السعودية تواصل توزيع المساعدات الغذائية في غزة    وزيرِ الرياضة يهنئ الأهلي بمناسبة تحقيق كأس السوبر    حملة ولي العهد ترفع إحصاءات التبرع بالدم 4 أضعاف    عودة طلبة التعليم العام إلى مقاعد الدراسة.. غدًا    القبض على 4 إثيوبيين في عسير لتهريبهم (104) كجم "قات"    مؤسسة في قطاع السيارات تسرق الكهرباء من مسجد    "هيئة النقل" تؤكد الالتزام باشتراطات السلامة في المركبات المخصصة لنقل الطلاب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين إثر عدوان إسرائيل على غزة إلى 62,622 شهيدًا    اتفاقية بين «ميتا» و«ميدجورني» لتسريع الميزات الإبداعية للمستخدمين    رونالدو يحقق إنجاز فردي تاريخي رغم خسارة النصر في نهائي السوبر    إيبانيز: شخصية الأهلي حسمت التتويج بكأس السوبر    موعد مباراة النصر القادمة بعد خسارة السوبر السعودي    تواصل الأزمة الإنسانية في غزة وسط هجوم إسرائيلي محتمل    المرور يؤكد جاهزيته لتنفيذ خطة بدء العام الدراسي غدا    الصحة القابضة والتجمعات الصحية تبدأ في استقبال المتبرعين بالدم    فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بمنطقة عسير يستضيف اللقاء الدوري لمدراء عموم    وزير الرياضة يكشف خطط السعودية لصناعة جيل جديد من الأبطال    الاتحاد السعودي لكرة القدم يؤكد نظامية مشاركة الأهلي في كأس السوبر السعودي    لجنة الاستئناف تقرّر حرمان الهلال من المشاركة في أول مسابقة خروج المغلوب    إيقاف فعاليتين ترفيهيتين في الرياض    تمر كاست: منصة حوارية تفاعلية في قلب كرنفال بريدة للتمور    أمير حائل يهنئ الطلاب والطالبات ببدء العام الدراسي ويؤكد دورهم في تحقيق رؤية 2030    مجلس التعاون يدين استهداف قافلة إنسانية في دارفور    وزير الصحة يختتم زيارة رسمية إلى نيوزيلندا    البرتغال: 1331 وفاة بسبب موجة الحر    إرادة الدمام يفعّل مبادرة "مُضئ" لاكتشاف مهارات ومواهب النزلاء    صندوق الاستثمارات العامة يطلق النسخة الجديدة من منصة ATP Tennis IQ    75 ألف ريال حصيلة بيع صقرين في الليلة السابعة للمزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    سوق سوداء لبيع بيانات الأفراد الشخصية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    نيّار للتسويق وجادة 30 تنظمان لقاءً نوعيًا حول تجربة العميل في عسير    الصحة القابضة والتجمعات الصحية تبدأ في استقبال المتبرعين بالدم    بر الشرقية تطلق البرنامج التدريبي لمبادرة "اغرس وارتزق"    الإعلامي اللحياني يصدر كتابه " أنا أعتقد"    خطيب المسجد النبوي: "لا إله إلا الله" كلمة التوحيد وأعظم أسباب الطمأنينة    5 أسئلة رئيسية حول سيناريو وقف إطلاق النار في أوكرانيا    لجنة الإعلام والتوعية المصرفية تنظم محاضرة عن دعم وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة    خطيب المسجد الحرام: صلاة الاستخارة سبيل المسلم للطمأنينة واليقين    نادي فنون جازان ينظم دورة في النحت على الخشب ضمن فعاليات "نبض الفن"    أحداث تاريخية في جيزان..