نجل الزميل الإعلامي يحيى آل مشافي في ذمة الله    ديربي في القصيم.. انطلاق ثالث جولات دوري يلو السبت    الجديبا يطلق لوحته الجديدة.. و"الرأي" توثق الحكاية    تعليم جازان يحتفي باليوم الوطني ال95 تحت شعار «عزنا بطبعنا»    الرياض تحتضن المؤتمر العالمي لإنترنت الأشياء    الحقيل يرفع الشكر لولي العهد على الموافقة ببدء تنفيذ الأحكام النظامية لضبط العلاقة بين المُؤجِر والمُستأجِر    ترسية مشاريع استثمارية لإعادة تدوير النفايات وخفض الانبعاثات الكربونية بالشرقية    المرور: قيادة الدراجة الآلية تستوجب رخصة خاصة وحملها أثناء السير إلزامي    اليوم الوطني ال95... يوم فخر واعتزاز    مصيون أثر الاستيطان الأول بتبوك    1.7 مليون سجل تجاري قائم بالمملكة وفرص استثمارية ب50 مليار ريال في التعليم    ميدفيديف لزيلينسكي.. "لدينا أسلحة حتى الملاجئ لا تحميكم منها"    مستشفى الحريق يحتفي باليوم الوطني ال 95 بإنجازات صحية نوعية    الدكتور عبدالله الربيعة يلتقي مفوضة الاتحاد الأوروبي للاستعداد وإدارة الأزمات والمساواة    الوحدة في بيئة العمل.. أزمة صامتة تهدد الإنتاجية    توصيات شوريًّة لإعداد القائمة الموحدة لأسعار القطاع الصحي العام    جمعية البر ببيشة تحتفل باليوم الوطني 95    الأمين العام للأمم المتحدة يحذّر من مخاطر الذكاء الاصطناعي ويدعو لحظر الأسلحة ذاتية التشغيل    المياه الوطنية: 1 أكتوبر المقبل فصل خدمة المياه نهائياً للعدادات غير الموثقة    الأسبوع العالمي للتبرع بالأعضاء.. دعوة إنسانية تمنح الأمل لآلاف المرضى    محافظ محايل يرعى أحتفال الأهالي باليوم الوطني 95 في صدر الكرامة والذي نظمته بلدية المحافظة    الدولار يقترب من أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع    بلدية وادي الدواسر تُفعّل مبادرات اجتماعية بزيارة المستشفيات    ولي عهد الكويت يشكر السعودية على دورها في دعم حل الدولتين    وزير الخارجية: لا يكفي إصدار البيانات ما لم تتحول إلى عمل حقيقي يغير واقع الاحتلال وعدوانه    بزشكيان: طهران لن تسعى أبداً لصنع قنبلة.. إيران تتعهد بإعادة بناء منشآتها النووية المدمرة    واتساب تطلق ميزة ترجمة الرسائل مباشرة    في احتفاليتها باليوم الوطني..ديوانية الراجحي: المملكة بقيادتها الرشيدة تنعم بالأمن والرخاء والمكانة المرموقة    « البلديات والتجارة»: أبلغوا عن مخالفات السكن الجماعي    العمران والغراش يحتفلان بزواج مهدي    «راشد» يضيء منزل اليامي    رئيسة جمهورية سورينام تلتقي وزير الدولة للشؤون الخارجية    القادسية إلى دور ال16 في كأس الملك    أشرف عبد الباقي بطل في «ولد وبنت وشايب»    لجهوده في تعزيز الحوار بين الثقافات.. تتويج (إثراء) بجائزة الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري    المركز السعودي للموسيقى بجدة يحتفل باليوم الوطني    سجن لاعب مانشستر يونايتد السابق لعدم دفع نفقة أطفاله    لصياغة إستراتيجيات مستدامة.. الفياض: التحول الصحي بالسعودية نموذج ملهم للعالم    الرئيس الأمريكي وقادة دول عربية وإسلامية في بيان مشترك: إنهاء الحرب خطوة نحو السلام    كوب «ميلك شيك» يضعف تدفق الدم للدماغ    الرياض تستضيف مؤتمر العلاج ب«الجذعية»    الخطاب الملكي صوت الدولة ورؤية الحزم والعزم    الملك سلمان.. نبضُ وطنٍ وقلبُ أمة    الإبداع النسائي.. حكاية وطن    