تأتي زيارات الملك سلمان -حفظه الله- إلى ماليزيا وإندونيسيا واليابان والصين والمالديف ضمن استراتيجية التوازن السعودية، التي تهدف إلى تعزيز دبلوماسية الاتجاه للشرق الآسيوي في إطار السعي لتقوية الشراكات الاقتصادية والاستثمارية ضمن (الرؤية السعودية 2030م). وقد برزت الدبلوماسية السعودية مؤخرًا بقدرتها الفاعلة، خاصة مع زيارة معالي وزير الخارجية الأستاذ/ عادل الجبير مؤخرًا إلى بغداد، التي جاءت ضمن توجيهات خادم الحرمين الشريفين القائمة على تعزيز علاقات المملكة مع العمق العربي والإسلامي والدولي. فزيارات خادم الحرمين الشريفين سوف تكرس لملامح تعاون استراتيجي مشترك بين المملكة والدول الخمس الآسيوية، وقد أبانت عن رؤية الملك سلمان -أيده الله- في الانفتاح على العالم، خاصة دول شرق آسيا، وهندسة العلاقات السعودية الدولية عبر تعزيز التعاون الأمني والسياسي والاقتصادي مع الدول الصديقة للمملكة، وحل القضايا والأزمات الدولية، ومحاربة الإرهاب بجميع أشكاله، وتعزيز الشراكة الاقتصادية والتنموية والإنسانية. تحرُّك خادم الحرمين الشريفين يأتي في ظل تحولات دولية إقليمية وعالمية، قد تسفر عن ولادة نظام عالمي جديد. وهذه الولادة المتعسرة قد تنجم عنها مزيد من الصراعات والنزاعات بين الدول، وقد تجدها دول إقليمية فرصة سانحة لمد النفوذ والهيمنة، بما يؤثر على أمن الممرات الحيوية، وأمن الطاقة العالمي، وعبر الإساءة للعالم الإسلامي من خلال دعمها للإرهاب، وإيواء قياداته، وتوظيفه لضرب الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. ولهذا تسعى حكومة خادم الشريفين - أعزها الله - إلى بناء تحالفات جديدة، تخدم مصالحها ومصالح العالم العربي والإسلامي، وتنويع علاقات التعاون بينها وبين الدول المحبة للأمن والسلام، ومنح التسهيلات لجميع المستثمرين، وتشجيع القطاع الخاص في جميع الدول على إقامة المشاريع الاستثمارية والتجارية والصناعية، ودعم الاتفاقيات المبرمة بين جميع الأطراف في ظل وجود عدد من الشركات الآسيوية التي تعمل في المملكة، وكثير من المستثمرين الآسيويين الراغبين في الاستثمار في السعودية. إن الزيارات سوف تعزز التعاون في مجال الطاقة لضمان استقرار أسعار النفط العالمية، وتفعيل دور آلية (اللجان السعودية الآسيوية المشتركة) للاستثمار في المجالات الأخرى، مثل تحلية المياه، ودعم الكهرباء، والسكك الحديدية والطرق والجسور، والاتصالات والموانئ والمطارات ومجالات الفضاء، والصحة والتعليم، والتقنية، والبحوث العلمية والسياحة، والفعاليات الثقافية والرياضية، والمهارات المهنية، بما يحقق الاستقرار والتنمية الاقتصادية المستدامة للسعودية والدول الآسيوية. وحسم العديد من الملفات والأزمات، خاصة دعم أسعار النفط؛ الأمر الذي سيعطي المملكة قوة دفع إضافية لمواصلة دعم توجهاتها في التحول الاقتصادي 2020م في إطار الرؤية السعودية 2030م. كما أن على الوفد الإعلامي والخبراء المرافقين للملك أن يدركوا أهمية الإعلام المتخصص والمهني في الدفاع عن مصالح المملكة؛ باعتباره قوة ومرجعية إسلامية، لها مكانتها العربية والإسلامية والدولية، وتبني منظومة إعلامية وقوة حضور وتأثير سعودي. وأيضًا تنويع الشراكة الاستراتيجية بين المملكة ودول شرق آسيا، وتحويلها إلى برامج عمل تنفيذية من خلال التوقيع على العديد من الاتفاقات، وفتح قنوات استثمار مشتركة، وبخاصة خطط السعودية في بيع 5 % من حصة أرامكو عام 2018م، الذي سوف يكون الأكبر في العالم؛ إذ هناك بنوك آسيوية من بين من يقدم المشورة لهذا الطرح الضخم. ونتطلع إلى أن يضع خادم الحرمين الشريفين، الذي سيشارك في القمة العربية مباشرة في الأردن عقب جولته الآسيوية، الهند على رأس اهتماماته في الزيارات القادمة. ونتوقع أن تكون للزيارات نتائج إيجابية على مجمل الاقتصاد الوطني، وعلى العلاقات الثنائية بين البلدان التي يزورها الملك سلمان -رعاه الله-؛ إذ بدأت دول إقليمية تستشعر حجم أخطاء سياسات التوتير التي تنتهجها في المنطقة، وسلبية ذلك على الأمن الإقليمي والعالمي، في اتجاه مناقض لما تقوم به المملكة من مساندة لعمليات التنمية والأمن والسلام والاستقرار، ليس على المستوى المحلي، وإنما على المستوى الإقليمي والعالمي. وما زلنا واثقين جدًّا بقدرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده الأمين، وولي ولي العهد - حفظهم الله - بأن تتجاوز المملكة التحديات الاقتصادية والأمنية، وأن تعزز مكانتها الإقليمية والدولية، وأن يكون هناك إرادة سياسية بين المملكة ودول آسيا الخمس لتشجيع الاستثمار المتبادل في السعودية، وجميع دول آسيا، وتسهيل الإجراءات والخدمات لجميع المستثمرين، وأن تعيد هيكلة الاقتصاد الوطني بما يخدم الوطن والمواطن.