انضمام جازان للحكم السعودي    محافظ الخرج يرفع الشكر لسمو ولي العهد على إطلاق الحملة الوطنية السنوية للتبرع بالدم    وزير الشؤون الإسلامية يشيد بمبادرة سمو ولي العهد للتبرع بالدم ويؤكد أنها تجسد القدوة في العمل الإنساني    نائب أمير مكة يؤدي صلاة الميت على والدة الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز    بلدية بقيق تدشّن مشروع جمع ونقل النفايات للأعوام 2025 – 2029    مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم.. نجاح متجدد ورسالة عالمية    بيت الثقافة يفتح أبوابه لدورة "عدستي تحكي" بالتعاون مع نادي فنون جازان    التخصصي ينجح في زراعة قلب لطفل بعد نقله من متبرع متوفى دماغيا في الإمارات    أكد أنه يتاجر بالطائفة.. وزير خارجية لبنان: لا رجعة في قرار نزع سلاح حزب الله    سعودي يحصد جائزة أفضل مخرج في السويد    نزوات قانونية    وفاة القاضي الرحيم فرانك كابريو بعد صراع طويل مع سرطان البنكرياس    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    أقرت مشروعًا استيطانيًا شرق القدس.. إسرائيل تبدأ المرحلة التمهيدية لاحتلال غزة    محافظ الدرب يستقبل رئيس وأعضاء جمعية علماء    أكّد خلال استقباله رئيس جامعة المؤسس أهمية التوسع في التخصصات.. نائب أمير مكة يطلع على خطط سلامة ضيوف الرحمن    طلاق من طرف واحد    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير مطار الأمير سلطان بن عبدالعزيز الدولي    أشاد بدعم القيادة.. أمير الشرقية يطلع على مشاريع الطاقة الصينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الصامتة
نشر في الجزيرة يوم 24 - 06 - 2011

يقول العلماء: إن كلمة (حرب) لفظة حفيفة التركيب، متناسقة التبويب، سهلة على اللسان، لكنها تدمر الإنسان، قصيرة المبنى، لكنها عظيمة المعنى، وكذلك كلمة (حادث مروري)، كلمة طالما سمعناها، فجرحت آذاننا، وأعمت أبصارنا، لأن لها تبعات جسام، تبعات تنوء بحملها الجبال الشم الراسيات!!
فكل حادث مروري في الأعم الأغلب خصوصاً على الطرق الطويلة، يترتب عليه وفيات، وإصابات، وكسور وجروح.. فإذا نما إلى سمعك أن فلاناً وقع عليه حادث خصوصاً بصحبة العائلة فاعلم أنه:
صُبّت عليه مصائب لو أنها
صُبّت على جبل لصار رمادا!
لأنه إذا وقع لا قدر الله، لا يستبعد فيه وجود وفيات والوفيات يترتب عليها تيتم الأطفال، وترمل النساء، وفقدان المُعيل والمُعين، هذا فضلاً عن البكاء والأحزان والعويل، والليل الطويل!! وهي قبل ذلك كله (إلقاء بالنفس إلى التهلكة) كما قال تعالى.
وهي قتل للأبرياء بغير حق!! فبعض العلماء يصنفون الجرائم إلى خطأ وعمد، دون ذكر لشبه العمد.. قال تعالى {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ} فهل المتهور في سيارته بسرعة جنونية يسمى قاتل (بحق)؟؟! أم أنه أمِنَ العقوبة فأساء الأدب!، واستخف بالأنفس البشرية فتهور بسرعة طائشة!! قائلاً: إن وقع حادث فالدية على العاقلة!! (أي العشيرة) إنما سُميت عاقلة لكي تعقل ابنها (المتهور) المستخف بنفسه وبمواطنيه!! قال تعالى {إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فهذا قتل بالحديد والنار لا يقل عن القتل العمد كثيراً فأقل أحواله أن يقال عنه (شبه عمد) قال صلى الله عليه وسلم (لا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً).
إنني أهيب بوسائل الإعلام، وبالمعلمين في كافة المستويات، وأهيب بالخطباء والدعاة أن يتناولوا هذا الداء الوبيل ألا وهو حوادث المرور المفجعة التي لم تسلم منها أسرة!!
تقول إحصائيات المرور في المملكة: إن عدد الوفيات في عام واحد فقط وهو 1430ه (6500) وفاة!! وعدد الإصابات (36000) إصابة!!! و(500) ألف حادث!!
أرقام مفجعة، تفتّ الكبد كمدا، وتذيب القلب حزنا!! إذ تجاوزت أعداد القتلى لا أقول في فلسطين فحسب!! بل في عدة جهات قتالية كأفغانستان وفلسطين واليمن!!
