مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (10920) نقطة    أمير القصيم يبارك جهود جمعية "استدامة" في دعم الاستدامة والرعاية الصحية    "برق" في عامه الأول: 7 ملايين مستخدم و تعاملات ب 73 مليار ريال    رابطة العالم الإسلامي: نجاح المملكة في مؤتمر حلّ الدولتين يمثَّل محطة مفصلية تجاه القضية الفلسطينية    اليويفا يغرّم باريس سان جيرمان بسبب سوء سلوك جماهيره    فهد سندي يفوز برئاسة الاتحاد    سرقة مقتنيات ثمينة من منزل تامي أبراهام في لندن    أمير المدينة يكرم المشاركين في مبادرة "الشريك الأدبي"    كاسيت 90 .. تعود من جديد إلى جدة بذكريات وأصوات الزمن الجميل    محافظ الطائف يوجه بإغلاق منتجع شهد سقوط إحدى الألعاب    أمير جازان يقلّد مدير جوازات المنطقة رتبته الجديدة    الشيخ : تمسك المملكة الدائم بحل الدولتين خيار قانوني عادل متوافق مع الشرعية الدولية    السعيد: القادسية نادٍ كبير.. سأكون جزءاً من إنجازاته    فرع هيئة حقوق الإنسان بجازان يحتفي باليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالأشخاص بالتعاون مع الجهات الحكومية    معرض المدينة للكتاب.. نوافذ على العالم    الذهب ينتعش من أدنى مستوى في شهر مع تصاعد مخاوف الرسوم الجمركية    تكريم "التخصصي" لدوره في تعزيز الصحة المجتمعية بالمدينة المنورة    السعودية ترحب بإعلان رئيسي وزراء كندا ومالطا عزم بلديهما على الاعتراف بدولة فلسطين    الجيش الروسي يؤكد سيطرته على مدينة تشاسيف يار شرق أوكرانيا    استمرار الرياح النشطة على معظم مناطق المملكة    تقنيات الذكاء الاصطناعي تفتقر إلى الحسّ الثقافي والبلاغي    15 دولة تتجه للاعتراف بدولة فلسطينية بعد مؤتمر نيويورك    إسرائيل تواصل قصف الجوعى في مراكز المساعدات وتوزيع المياه    "المركز الوطني للفعاليات" يوقع مذكرة تفاهم مع هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة    إطلاق منصة الفانتازي لكأس العالم للرياضات الإلكترونية بجوائز إجمالية تبلغ 200 ألف دولار    9 مليارات ريال كفالات تمويلية    أول جهة حكومية تنال شهادات (CREST) العالمية.. سدايا تحقق التميز في الأداء الحكومي ورفع الإنتاجية    نائب أمير مكة يستقبل رعاة حملة توعية ضيوف الرحمن    لتولى مهام مراقبة ساحل البحر الأحمر.. تدشين فريق مفتشات بيئيات بمحمية الأمير محمد بن سلمان    أوفياء كشافة شباب مكة يطمئنون على فضل    أسرة الزهراني تحتفل بزواج أحمد    آل العيسوي وأبوزيد والطباع يتلقون التعازي في محمود    بسبب تجويع سكان غزة.. شخصيات إسرائيلية بارزة تطالب بعقوبات على تل أبيب    4 أشواطٍ تحضيرية للكؤوس في الأسبوع الثاني من موسم سباقات الطائف    في ديوانيته الأسبوعية.. خوجه يحتفي بسفير جمهورية طاجيكستان    أندية سعودية تسعى لضم ليفاندوفسكي    بمشاعر الوفاء.. تناغم الفن تكرم التشكيليين    عرض مسرحية «طوق» في مهرجان إدنبرة الدولي    وفاة الفنان لطفي لبيب.. الضاحك الباكي    وسط تحركات دبلوماسية متسارعة لدعم حل الدولتين.. 