رونالدو لجماهير النصر: البقاء هنا من أجلكم    «مكافحة المخدرات» بتبوك تنظم معرضاً توعوياً للتعريف بأضرارها ومخاطرها    المملكة توزع (1.500) سلة غذائية في محافظة باو بولاية النيل الأزرق بالسودان    موجة حارّة تلفح أوروبا    انطلاق برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي 2025 في جامعة الملك عبدالعزيز    رينارد: تأهل الأخضر إلى كأس العالم 2026 هو الهدف الأول    إيران تعلن انفتاحها على نقل اليورانيوم المخصب إلى دولة أخرى    فرنسا تحظر التدخين في الحدائق والشواطئ وقرب المدارس    حضور عالمي مثمر للأحساء في مؤتمر اليونسكو للمدن المبدعة    (35) لاعبًا ولاعبة يمثلون السعودية في بطولة آسيا للتايكوندو بماليزيا    فندق أنانتارا باليه هانسن فيينا يستقبل زواره بأكلات عربية وخدمات خاصة للسيدات    استشهاد 615 رياضيًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة    "الغروي" مديرًا لإدارة جودة الخدمات بتعليم جازان        أسواق الطيور تجربة سياحية رائعة لعشاق الحيوانات الأليفة في جازان    مشروع "واجهة زان البحرية".. يعزز القطاع السياحي والترفيهي والاستثماري بجازان    أمانة منطقة جازان تحقق المركز الثاني على مستوى أمانات المملكة في مؤشر الارتباط الوظيفي    تكليف الدكتور مشعل الجريبي مديرًا لمستشفى الملك فهد المركزي بجازان    الهلال يواصل استعداداته بعد التأهل.. وغياب سالم الدوسري عن مواجهة السيتي    الأرصاد: استمرار الحرارة والغبار.. وأمطار رعدية متوقعة جنوب المملكة    المركزي الروسي يخفض سعر صرف الروبل مقابل العملات الرئيسة    نيوم يعلق على تقارير مفاوضاته لضم إمام عاشور ووسام أبو علي    موقف ميتروفيتش من مواجهة مانشستر سيتي    لجنة كرة القدم المُصغَّرة بمنطقة جازان تقيم حفل انطلاق برامجها    رئيسة الحكومة ووزير الصحة بتونس يستقبلان الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية    عقبة المحمدية تستضيف الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا صعود الهضبة    فعاليات ( لمة فرح 2 ) من البركة الخيرية تحتفي بالناجحين    دراسة: الصوم قبل الجراحة عديم الفائدة    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة البسام    نجاح أول عملية باستخدام تقنية الارتجاع الهيدروستاتيكي لطفل بتبوك    الشيخ صالح بن حميد: النعم تُحفظ بالشكر وتضيع بالجحود    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقوى الله أعظم زاد، وشهر المحرم موسم عظيم للعبادة    بلدية فرسان تكرم الاعلامي "الحُمق"    رئاسة الشؤون الدينية تُطلق خطة موسم العمرة لعام 1447ه    استمتع بالطبيعة.. وتقيد بالشروط    د. علي الدّفاع.. عبقري الرياضيات    أخلاقيات متجذرة    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    البدء بتطبيق نظام التأمينات الاجتماعية على اللاعبين والمدربين السعوديين ابتداءً من 1 يوليو    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    الإطاحة ب15 مخالفاً لتهريبهم مخدرات    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    تحسن أسعار النفط والذهب    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعاقة الفنية في الدول النامية
نشر في الجزيرة يوم 11 - 02 - 2017

تبعية الدول النامية تجعلها تستنسخ كل الموبقات الاجتماعية للغرب سواءً فنية او غيرها. وليس خافياً على النخبْ الثقافية في الدول النامية أن ال(ستايل) او النموذج الأمريكي هو الأمثل في أذهان أجيالنا من الطفل الى الشيخ. بل إن الحصول على الجنسية الامريكية حلم يسعى لتحقيقه جيل الشباب بالطرق المشروعة وغير المشروعة، اعتقاداً منهم أن الولايات المتحدة الامريكية هي بلد الرخاء والحرّية.
نحن في الدول النامية مستهلِكون لما ينتجه الغرب من بضاعة بما في ذلك (الابتذال) الذي تروج له الأجهزة الغربية في النشاطات الاجتماعية وخاصّة الثقافية والفنيّة منها. ولن أخوض في كيفية اجترار النخب في الدول النامية للثقافة الغربية والمزيفة منها بالذات، إنما يؤرقني التسلط الغربي على وعينا كي يمتص دماءنا دون احتجاج.
الاستعمار الثقافي والفني لعقولنا يوليه الغرب أهمية بالغة تفوق بما لا يقاس سيطرته المافيوية على عقول المواطنين الغربيين أنفسهم.
ويستخدم في ذلك تسلطه المباشر من جهة، وتسلطه غير المباشر عبر الحكومات الموالية له في الدول النامية من جهة أخرى. ولكن هناك سؤال يطرح نفسه بقوّة: لماذا يمتلك المثقف او الفنان او السياسي او العامل في الدول النامية أهمية أكبر لدى الغرب من أقرانه في الدول المتقدّمة؟
بالرغم من أن المثقف الغربي يجد مساحة أكبر بما لا يقاس للتعبير عن رأيه او لتجسيد عمله الفني دون الحاقات مقارنة بمثقفي الدول النامية، إلا أن سقف المطالب الثورية لدى الغربي لا يتجاوز تحسين وضعه الاجتماعي ضمن النظام الرأسمالي المافيوي ذاته. أما سقف المطالب في الدول النامية هو الاطاحة بالنظام الاستعماري الذي لا يمكن أن يتمّ إلا بالقضاء على النظام الرأسمالي في العالم كلّه.