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    إنزاغي: سأعالج مشكلة الكرات الثابتة    فهد العجلان: ذكرى البيعة تجسد التحولات العظيمة وتمكين الإنسان في عهد الملك سلمان    عزّنا بطبعنا: التعليم ركيزة القيم الوطنية    «كلاسيكو» الاتحاد والنصر.. مقارنة القيمة السوقية بين الفريقين    لوحات تشكيليين تزين اليوم الوطني    طرح تذاكر دورة ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض    تسعيني ينافس الشباب باحتفالات الوطن    اتحاد الكرة يدشن أخضر الفتيات تحت 15 عامًا    اليوم الوطني المجيد 95    البعثة الروسية لدى منظمة التعاون الإسلامي تحتفي باليوم الوطني السعودي ال95    رحيل المفتي العام السابق الشيخ عبدالعزيز آل الشي "إرث علمي وديني خالد "    "هيئة الأمر بالمعروف" تشارك في فعاليات اليوم الوطني 95    فقيد الأمة: رحيل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وعطاء لا يُنسى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد التونسي الأسس والروافد
تونس الخضراء
نشر في الجزيرة يوم 15 - 06 - 2001

شهد الاقتصاد التونسي كما سبق وذكرنا في سالف هذه الحلقات قفزة كبرى خلال العشرية الأخيرة لدرجة جعلت البعض يتحدث عن الطفرة الاقتصادية التونسية والبعض الآخر يصف التقدم الاقتصادي في تونس بالمعجزة.
والواقع أن ملامح الرخاء الاقتصادي أصبحت بادية للعيان في تونس اليوم وذلك لكثرة وتنوع المشاريع الإنمائية مع اختفاء مظاهر الفقر في الشارع التونسي. ولعل كل ذلك يعود إلى البرنامج الاقتصادي الذي اعتمدته الحكومة التونسية والذي مكن من تحقيق مكاسب كبيرة في كافة الميادين الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي نتجت عنه حصيلة إيجابية سبق وبينا بعض الأرقام الدالة عليها سواء أكان ذلك في مستوى المؤشرات الاقتصادية كارتفاع الدخل القومي الداخلي إلى عدة اضعاف وارتفاع دخل الفرد إلى عشرين مرة أم كان ذلك في المستوى الاجتماعي كاتساع بنية الطبقة الوسطى في المجتمع التونسي لتبلغ 80% مع ما تحقق من مشاريع اجتماعية ترسخ من هذه المكاسب في مجالات الصحة والتعليم ومحاربة الفقر وإنشاء البنى التحتية الضرورية لتواصل اتساع الحركة الاقتصادية وذلك من خلال ادخال كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية كمحاور فاعلة في العملية الاقتصادية. إلا أنه بقي لنا أن نبين الأسس التي اعتمد عليها الاقتصاد التونسي في حيويته التطورية إضافة إلى الروافد التي تصب في هذه الأسس وتزيد من أدائها.
لقد قام المشروع الإصلاحي للاقتصاد التونسي على ضرورة الخروج به من اقتصاد يعتمد على الفلاحة والعائدات المنجمية إلى اقتصاد يقوم على الصناعة والخدمات، وقد نجحت الحكومة التونسية في ذلك كما سبق وبينا وإستطاعت من خلال عملية تأهيل للمؤسسات الصناعية أن تضمن للصناعة التونسية أن تمتلك الوسائل الصناعية الحديثة والآليات التي تمكنها من امتلاك صناعة قادرة على المنافسة.
وهكذا انطلق برنامج لتأهيل المؤسسات الاقتصادية التونسية سنة 1996 في خطة تستمر لسنوات عديدة وحتى نهاية سنة 2001 ويسعى هذا البرنامج لتأهيل هذه المؤسسات وإقحامها في حركية الجودة وفقا لمتطلبات المنافسة على الصعيد العالمي وقد شاركت 1483 مؤسسة في هذا البرنامج من أصل ألفي مؤسسة يستهدفها البرنامج وقد حصلت 699 منها على الموافقة على وضع خطط تأهيلها حيز التنفيذ.
