وفي يوم جميل ممطر.. دخلت خديجة السفارة من أجل انجاز بعض الأعمال.. ومع ابتسامة استقبلها خالد الموظف الجديد في أمن السفارة.. وبعد الترحيب.. قال لها هل من خدمة أقدمها لك؟ لكنها فاجأته بسؤال.. لا شك بأنك جديد هنا.. مع ابتسامة خفيفة قال لها صحيح سيدتي.. عندها قالت له: أنا أقوم بزيارة السفارة عدة مرات في الأسبوع.. وذلك من أجل انهاء بعض الأوراق الخاصة بالشركة التي أعمل بها، واسمى خديجة.. أخلاقها العالية وتواضعها زادها جمالاً.ومع مرور الوقت ولزياراتها المتكررة، تعلَّق قلب خالد بها كثيراً.. قرر الزواج منها.. والدا خالد لم يسعدهما ذلك الخبر.. لرغبتهما في أن يتزوج من بنات وطنه.. ومع إصراره على الزواج من اختار قلبه.. وافق والاده على ذلك الزواج.. مرت السنوات على زواجهما.. ولم يكن هناك من خبر يسعد مسامع والدي خالد بحفيد.. وخاصة عندما يكون ذلك من ابنهما الوحيد.. والذي يسعدهما مشاهدة أولاده قبل موتهما.. لقد ضحت خديجة بكل شيء.. تركت عملها من أجله.. ومن أجل أن تسعده بطفل تم اجراء العديد من العمليات لها.. ولكن من غير نتيجة.. وبعد مرور السنين.. قرب موعد رجوع خالد إلى أرض وطنه.. وذلك بعد نهاية مدة عمله في خدمة وطنه في الخارج.. وعلى خديجة أن تستعد للعيش مع زوجها خالد في موطنه.. سبق أن أزعجها كثيراً.. كلام والدي زوجها المتكرر عند كل زيارة لهم.. وقولهم: «نريد أن نرى حفيدنا قبل أن نموت» إنها كلمات ثقيلة على قلب خديجة... ولكن خالد لم يعط لتلك الأمور اهتماماً، عندها قال لزوجه: أنا أحبك كثيراً ووجودك معي هو كل ما أتمناه في هذه الدنيا.. ومع ايماني بالله.. وبأن كل شيء بأمره سبحانه.. فلقد فعلنا السبب.. والفرج عند الله.. حان موعد رجوعهما لأرض الوطن.. استعدت للرجوع مع حبيبها وزوجها خالد لأرض وطنه.. رحب والدا خالد بهما كثيراً بكل سعادة وبرجوع ابنهم الوحيد حولهم أخيراً.. مرت الأيام.. والسنين.. وخديجة تقوم برعاية والدي زوجها أحسن رعاية.. لقد أحبها جميع عائلة زوجها لرعايتها الواضحة لوالدي زوجها وخاصة لأم زوجها لمرضها بالفشل الكلوي.. مع ازدياد هموم خالد في حالة والدته، عرض مبلغا من المال في حالة وجود متبرع.. ومع مرور الأيام لحظت خديجة حزن زوجها.. مع حديثه الدائم عن عدم وجود متبرع لأمه الغالية.. عندها قررت خديجة.. ومن خلال ما قدمه زوجها من تضحيات من أجلها في المحافظة على حبهما وعدم التخلي عنها كونها عقيم من انجاب الأطفال..قررت أن تقدم ما يسر زوجها كمتبرعة من أجل انقاذ خالتها وأم حبيبها خالد.. ذهبت إلى الطبيب المسؤول عن حالة أم زوجها وأخبرته بأنها مستعدة للتبرع لخالتها بإحدى كليتيها.. رحب الدكتور بتلك الفكرة.. وبعد اجراء الفحص والكشف والتحاليل ظهرت النتائج لم يصدق الطبيب تلك النتائج الايجابية.. عندها أصر الطبيب أن تعاد التحاليل من جديد.. كي يطمئن أكثر.. ظهرت النتائج ايجابية أيضاً.. عندها حمل الطبيب الخبر لخديجة بتلك النتائج والتي أسرتها كثيراً كونها سوف تسعد حبيبها خالد.. طلبت من الطبيب عدم اخبار زوجها كونها متبرعة إلا بعد نهاية العملية.. لخوفها من عدم موافقة زوجها على ذلك.. عندها تم اخبار الزوج عن طريق الطبيب عن وجود متبرع لوالدته.. وأنه سوف يتم دفعه للمبلغ المطلوب بعد نهاية العملية بنجاح.. وبعد أسابيع تم تحديد وقت العملية.. استأذنت خديجة زوجها في الذهاب لزيارة اختها لعدة أيام لمرضها.. وذلك كي تذهب للمستشفى واجراء عملية التبرع بعيداً عن علم زوجها.. وبعد توقيع أوراق موافقتها على العملية.. وبعد مرور ساعات من اجراء العملية.. خرج الطبيب ومن معه من ممرضات من غرفة العمليات.. انطلق خالد نحوهم.. استقبله الدكتور بالقول: مبروك العملية ناجحة والباقي على الله.. انطلق نحو غرفة والدته كي يشاهدها.. أخبرته الممرضة المشرفة بالانتظار.. وعدم الدخول الآن.. وبعد مرور ساعات سمح له بالدخول لمشاهدة والدته.. وبجوارها المتبرعة على سريرها.. اتجه نحو والدته وقبَّل رأسها.. وجلس بجوارها.. أثناء جلوسه سمع صوتاً قريباً إلى قلبه في السرير المجاور لوالدته.. إنه سرير المتبرعة.. وكانت تقول.. ومع تأثير البنج... خالد لك ما قدمت من أجلي من تضحية.. من تضحية.. ومن غير شعور انطلق لمشاهدة السرير المجاور لوالدته.. لقد أبهره منظر زوجته خديجة وهي على السرير وقد كانت تهذي.. عندها قَبّلَ رأسها وهو يقول أشكرك حبي أشكرك.. والدموع تتساقط على خديه..