الصراع الثقافي والفني في الدول المتقدّمة لا يعدو عن كونه صراعا بين طبقة مافيوية مهيمنة وطبقات اجتماعية مقهورة، أما في الدول النامية فهو صراع بين أحلاف استعمارية مهيمنة وشعوب مقهورة ومنهوبة.
الصراع الطبقي قد يفضي الى الاطاحة بالرأسمال في دولة واحدة كما حدث في روسيا عام 1917، ولكن الصراع الشعوبي لا يفضي إلا الى سقوط النظام الرأسمالي برمته. من هنا تتبدّى أهمية الدور الذي يضطلع به المثقف او الفنان في الدول النامية.
المثقف الغربي الذي يتقاضى أجراً قدره عشرة آلاف دولار شهرياً مثلاً، يغض الطرف عن أن 500 دولار منه هي من المؤسسة التي يعمل بها والباقي من جثث الجياع في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وليس من مصلحته على الإطلاق رفع راية الاطاحة بالاستعمار. وهذا الأمر لا يخص المثقفين وحسب، فهو ينسحب على الشعوب الغربية كافة بمثقفيها وعمالها ومفكريها وعلمائها وحتى من يعانون من البطالة فيها.
هذا لا يعني أنه لا توجد أصوات مناهضة للاستعمار في الغرب، ولكنها نادرة ومحدودة الفعالية. ولا يعني ايضاً أن الحراك الشعبي الثوري في الغرب غير مناهض للاستعمار، ولكن مناهضة الاستعمار ليست هماً اجتماعياً في الغرب، ولذلك تجد غالبية المثقفين والفنانين الغربيين بعيدين كل البعد عن هموم الدول النامية او الهمّ الأممي.
بالرغم من أن الانتاج الثقافي والفني والفكري في الدول النامية أقل بكثير مقارنة بالغرب إلا أنه أشد وقعاً وأكثر فاعليةً. ذلك لأنه مجبور على حمل الهم الاجتماعي المحلي والإقليمي والعالمي، ولذلك يحتدم الصراع بين (التراثوية) المرتبطة بالهيمنة الاستعمارية والحداثة المرتبطة بالصراع الكوني ضد الرأسمال.
القيمة الجمالية لغالبية الاعمال الفنية لا يحددها (السوق) ولا (الشعب) او (الذوق الجمعي) في الدول النامية، إنما السلطة الفنية والإعلامية منها بالذات المرتبطة بمعظمها بالاستعمار الثقافي - الفني المهيمن على وعينا. ولذلك تجد الأعمال الفنية الحداثية لا تبصر النور إلا بمعانات وربما تضحيات عظيمة، ولا يسمى الفنان فناناً ولا المثقف مثقفاً إلا بمباركة السلطات.
لا يوجد فنان ولا كاتب ولا مثقف في العالم أجمع ينتج أعمالا لنفسه فقط، فالعمل الثقافي او الفني لا يمتلك صفته إلا بالنشر وإطّلاع (الجمهور) عليه. لذلك تموت معظم الأعمال الحداثية العظيمة بسبب عدم السماح لها في الدول النامية بالوصول إلى وعي الجماهير.
من هذا المنطلق تجد الناتج الثقافي والفني (المسموح له) او (المجاز) محصوراً ضمن نخبة قليلة من الأفراد، ولا (مردود مادي او معنوي) له إلا بمقدار الدعم الذي تقدمه السلطات. وتجد الجمهور من الأجيال الصاعدة غير مكترث لهذا النتاج، خاصّةً بعد أن وجد بالشبكة العنكبوتية او (الانترنت) ملاذاً لتلبية شغفه.
بالرغم من المساحة الهائلة للاطلاع التي تتيحها الشبكة العنكبوتية لكل متصفّح من جميع الأعمار، إلا أن عزلة الناتج المعرفي المحلّي في الدول النامية عن الجما هير الشعبية أدّى الى إدمان تلك الجماهير وخاصّةً الاطفال على ما تقدمه الآلة الإعلامية الاستعمارية عن طريق الشبكة العنكبوتية. بل أصبحت النخبة والجماهير الشعبية او المنتِج المعرفي والمتلقي تحت إشراف وتوجيه المخابرات الاجنبية. وربما يلاقي أي منهما شتّى انواع الإلحاقات او التصفية الجسدية إذا تطاول على (السامية) او فضح النهج المافيوي الرأسمالي وخاصّة الأمريكي.
يعمل الاستعمار بشكل مستتر - وعلني احياناً - على إجهاض الاصوات الحداثية في الدول النامية، ويروّج الى أن الفنان (الحقيقي) هو العابث الغير ملتزم بالهمّ الوطني ولا حتى الأخلاقي والذي يعرف من أين (تؤكل) الكتف وربما غير الكتف، وإن فشل في إسقاطه فالإغراء بالهجرة الى أمريكا (أم الدنيا!) هو وعائلته ومن يعزّ عليه - إن تطلّب الأمر - جاهزاً، وإذا لم تنجح الإغراءات فالكيان الغاشم او (داعش) هما الحل الأمثل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.