حملة تشجير بمتنزه رفحاء البري    تهامة عسير تترقب عسل السدر    إسرائيل وحماس.. تصعيد وجدل وتعقيد الحلول    القبض على مصريين في جدة لترويجهما مادة الحشيش المخدر    357 ألف مشروع بأولمبياد الإبداع    54 مليون قاصد للحرمين خلال شهر    رئيس «الغذاء والدواء» يُدشّن مشروع الربط الإلكتروني لخفض مخاطر الأدوية    مبادرة مستقبل الاستثمار    أمير منطقة جازان ونائبه يقدمان واجب العزاء للدكتور حسن الحازمي في وفاة نجله    الضربات الأوكرانية خفضت قدرة روسيا على تكرير النفط 20%    روسيا: المعلومات عن استعداد فرنسا لإرسال قوات لأوكرانيا مثيرة للقلق    انطلاق فعاليات كبار القدر "بسطة مشراق" بالدمام    القادسية يبطل مفاجأة الحزم    أرامكو تستحوذ على حصة أقلية من هيوماين    نائب رئيس الصين: شعار مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار ينسجم مع توجهات العصر    الهلال يحقق فوزًا صعبًا على الأخدود في كأس الملك    وزير الداخلية يبحث مع الرئيس السوري التعاون الأمني    مدرب الأهلي يؤكد جاهزية جالينو لمواجهة الرياض    رئيس «الغذاء والدواء» : تجربة المملكة في دعم توفر الدواء تنطلق من حرصها على صحة الإنسان وسلامته    السعودية تدين الانتهاكات الإنسانية الجسيمة لقوات الدعم السريع في الفاشر    المملكة تواصل توزيع المساعدات الغذائية في غزة    انطلاق منافسات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ بسباق تسلق البرج بالسلالم    برشلونة غاضب من تصريحات لامين يامال قبل "كلاسيكو الأرض"    جامعة الإمام عبدالرحمن تطلق "رُعى" الصحية لدعم الإبتكار والاستثمار في القطاع الصحي    ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء في الرياض    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    أمير تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    محافظ الأحساء يكرّم المدارس المتميزة وطنياً    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    نائب أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء بالمنطقة    المناطيد تكشف أسرار العلا    أمانة تبوك تنفذ 13 ألف متر طولي من خطوط التصريف    تصوير "الأسد" في سماء الإمارات    المملكة وباكستان تطلقان إطارًا للتعاون الاقتصادي لتعزيز التجارة والاستثمار    برعاية وزير الثقافة.. "روائع الأوركسترا السعودية" تعود إلى الرياض في نوفمبر    مكتبة الملك عبد العزيز العامة تطلق جولتها القرائية ال7 إلى جازان الأحد المقبل    مركز الملك فهد الثقافي الإسلامي بالأرجنتين يُكرّم 40 فائزًا وفائزة    هنأت حاكم سانت فنسنت وجزر الغرينادين ب«ذكرى الاستقلال».. القيادة تعزي ملك تايلند في وفاة والدته    ارتفاع تاسي    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    القيادة تعزّي ملك مملكة تايلند في وفاة والدته الملكة سيريكيت    « البحر الأحمر»: عرض أفلام عالمية في دورة 2025    العلا تفتح صفحات الماضي ب «الممالك القديمة»    350 ألف إسترليني ل«ذات العيون الخضراء»    اقتحموا مقرات أممية بصنعاء.. الحوثيون يشنون حملة انتقامية في تعز    باكستان تغلق مجالها الجوي جزئياً    الدفاع المدني.. قيادة تصنع الإنجاز وتلهم المستقبل    لماذا يعتمد طلاب الجامعات على السلايدات في المذاكرة؟    جناح يعكس تطور الخدمات والتحول الصحي.. الداخلية تستعرض حلولًا مبتكرة في الخدمات الطبية    الحوامل وعقار الباراسيتامول «2»    إنجاز وطني يعيد الأمل لآلاف المرضى.. «التخصصي» يطلق أول منشأة لتصنيع العلاجات الجينية    وزير الداخلية يدشن وحدة الأورام المتنقلة ب«الخدمات الطبية»    نائب أمير الشرقية يطّلع على جهود "انتماء وطني"    اليوسف يلتقي عددًا من المستفيدين ويستمع لمتطلباتهم    رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يغادر المدينة المنورة    أكثر من 11.7 مليون عمرة خلال ربيع الآخر    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقفات في يوم الوطن