15 دولة غربية تدعو للاعتراف بدولة فلسطين    التجارة تستدعي 96 طقم أكواب زجاجية للأطفال    20 فرصة عقارية بمزاد كندة العلني الهجين في مكة المكرمة    ارتفاع أسعار الغاز في 2025    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير مشروعات صبيا وضمد    توثيق أصوات مؤذني مساجد وجوامع الأحساء    التماس العذر    استعراض مبادرات وأنشطة محمية تركي بن عبدالله أمام أمير حائل    فيصل بن مشعل يكرّم مميزي "مدني القصيم" في الحج    فن المملكة يحطّ رحاله في بكين    المملكة تقدم دورة علمية لتأهيل الأئمة والخطباء في جيبوتي    جامايكا تشيد بمبادرة المملكة لنقل التوأم الجامايكي الملتصق «أزاريا وأزورا» إلى الرياض لدراسة حالتهما الطبية    نائب أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    نجاح عمليتين لزراعة مضخات قلبية بمدينة الملك عبدالله بمكة ضمن برنامجها المتخصص في قصور القلب    كبار السن في السعودية يتصدرون مؤشر الصحة الذهنية عالميًا    نائب أمير مكة يطلع على أعمال الجهات المعنية بخدمة المعتمرين    وزير الداخلية يطلع على "العمليات الأمنية" لشرطة باريس    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة صبيا    ثقافة القطيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر حاج في يوم عرفة
نشر في الجزيرة يوم 11 - 02 - 2003

في هضاب مني وسهولها وفي وديانها ووهادها،وفي صبيحة اليوم التاسع من شهر الله الحرام «ذي الحجة» من كل عام تجتمع قوافل التوحيد وتستعد للانطلاق إلى عرفات التي تبعد عن مكة المكرمة بضعة كيلو مترات، هذه القوافل التي وفدت إلى هذه البقاع من كل حدب وصوب، ومن كل فج عميق، بمختلف الطبقات والأعراق، الاشراف منهم والعبيد، والأغنياء منهم والفقراء، والرؤساء والمرؤوسين، والبيض والسود، يتجهون جميعاً بعد صلاة الفجر من هذا اليوم المبارك إلى بقعة من أبرك البقاع ومن أطهر التلال إلى أرض الرحمة، إلى عرفات، وكلهم في هيام وشغف، وفي شوق وتحنان لتلك الأرض، التي طال انتظارهم لرؤيتها وللوقوف على تربيتها وأحجارها، وطال شوق جباههم للتمرغ في أديمها ورمالها، إنها مشاعر العاشقين التواقين الى المحبين، فيقدمون كل غال ونفيس للوصول إليهم، هذه مشاعر تلك الجموع قبل دخولهم أرض عرفات، وألسنتهم لا تتوقف عن ذكر الله والاستغفار والتكبير والتهليل، وأكثر ما يتردد على تلك الألسنة كلمات أنبياء الله جميعاً وآخرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».
لبيك يا رب الحجيج جموعه وفدت عليك
ترجو المثابة في حماك وتبتغي الزلفى لديك
لبيك والآمال والأفضال من نعمى يديك
لبَّى لك العبد المطيع وجاء مبتهلا إليك
إن هذه القوافل الإيمانية وهذه الانطلاقة البشرية الهائلة تنطلق إلى عرفات ركباناً ومشاة، وقد تفرعت وتوزعت بمختلف الطرق والوديان للوصول إلى عرفات الرحمة، وقد أنهكهم تعب الأسفار، وحرارة الشمس، ونصب العبادة، والبعد عن الأهل والديار، وأحياناً المرض والفقر، والجوع والعطش، لكنها رغم هذا كله فإنها تمضي ولا تبالي بهذه المشقات والأتعاب، ولا تضع شيئاً من ذلك في الحسبان، لأنها تملك مشاعر وأحاسيس لا يعرفها إلا من تذوقها وعاش مواقفها، وكيف لا يكون لها ذلك وقد قدموا إلى هذه البقاع راضية نفوسهم طائعة لأمر ربهم، رغبة في عفوه ومغفرته، وكيف لا يكون لهم ذلك وقد قدموا إلى رب ودود رحيم.
