 إلى جدة بعد تحقيق 27 جائزة للوطن    «التعليم» تحدد أنصبة التشكيلات المدرسية في مدارس التعليم العام    الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول أمطار بعدد من المناطق ورياح نشطة في الشمال    حبس البول .. 5 آثار أبرزها تكوين حصى الكلى    1.8 % معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    أوتافيو يتجاوز الجمعان ويسجل الهدف الأسرع في «الديربي»    خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية في العيادات الملكية    «عضو شوري» لمعهد التعليم المهني: بالبحوث والدراسات تتجاوزون التحديات    4 نصراويين مهددون بالغياب عن «الكلاسيكو»    البنيان: تفوق طلابنا يبرهن الدعم الذي يحظى به التعليم في المملكة    السعودية.. يدٌ واحدةٌ لخدمة ضيوف الرحمن    متحدث «الداخلية»: «مبادرة طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي    الفضلي: «منظمة المياه» تعالج التحديات وتيسر تمويل المشاريع النوعية    مرضى جازان للتجمع الصحي: ارتقوا بالخدمات الطبية    السعودية من أبرز 10 دول في العالم في علم «الجينوم البشري»    5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والسمنة    نائب أمير منطقة مكة يُشرّف حفل تخريج الدفعة التاسعة من طلاب وطالبات جامعة جدة    وزارة الحج والعمرة تنفذ برنامج ترحاب    ولي العهد يبحث مع سوليفان صيغة شبه نهائية لاتفاقيات استراتيجية    تأجيل تطبيق إصدار بطاقة السائق إلى يوليو المقبل    القادسية بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر    هاتف HUAWEI Pura 70 Ultra.. نقلة نوعية في التصوير الفوتوغرافي بالهواتف الذكية    الشيخ محمد بن صالح بن سلطان «حياة مليئة بالوفاء والعطاء تدرس للأجيال»    تنظيم مزاولة مهن تقييم أضرار المركبات بمراكز نظامية    جائزة الصالح نور على نور    مسابقة رمضان تقدم للفائزين هدايا قسائم شرائية    الانتخابات بين النزاهة والفساد    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    165 ألف زائر من بريطانيا للسعودية    الملاكم الأوكراني أوسيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع    بختام الجولة ال 32 من دوري روشن.. الهلال يرفض الهزيمة.. والأهلي يضمن نخبة آسيا والسوبر    ثقافة سعودية    كراسي تتناول القهوة    المتحف الوطني السعودي يحتفي باليوم العالمي    من يملك حقوق الملكية الفكرية ؟!    يوم حزين لهبوط شيخ أندية الأحساء    «الخواجة» نطق.. الموسم المقبل ضبابي    الاشتراك بإصدار مايو لمنتج «صح»    عبر كوادر سعودية مؤهلة من 8 جهات حكومية.. «طريق مكة».. خدمات بتقنيات حديثة    بكاء الأطلال على باب الأسرة    تحقيقات مع فيسبوك وإنستغرام بشأن الأطفال    جهود لفك طلاسم لغة الفيلة    تأملاّت سياسية في المسألة الفلسطينية    5.9 % إسهام القطاع العقاري في الناتج المحلي    ارتباط بين مواقع التواصل و«السجائر الإلكترونية»    سقوط طائرة هليكوبتر تقل الرئيس الإيراني ووزير الخارجية    الديوان الملكي: خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية    أمير منطقة تبوك يرأس اجتماع جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أن تموت استثناءً

كانت حياته استثنائية.. فقد عاش شطرها مغترباً ثم مات- كذلك- مغترباً.. فكانت وفاته أيضاً استثنائية.
وبين الاستثناءين شُهد له بالخلق العالي والتعامل المترف مع مخالفيه قبل مؤلفيه.
هذا هو «أبو أحمد» محمد بن أحمد الرشيد سفير المملكة في ساحل العاج الذي قضى نحبه في ظرف قاس في بلاد بعيدة.. وحيداً فريداً صباح يوم الجمعة 25/1/1424ه.
لا أرثيه لأنه عمي- وحسبي بالعمومة داعية إلى الرثاء- بل لأنه أهلٌ لأن يُرثى ويؤبّن، وتنشر محاسنه التي لم يكن يعبأ هو بنشرها في حياته.