د. إبراهيم بن محمد أبو عباة
نشر في الجزيرة يوم 25 - 09 - 2013

إن نعم الله علينا كبيرة، وآلاءه عظيمة، ومننه متتابعة جليلة، ومن أعظمها الإسلام، هذا الدين الخالد، الذي يتميز بسماحته وعظمته وجماله وجلاله، فنحمد الله أن هدانا للإسلام، ومن نعمه علينا أن جعلنا من أهل هذه البلاد المقدسة، بلاد الحرمين الشريفين، المملكة العربية السعودية، التي أكرمها الله بخدمة الحرمين، والعناية بزوارهما حجاجاً وعماراً، وجعل أهلها خدماً لهذا الدين ولهذه المقدسات.
إن هذه البلاد تضم أعظم المقدسات، بيت الله الحرام، والكعبة المشرفة، ومسجد رسولنا صلى الله عليه وسلم، والمشاعر المقدسة. إلى هذه الأرض يفد ملايين المسلمين، ويتوجه إليها جميع المسلمين بقلوبهم وأفئدتهم، منها شع نور الإسلام وانطلقت جحافل الإيمان، ومن نعم الله علينا أن رزقنا قيادة صالحة أدركت مهمتها ورسالتها منذ أول يوم عندما أسس هذا الكيان قبل ثلاثة قرون على يد الإمامين الجليلين، الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبدالوهاب، فتعانق المصحف والسيف، وتصالح الدين مع السياسة، فقام هذا الكيان منذ أول يوم على شريعة الله على التوحيد الخالص. ثم جاء الإمام الموحد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ليواصل مسيرة أجداده وآبائه، وليؤكد تلك الأسس التي قام عليها هذا الصرح الشامخ، ويوطد أركان دولته الفتية، ويقيمها على شريعة الله دستوراً ومنهج حياة، فاستطاع رحمه الله بفضل الله ثم بفضل ما أتاه الله من حكمة وحنكة وصدق وإخلاص وعميق إيمان أن يوحد هذا الكيان مرة أخرى بعد تمزق وشتات، وحده على توحيد الله، عقيدة سليمة صافية، على منهج سلف هذه الأمة، وساس الدنيا بالدين، فتجتمعت له القلوب والتف حوله الناس وعاد لهم الأمن بعد الخوف، والوحدة بعد الفرقة، والألفة والمحبة بعد النزاع والشقاق، والرخاء ورغد العيش بعد الفقر والجوع وشظف العيش، وساد الأمن ربوع البلاد وانطلقت مسيرة البناء والتنمية بكل سهولة ويسر. ورحل الموحد بعد أن أرسى أركان دولته، مضى إلى ربه قرير العين فتناول الراية من بعده أبناؤه البررة، الذين تتلمذوا في مدرسته، علماً وخبرة وصلاحاً واستقامة، فساروا سيرة والدهم، محافظين على هذه الأسس الراسخة، والثوابت القوية التي قام عليها هذا الكيان، ألا وهي شريعة الله من كتاب وسنة، فهي المرجع والمصدر، وهي الدستور والمنهج.
وترجل القادة واحداً بعد الآخر بعد أن أدوا الأمانة بكل كفاءة وإخلاص. وها نحن نعيش عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -متعه الله بالصحة والعافية وبارك له في عمره وعمله- وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- اللذين يواصلان قيادة المسيرة. وها هي السفينة تسير في أمان الله وحفظه أمناً واستقراراً. وستبقى هذه الدولة وهذه البلاد شابة قوية فتية ما تمسكت بالأسس وحافظت على الثوابت والتزمت بالمنهج القويم الذي قام عليه هذا الكيان، لأنه هو السبب بعد الله في أمنها واستقرارها في ظل طوفان متلاطم الأمواج يحيط بها من كل جانب.
