التخصصات الأدبية أصبحت الآن «الغول» الذي يرعب العديد من الطلاب وهي المستقبل المجهول. وقد أصبح ينظر المجتمع لهؤلاء الطلاب أو الخريجين نظرة عطف وشفقة وخريجها لا يجد المؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية التي تستوعبه وتحقق طموحه حتى أطلق عليها طلابها والمنتسبون لها تخصصات «خليك بالبيت» باعتبار أن خريج هذه التخصصات لا خيار له غير البيت ولا مجال له في السعي والبحث عن وظيفة تناسب طموحه. في هذا الاستطلاع نسعى لتسليط الضوء على هذا الموضوع. بداية تحدث الطالب خالد السعيد من طلبة السنة الثالثة تربية إسلامية فأكد أن موضوع التخصصات الأكاديمية موضوع مهم للغاية والطالب لا يعي هذه الأهمية إلا بعد أن يتخرج من الجامعة وتبدأ رحلة البحث عن العمل التي قد تستمر لأكثر من خمس سنوات. وقال إنه الآن في حالة من الخوف حيث إنه يدرس تربية وتخصص التربية الإسلامية لا يؤهله إلا للعمل في مجال التدريس وهذا يتطلب منه التقديم للوظيفة وانتظار دوره في التعيين الذي قد يستمر لأعوام طوال.. وأضاف حقيقة أنا متورط في موضوع دراسة التربية لأنها لن تؤهلني لوظيفة بشكل جيد ولا تؤمن لي مستقبلي لأنني من خلال الأربع أو الخمس سنوات التي سوف أنتظرها في المنزل يمكن أن تؤسس لي مستقبلي بكل ارتياح وزملائي في التخصصات الأخرى الذين يتخرجون معي في نفس العام يمكنهم العمل في نفس عام التخرج هذا بالإضافة إلى أن هذه السنين سوف تحسب لهم سنوات خدمة.. وإذا كان الأمر كذلك لابد أن تحسب لنا سنوات الخدمة من تاريخ تقديمنا للوظيفة لا من تاريخ تعيننا فيها لأن هذه السنين التي تضيع من عمرنا من سيدفع لنا ثمنها؟ حقيقة التخصصات الأدبية تعني بالتأكيد أن تكون بالبيت طويلاً وإن لم تساعد نفسك سوف تنتظر كثيراً وتظل في قائمة الانتظار كثيراً. ضاع الحلم أحمد القصار خريج مكتبات يقول في بداية حياتي وقبل أن أدخل الجامعة كنت أحلم بوظيفة وراتب مميز ومركز اجتماعي بحكم تخرجي من الجامعة وكنت أفكر في تخصصي وأفكر في تطوير نفسي والعمل على مواصلة تعليمي في هذا المجال وهذا التخصص وأن أحضر دراسات عليا فيه لكن بعد التخرج ماتت كل هذه الطموحات وكل هذه الآمال وأصبحت الآن أبحث عن وظيفة حتى لو كانت في غير تخصصي فقط وظيفة ولا شيء آخر ولا يهم نوعها أو أي تخصص فقد جلست حتى الآن مدة ثلاث سنوات قدمت لعشرات المصالح والمكاتب والهيئات والمدارس ولم أحظ بوظيفة واحدة حتى ولو موسمية، ما جعلني الآن أبحث عن أي وظيفة وفي أي مكان. أما طموحي وآمالي وأفكاري وتخصصاتي فذهبت أدراج الرياح فقد قتلها الملل والانتظار وحقيقة لو كنت أعلم أن هذه التخصصات مصيرها مجهول لكنت راجعت نفسي قبل أن أدرسها، تخيل أنني الآن أفكر في دراسة تخصص آخر في أي جامعة أخرى حتى ولو خارج المملكة حتى أتمكن من وظيفة ولو نفذت هذه الفكرة منذ تخرجي لكنت الآن على وشك التخرج. ولكني أتساءل ما هو العيب في هذه التخصصات الأدبية عندنا على العكس في العالم أجمع تجد التخصصات الأدبية والفلسفية مكانها في سوق العمل والوظيفة إلا عندنا لا نجد نحن خريجو هذه التخصصات أي مكان لا في المجتمع ولا في العمل مكانتنا نجدها فقط في الجلوس في المنزل وهذه مشكلة كبيرة جداً لابد من مراجعتها أو أن تكتفي هذه الجامعات من تفريخ هؤلاء الطلاب الجدد الذين لا يعرفون مصيرهم ولا تعرف تلك الجامعات مصيرا لهؤلاء المتخرجين؟! . أين نذهب؟ ويقول فهد الفلاح: «التخصصات الأدبية في الجامعات السعودية تعني بالتأكيد أن يكون الخريج في منزله لوقت طويل قد يمتد وقد يصيبه الملل والكسل والإحباط من جراء هذه الظروف التي يعيش فيها والمشكلة تبدأ حينما لا يجد الطالب غير دراسة مثل هذه التخصصات التي لا تخدمه أبداً بل وتصبح عبئاً عليه في مستقبل حياته وكثير من الشباب الخريجين بسبب الإهمال والجلوس في المنزل لسنوات طويلة فقدوا الأمل في العمل وأصابهم الفراغ والفراغ آفة الشباب فأدخلوا نفسهم في أمور خطيرة ما كان أن يصلوا إليها لولا الفراغ فضاعت حياتهم ومنهم من فقد حياته كل هذا بسبب البطالة التي أفقدتهم معنى الحياة. هذه التخصصات الأدبية التي تخرج مجموعات هائلة من الطلاب سنوياً لسوق العمل الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستوعب ولا ربع هؤلاء الخريجين سنوياً عليها أن تدرس الموضوع بجدية حتى لا تصبح مجرد شهادة جامعية لا معنى لها لأن هذه الكليات هي المسؤولة في بداية الأمر عن تأهيل هؤلاء الطلاب لمجابهة الحياة وتسليمهم للدفاع عن أنفسهم فكيف لها أن تؤهل شباب في مجال لا مكان له في الحياة. على هذه الكليات دراسة حجم سوق العمل والاحتياجات المستقبلية للوظائف البشرية وحجم استيعاب المتخرجين وعددهم لتصبح الرؤية واضحة للطالب وللكلية لكن أن تظل هذه الكليات تصف نفسها بأنها هي الأقوى والأحسن في كافة المجالات فهذا خداع صريح لأنها لا تعطي للخريجين والشباب غير الأوهام والآمال الضائعة التي ما أن يتخرجوا إلا ويصدموا بها من أول أيام التخرج. أصبحت عاطلاً أنور الأحمدي يقول عن هذا الموضوع: لقد أصبحت الآن عاطلاً تماما فأربع سنوات بدون عمل كفيلة بأن تدمر حياتي ونفسياتي وقد أصبحت لا أبالي أبداً أنام طوال النهار وأسهر ليلا مع الشباب ولا هم لنا، أما المستقبل والحديث عن الحياة فهذا شأن آخر أصبح مجهولاً والمشكلة بدأت عندما تخرجنا وكنا نعتقد أن المؤسسات والهيئات سوف تفتح لنا أبوابها لكن الواقع غير ذلك وقد فرحنا كثيراً بالسعودة ولكن ما أن تقدمنا بطلب الوظيفة حتى أصبنا بإحباط كبير حتى الشركات الخاصة لا وظائف فيها وهي لا تحبذ توظيف السعوديين لأن الأجانب رواتبهم ضعيفة ولا مطالب لهم لذلك فإن الموظف السعودي الآن أصبحت أمامه أبواب الوظيفة حلماً كبيراً إن تحقق فهو من عداد المحظوظين في الحياة أما نحن وبتخصصاتنا هذه فلا أمل لنا في وظيفة وعلينا أن نسلم بهذا الأمر وأن نعمل على أن حياتنا لابد أن تسير هكذا ولابد أن نجد مخرجاً لها غير الوظيفة بهذا التخصص الأدبي الذي يقول عنه الشباب الآن «خليك بالبيت».