هذه الجموع تدفقت منها المسالك والبطاح
قطعوا لك الغبراء والدأماء واجتازوا الرياح
متضرعين إليك مستهدين يرجون السماح
ترى هذه الأمواج البشرية المتدفقة قاصدة ربوع عرفات بمشاعر مرهفة، وقلوب خاشعة، وعيون باكية، وقد أجاد شوقي وأبدع في وصف مشهد هذه الجموع وهي تصعد إلى عرفات بقوله:
إلى عرفات الله يا خير زائر
عليك سلام الله من عرفات
على كل افق بالحجاز ملائك
تزف تحايا الله والبركات
إذا حديتْ عيس الملوك، فإنهم
لعيسك في البيداء خيرُ حداة
وما أن تقترب تلك الجموع من عرفات وتخترق مراكبهم حدودها، تتعالى أصواتهم إلى العزيز الجبار فتمتلىء الآفاق بالبكاء وتحترق الخدود بالعبرات والزفرات، راجين من ربهم القبول والغفران، والصفح والتجاوز عن ماضيهم ومعاصيم، فإنهم الآن واقفون على عتبة باب الرحمن الرحيم، يطرقونه بقلوبهم الوجلة، وأياديهم المتضرعة، ولسان حال كل واحد منهم يقول:
وأنت وليُّ العفو فامح بناصع
من الصفح ما سُوِّدتْ من صفحاتي
فينزل هذا الإله وهذا الرب الرحيم إلى السماء الدنيا ويباهي بعباده هؤلاء ملائكته في السماء، ويقول: «انظروا عبادي شعثاً غبراً ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروني ويعوذون من عذابي ولم يروه، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم». فيا له من يوم عظيم رحيم على عباد الله الصالحين، يتقرب فيه الناس من خالقهم بالدعوات والذكر والاستغفار ويدنو منهم ربهم ويغفر لهم ويعفو عنهم ويتجاوز عن خطاياهم، ويا له من يوم خزي وعذاب على الشياطين وأوليائهم، حيث لا تنالهم هذه الرحمة ولا تشملهم تلك المغفرة، فهم أذل الخلائق يومئذ وأصغرها وأحقرها، يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: «ما رؤي الشيطان يوماً فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا بما يرى من تنزل الرحمةوتجاوز الله عن الذنوب العظام». وعند استقرار الحجيج في عرفات يتوجه المواكب البشرية لتصلي صلاة الظهر والعصر جمع تقديم في مسجد نمرة وتستمع إلى خطبة الحج الجامعة الشاملة من أحد كبار علماء الأمة، فيبين فيها أحوال المسلمين ومعاناتهم وسبل الرفعة بهم، كما يدعو إلى توحيد الصفوف والتعاون إلى الاجتماع والتماسك ونبذ الفرقة وأسبابها، لتتمكن الأمة من الوقوف في وجه أعداء دينها وعقيدتها. في هذا اليوم المبارك وفي هذه البقعة المباركة، وفي هذا الموقف العظيم، تذوب الطبقات وتنقطع الأنساب والأعراق، وتتلاشى الوجاهات والأواصر، فلا تبق إلا آصرة العقيدة والدين، التي جمعتهم في هذا المكان، وجاءت بهم من مشارق الأرض ومغاربها، ليلتقوا في هذا الصعيد المبارك بلباسهم الموحد:
أرى الناس أصنافاً، ومن كل بقعة
إليك انتهوا من غربة وشتات
تساووا فلا الأنساب فيها تفاوت
لديك، ولا الأقدار مختلفات
لذلك كان يعلم عليه الصلاة والسلام أصحابه في الحج ويقول لهم: «خذوا عني مناسككم».
وتتجلى في هذا الموقف رحمة من بيده ملكون السموات والأرض بعباده وتودده إليهم، ومغفرته لهم، فهو خالقهم وبارئهم، وإليه يرجعون.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.