لقد أدرك المؤسس وأولاده من بعده هذا السر العظيم في استمرار هذا الأمن والاستقرار لهذا الوطن العزيز، فحافظوا عليه لأنهم يدركون أن بقاء هذا الكيان مرتبط بالحفاظ على الأسس التي قام عليها، التوحيد والوحدة.
يقول الملك عبدالعزيز رحمه الله: «عندي أمران لا أتهاون في شيء منهما، ولا أتوانى في دحر من يحاول النيل منهما ولو بشعرة، الأمر الأول كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله -اللهم صل وسلم وبارك عليه- إني والله وبالله وتالله أقدم دمي ودم أولادي وكل آل سعود فداءً لهذه الكلمة، ولا أضن به. الأمر الثاني هذا الملك الذي جمع الله به شمل العرب بعد الفرقة، وأعزهم بعد الذلة، وكثرهم بعد القلة، فإني كذلك لا أدخر قطرة من دمي في سبيل الذود عن حوضه». رحمك الله أيها المؤسس العظيم، لقد أدركت بعظيم إيمانك وثاقب بصيرتك أن قيام هذه الدولة وضمان استمرارها مرتبط بتمسكها بهذا الدين (التوحيد)، وأن هذا المنجز العظيم المكتسب الكبير (الوحدة) وحدة هذا الوطن لم تقم بسهولة، ولهذا فإن المحافظة على الأساس والثمرة الكبرى لهذا التوحيد وهي الوحدة أمر في غاية الأهمية، وأن المساس بأي منهما يشكل خطراً على استمرار هذا الكيان واستقراره، وهذا ما وعاه أبناء المؤسس من بعده، فهذا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كثيراً ما يذكر في خطاباته وكلماته هذا الثنائي المتلازم والمترابط: الدين والوطن، فهو قد يتسامح في كل شيء إلا المساس بالأساس الذي قامت عليه هذه الدولة وهو الدين ووحدة هذا الوطن.
ولهذا فإننا ونحن نقف في يوم الوطن مع ذكرى توحيده على التوحيد، يجب أن نتذكر هذه القضايا الكبرى ونتدارس هذه الأسس والثوابت، ونستحضر تلك المكتسبات والمنجزات ونتواصى جميعاً صغاراً وكباراً بالمحافظة عليها، وأن يكون حبنا لهذا الوطن العظيم مرتبطاً مع حبنا للأسس التي قام عليها، وليكن حبنا لهذا الوطن حباً صادقاً يجسد حقيقة الانتماء وصدق الارتباط.
إن حب الوطن والمحافظة على وحدته ليست شعاراً فارغاً يعبر عنه بحركات عابرة، ربما تكون أحياناً تضر بالوطن وتؤذي المواطن. إن حب الوطن سلوك حي وممارسة عملية يبرز من خلالها المواطن صدق حبه وانتمائه، وهذه بعض مظاهر الحب لوطننا العزيز حرسه الله:
1 - المحافظة على المرتكزات والأسس التي قامت عليها هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية، وأهم مرتكز أقام عليه المؤسس كيانه وبنى عليه دولته وأشاد وحدته: دين الله عز وجل، إذ جعل القرآن دستوره وشريعة الإسلام منهجه، وهذا الأساس هو الذي اجتمعت عليه النفوس وتوحدت عليه القلوب رغبة لا رهبة، لأنه دين رب العالمين، وهو أساس العدل والحق والكرامة، وفيه الخير كل الخير للبلاد والعباد، وقد ظهر ذلك جلياً في استمرار هذه الوحدة قوية شامخة رغم العواصف والمتغيرات.