حينما بلغني نعيه المرّ تذكرت أبيات علي بن الجهم:
وارحمتا للغريب في البلد
زح ماذا بنفسه صنعا؟!
فارق أحبابه فما انتفعوا
بالعيش من بعده وما انتفعا
كان عزيزاً بقرب دارهم
حتى إذا ما تباعدوا خشعا
وكان يبكي من الفراق إذا
حُدِِّث عنه، فكيف إذ وقعا؟
يقول في نأيه وغربته:
عدلٌ من الله كلّ ما صنعا
كان -رحمه الله- مثالا في لين الجانب ودماثة الخلق، وقد كشفت وفاته أخلاقا أخر يندر وجودها:
كان يخفي مكانته بين الناس، غير تياه ولا مصعر الخد، ولم أكن الأوحد في المفاجأة بذلك الحشد من المسؤولين الكبار الذين هرعوا للتعزية فيه، فضلاً عن أصدقائه الكثيرين ومعارفه.
وكان كل واحد من أصدقائه وزملائه- كما قال أحدهم- يظن أنه أقرب الناس إليه.
وهاتان صفتان - وإن بدتا سهلتين- يصعب تحقيقهما فأما الصفة الأولى فلأن المرء مجبول على حب التباهي بالمكانة وكم من فاقد لها يتظاهر بها، فإذا تحققت وتسامى المرء عليها كان نسيجاً وحده وبخاصة في هذا الزمن الذي أصبح كثير من أهله يتشبعون بما لم يعطوا ويفنون أعمارهم طمعاً في امتلاك ما لا يستحقون.
و «محمد بن أحمد الرشيد» كان ممن يتسامى على السمو، ويتعالى على التعالي، رضي بأن يعمل صامتاً، ويبذل صامتاً، فكانت ميتته صاخبة.
وكان خافت الصوت- على مقدرة- فأبى الله إلا أن تعلن وفاته على رؤوس الأشهاد.
أما الصفة الأخرى فإن النفس لا تقبل على كل أحد بوجه واحد ملؤه البشر والطلاقة واللين، إلا بعد رياضة قاسية ومغالبة للنوازع والأهواء.
و «محمد بن أحمد الرشيد» كان ممن راض نفسه البشرية الضعيفة على الأنس بالناس كلهم، فلم يشعر أحد ممن لقيه إلا أنه محب له وسع الناس بشره، فوسع كثيراً منهم الحزن عليه والفجيعة به.
وكان يبذل فضل قدرته وجاهه لمن سأله ولمن لم يسأله، ولكل من احتاج إليه وأمكنه نفعه، وإن لم يعتمده بالرغبة، ولم يُشْعِر نفسه انتظار مقارضة من أحد على ذلك.«1»
لقد كان - في شيوع كثير من محاسنه بعد وفاته- أشبه بزهرة فواحة، زاد أريجها بعد أن ذبلت وتفتتت، أو كقارورة عطر ملأ الجو عطرها بعد أن انكسرت:
فتأمل كيف يغشى
مقلة المجد النعاسُ
ويُفتّ المسك في الترب
فيوطا ويداس
وقد ثلجت صدور تبين لها أن للفقيد - رحمه الله- أعمال بر لم يعلم بها إلا قلة من المقربين إليه:
فقد دعم إنشاء مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم في الهند إبان عمله هناك قنصلا في السفارة السعودية.
وكان يداً لمكتب الدعوة في غرب إفريقية، يعين على الخير، ويسهل السبل للعاملين فيه- بشهادة مديره- وقد تظهر في قوادم الأيام أعمال خيّرة وآثار نبيلة.
وبعد:
فقد جاء في الأثر- ما معناه: «إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه منزلة القائم الصائم». اللهم فاجعل عبدك الضعيف ممن غفرت لهم بحسن خلقهم وكريم خصالهم وتجاوز عنه- وعنا وكلنا مذنب خطاء- بكرمك ومنك.
اللهم واجعله ممن استمر عمله بصدقة جارية وأولاد صالحين يدعون له.
«1» هذه الفقرة من كلام ابن حزم في الأخلاق والسير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.