لماذا لا نسمي هذا المتهور مجرماً؟ فهو والله المجرم بعينه، بل هو إجرام جماعي!! بعكس الجريمة المفردة على شخص واحد!! وقفت عدة مرات على حوادث لعوائل فإذا هي تُقطّع نياط القلوب فهذا متوفى، وهذا يئن تحت السيارة، وهذه فتاة كسيرة لا نستطيع إسعافها، وهذا عجوز فيه نزيف وهذا وهذا وهذا وهم متناثرون في الموقع!! فهي بحق مجازر بشرية كالتي عَمِلها الصِّرب.. لكن الفرق أن الصرب أعداء، أما نحن فالجناة مواطنون صالحون!! وقد أثبتت الدراسات والإحصائيات، والأبحاث المستفيضة أن السرعة هي العمود الفقري للحوادث المفجعة!! وهي رأس الحربة، ورأس الحية، وهي السم الزعاف الذي اغتال أرباب الأسر! واغتال الشباب في ريعانهم وفلذات الأكباد!! فمتى نعي!؟
وأثبتت الدراسات أن من لم يتجاوز 120 كم في الساعة فإنه مهما حصل له من غوائل الطرق انزلاق أو ضباب، أو بنشر كفر، أو انحراف السيارة، أو الاصطدام بسيارة أخرى أو عند حصول أي خلل للسائق فإنه حتماً سيستطيع تفادي الحادث بنسبة كبيرة، وإن لم يتفادى فلا أقل من أن تكون الإصابات خفيفة أو دون إصابات..
أيها الإخوة الفضلاء: مهما اختلقنا من أعذار، وتمحلنا من الحيل والألاعيب لتبرير السرعة أو لتبرير أسباب الإصابات فليس ثمة عذر أو مبرر إلا السرعة!!
يقول رجال المرور: إن ما يربو على 80% من وفيات الحوادث بسبب السرعة!! إن على كل من استلم مقود سيارته ونوى السرعة أن يستشعر أنه إن لم يقع له الحادث اليوم فسيقع غداً أو بعد غد..!!
ويعلم يقيناً أنه إذا اصطدم بالآخرين فإنه سيمزق أسرتهم كل ممزق!!
يُذبح رجالهم، ويرمل نسائهم، وييتم أطفالهم، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم!! فهو أشبه ما يكون بفرعون حين تسلط على بني إسرائيل {يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ} إلا أن فرعون يستحي النساء لكنه لا يقتلهنّ!! ثم إنه لا يجعلهم معاقين بأسباب الحوادث أو مشوهين بل يقتلهم قتلاً فقط!! والغاية واحدة (تعددت الأسباب وليس الموت واحد) فهو يقضي عليهم بضربة واحدة فلا يتعرضون للتعذيب والآلام كالمصابين في الحوادث!!
ونحن مسلمون يجب أن يكون لنا وازع من ضمير، أو نفحة من دين تردعنا عن (التعذيب في القتل) قال صلى الله عليه وسلم (إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة!!).
إخواني رجال المرور.. سؤال طالما سأل عنه الصغير والكبير، لماذا هذه الأعداد المفجعة في بلادنا؟ لماذا تتقلص في دول الجوار ونحن نئن تحت وطأة الأعداد الهائلة من الوفيات والحوادث؟ إن على المجتمع أن يصحو من رقدته، ويفيق من غفلته فينظر إلى المسرع المتهور وكأنه سهام أو رصاصة ستصيب أحدنا لا محالة!! فيتنادى العقلاء لردع هذه الجنون!!
لا أن يتعاون معه على الإثم والعدوان كما يفعل بعض السذج لا كثرهم الله.. حينما يرون سيارة المرور (الردار) على الطريق السريعة يبدؤون بالإشارة بالأنوار لمن أمامهم حتى لا يقعوا في مصيدة مخالفة السرعة!! وهذه جريمة بحق نفسك وأهلك ومجتمعك وأمتك!! وهذا هو عين التعاون على الإثم والعدوان. وصدق الناظم حين قال:
ما يَبْلُغ الأعداء من جاهلٍ
ما يبلغ الجاهل من نفسه!!
أو القائل:
متى يبلغ البنيان يوم تمامه
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم!!
ومهما يكن في (ساهر) من سلبيات فإنها تنغمر في بحر حسناته!! قال صلى الله عليه وسلم (لأن تُهدم الكعبة حجراً حجراً، أهون عند الله من أن يُراق دم امرئ مسلم بغير حق).
ولا شك أن تحمل أدنى المفاسد باستدفاع أعلاهما، هو المقرر شرعاً وعقلاً وواقعاً.
حمى الله مواطنينا، وحقن دمائهم، وأخذ على يد متهوريهم وسفهائهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.