2 - لقد بنى المؤسس وحدته على توحيد الله عز وجل، فاتخذ من العقيدة الصافية المستمدة من كتاب الله وسنة ورسوله صلى الله عليه وسلم على فهم سلف هذه الأمة منهجه، وأعلنه بكل صراحة ووضوح لا مجاملة في ذلك ولا غموض لإدراك المؤسس رحمه الله أن منهج السلف هو الخير كل الخير، فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها.
3 - الاعتزاز برموز الوطن السياسية والدينة والتي لها إسهامها وجهودها في البناء، إن الاعتزاز بالرموز السياسية من الولاة والأمراء والحكام والرموز الدينية من العلماء والدعاة والمصلحين من أكبر المظاهر على استمرار الوحدة، وهو دليل صدق على حب الوطن والحرص على وحدته.
4 - المحافظة على أمن الوطن: إن من علامات حب الوطن والحرص على وحدته أن يشعر كل مواطن بل ومقيم على أرض هذا الوطن بنعمة الأمن فيسعى جاهداً في المحافظة عليها والعناية بها، ويتحقق ذلك عندما يصبح كل مواطن من خلال موقعه رجل أمن يملك عيناً مبصرة وحساً أمنياً ويقظة تامة ومتابعة جادة لكل من يتربص بأمن الوطن أو يحاول تعكير صفوه بأي شكل من الأشكال.
5 - الالتزام بالهوية الدينية والثقافية التي قام عليها الوطن، فالدين واللغة من أهم عوامل الوحدة، والتفريط فيهما أو التساهل في شيء منهما تفريط في الوحدة، وكذلك اللباس الوطني هو مظهر من مظاهر الوحدة، والمحافظة عليه بأن يكون موحداً لجميع أبناء الوطن مؤشر على الحرس على الوحدة الوطنية وحب الوطن.
6 - ومن مكتسبات الوحدة تلك الثروات الهائلة التي أنعم الله بها على هذا الوطن وتلك الإنجازات العظيمة في المجالات كافة، ولذا فإن المحافظة على ثروات الوطن والبعد عن أي مظهر من مظاهر الفساد المالي أو الإداري وحماية مكتسباته وإنجازاته يعد مظهراً من مظاهر الحرص على الوحدة الوطنية وقيام الوطن قوياً معافى.
7 - تتعرض الأوطان لأعداء يستهدفون دينها وقيمها وأمنها ووحدتها، ونحن في المملكة العربية السعودية لا نخلو من أعداء يستهدفوننا في أعز ما نملك وأغلى مكتسب.
لذا فإن الاستعداد للتضحية والدفاع عن الوطن والتضحية من أجله والحفاظ على مرتكزاته ومكتسباته من أهم مظاهر المحافظة على الوحدة الوطنية.
8 - الالتزام بالتعليمات والأنظمة: إن ما يسن من أنظمة وقوانين وتعليمات إنما الهدف منها تنظيم حياة الناس والمحافظة على أرواحهم وأموالهم وممتلكاتهم وحقوقهم والمحافظة عليها والالتزام بها سبب من أسباب الاستقرار، وهو مؤشر على حب الوطن والمحافظة على وحدته.
9 - إن المشاركة في المناسبات الوطنية بشكل إيجابي وصحيح وتحويل تلك المناسبات إلى وقفات للتأمل والمراجعة وإعادة التذكير بالقيم الكبرى والمرتكزات الأساسية والحرص على التمسك بها وغرسها في نفوس الناشئة، كل ذلك من مؤشرات الحرص على الوحدة الوطنية، وتعبير صادق عن حب الوطن.
10 - إن الأمانة والجد في العمل والمشاركة الفاعلة في بناء الوطن والإسهام في تنميته والتسابق في خدمته ورفعته، كل هذا من مظاهر حب الوطن ودليل على الحرص على الوحدة الوطنية.
وفي الختام نسأل الله عز وجل أن يحفظ علينا ديننا ويديم الأمن والأمان على بلادنا وأن يجزي ولاتنا خير الجزاء، إنه سميع مجيب.
- عضو مجلس الشورى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.