اليوم الوطني لماذا نلاحظه؟ ولماذا نستشعر ذلكم اليوم؟ للشعور بالمواطنة وحب الوطن في نفوسنا جميعاً، الصغير منا والكبير. هذا الوطن الكبير المؤسس على التقوى، على أسس راسخة وجذور تغوص في عمق التاريخ، نتذكر فيه المؤسسين الأبرار؛ لقد شقوا من أجل أن نسعد، وتعبوا لكي نرتاح، والدور نفسه لا بد من استشعاره لتسليمه لأجيال قادمة. لقد بنيت الأوطان والممالك لتبقى، ولتُسلَّم راية البناء والتشييد من جيل إلى جيل، ومن غير الوطنية أن نطعن فيمن سبقونا وأسسوا لنا؛ ها نحن ننعم - بتوفيق من المولى عز وجل - في كنف واحة وارفة الظلال، روحها (كلمة التوحيد) المسطرة على علم الوطن. المواطنة، يا قارئي الفاضل، عملٌ وممارسة على مدار الساعة، وسلوك يصب في بحر الوطنية الفسيح. تربية النشء من الوطنية، المعاملة الحسنة للغير والاهتمام بالجار من الوطنية، إصلاح ذات البين من الوطنية، التعامل الإيجابي مع مرافق الوطن ومصادره وثرواته من الوطنية بكل تأكيد، تعامل الموظف والمسؤول التعامل الحسن من الوطنية، والتعامل الحسن من المراجع بحق المسؤول من الوطنية.. إذن، الوطنية طريق ذو اتجاهين، أخذ وعطاء، وقد قيل لا تسأل ماذا أعطاك الوطن ولكن اسأل ماذا أعطيته. الوطن يعطي، فماذا نعطيه في المقابل، لو ألقيت نفاية في الشارع فهذا ليس من الوطنية، لو تأخرت أو قصرت في عملي فإن هذا ليس من الوطنية، لو أسرفت في استعمال الماء وتركته يتدفق أمام منزلي فإن هذا ليس من الوطنية، لو رفعت الأسعار على المستهلكين فهذا ليس من الوطنية.. فكم نعمل للوطن وكم لا نعمل من أجله؟ ما نسبة هذا لذلك؟ وأستطيع القول: إن ما أمر به المولى - عز وجل - وما نهى عنه يصب في بوتقة الوطنية. يقول الملك عبدالعزيز المؤسس - رحمه الله تعالى: «إنّ رأينا واعتقادنا وآمالنا في السير إلى الأمام، يجب أن تكون وفق ما كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه السلف الصالح، فما كان موافقاً للدين في أمور الدنيا سرنا عليه، وما كان مخالفاً نبذناه. والموظفون هم المكلفون بتبيان هذه الحقائق، بيد أن هذا لا يكفي، وإنما يجب أن يقرن القول بالعمل». في هذه العبارات الجميلة الموزونة روح الوطن والوطنية. ومن أقوال الملك سعود - رحمه الله: «جاء الإسلام فنقلنا من الضعة والمهانة إلى أعلى الدرجات، فكنا أمنع الناس جانباً، وكنا القادة، وكنا الهداة الداعين إلى الله. إن اجتماع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم ولم شعثهم هو أعظم ما يجب على كل مسلم أن يعمل لتحقيقه، وإنني أدعو المسلمين جميعاً أن يجمعوا على الحق صفوفهم، وأن يوحدوا كلمتهم، وأن يكونوا كالبنيان المرصوص». توحيد الكلمة وطاعة ولاة الأمر من الوطنية ومن الوفاء للوطن. ويقول الملك فيصل - رحمه الله: «يجب على المسلمين عامة وعلى العرب بصفة خاصة أن يتصلوا ببعضهم، وأن يتفاهموا، وأن يعتصموا بحبل الله. معاذ الله أن يعترض الإسلام سبيل التقدم؛ فهو دين التطور، ودين العزة، ودين الكرامة، ولنغتنم الحج فرصة لبحث سبيل النهوض بالمسلمين». ويذكر الملك خالد - رحمه الله: «المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، فإننا نحرص على بناء قاعدة اقتصادية قوية، أساسها وقاعدتها الإنسان السعودي الذي نبني فيه القدرة على تحديات التعامل مع منجزات العصر، تلك القدرة التي أصبحت في مستوى رفيع من الأداء. إن المملكة العربية السعودية لفخورة جداً أن تضع كل إمكاناتها وتجند كل طاقاتها من أجل خدمة حجاج بيت الله الحرام، الذين يحلون في بلادهم وبين أشقائهم وإخوانهم». ويؤكد الملك فهد - رحمه الله، «إن هذا البلد يعتمد بعد الله على عقيدته الإسلامية، ومن اعتمد على عقيدته الإسلامية الصحيحة لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن يكون نصيبه كبيراً جداً من الرقي والاندفاع لما فيه خير مواطنيه في جميع المجالات». أما خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - فيذكر: «إن بلادنا العزيزة حظيت بنهضة وقفزة تعليمية كبيرة، ممثلة في جامعاتنا ومئات الكليات والمعاهد العليا والمعاهد المتخصصة والمدارس التي عمت كل مدينة ومحافظة وقرية في أرجاء وطننا». باختصار: الوطن هو العطاء والتنمية والبناء، وكل من أسهم في ذلك صغيراً أو كبيراً، مواطناً أو مسؤولاً، من ذكر وأنثى، فقد أدى واجبه تجاه الوطن. [email protected]