أما الباقي من المؤسسات الاقتصادية فسيشمله برنامج التأهيل تباعا وذلك في إطار خطة تتم باعتمادات تبلغ 5.2 مليار دينار منها 40% مخصصة لتحسين محيط المؤسسة.
ويقصد من وراء هذا البرنامج أن تصل الصناعة التونسية إلى مستوى منافستها لمثيلاتها في العالم وليواصل قطاع الصناعة دوره كأساس مركزي من أسس الاقتصاد التونسي الجديد. ومن المعلوم أن تونس قد حققت الاكتفاء الذاتي في مجال الألبان واللحوم وأغلب الصناعات الغذائية والصناعات المنجمية والحديدية وفي الصناعات النسيجية والجلدية وهي قاب قوسين من تحقيق اكتفائها الذاتي في مجالات الصناعات الآلية والمعملية.
وإلى جانب القطاع الصناعي فان قطاع الخدمات قد شهد بدوره قفزة نوعية في السنوات العشر الماضية شأنه شأن قطاع السياحة الذي بلغ معدلات لم يبلغها من قبل حين وصل عدد السياح إلى خمسة ملايين سائح هذا العام، وهو ما يعد رقما قياسا في أفريقيا والمنطقة العربية، ولأننا سنخصص مقالا منفردا لموضوع السياحة فسنصرف حديثنا إلى تناول قطاع الزراعة باعتباره من اهم الأسس المحورية في الاقتصاد التونسي.
بما أن الزراعة تحتل مكانة أساسية في حياة الشعوب باعتبارها مقوماً أساسياً من مقومات العيش إضافة لكونها تشكل أساساً مهما من الأسس الاقتصادية والاجتماعية لكل مجتمع، فإن تونس ما فتئت تبذل قصارى جهودها لتطوير قطاع الفلاحة باعتباره قطاعاً مهماً من قطاعات اقتصادها ولما له من فوائد اجتماعية نظراً لأنه يوفر دخلاً كليا أو جزئيا لحوالي 500 ألف مواطن تونسي وعائلاتهم.
وهكذا كان لزاما على الدولة التونسية أن تضع استراتيجية تسعى إلى الرفع من أداء وحجم القطاع الزراعي في الاقتصاد التونسي، وأن تسعى هذه الاستراتيجية إلى بلوغ تونس لمستوى الأمن الغذائي.
وكنتيجة لما بذل في هذا القطاع من إصلاحات في مجالات عديدة كالاستثمار والتأهيل والتنشئة، فإن نتائج طيبة قد سجلت على المستوى الكمي إذ فاقت المحاصيل كل التقديرات بالنسبة لقطاعات زيت الزيتون والتمور والطماطم ومنتوجات الدواجن وذلك حين تجاوزت نسبة الانجاز في هذه القطاعات التسعين في المائة كما بلغت نفس النسبة بالنسبة للحوم الحمراء ومنتوجات الصيد البحري في حين بلغت 5،87 بالمائة بالنسبة إلى الحبوب.
واذا وضع البرنامج المستقبلي للرئيس بن علي في المجال الزراعي فإن تونس وقتها ستحقق الأمن الغذائي وتتحول إلى مصدر أساسي في هذا المجال في المنطقة العربية. وكدليل على التطور الذي بلغته تونس في المستويين الصناعي والفلاحي، فإن الصادرات التونسية في هذين القطاعين قد ارتفعت كثيراً في السنوات العشر الماضية وذلك حين بلغت مستويات لم تبلغها من قبل، خصوصا ما يتعلق بالصادرات إلى العالم العربي التي ارتفعت بنسبة 97.24% عام 1999م وهو ما تبلغ قيمته 442 مليون و262 ألف دينار في حين بلغت الصادرات التونسية إلى أوربا ما قيمته 7،5606 مليون دينار في سنة 2000 أي بزيادة قدرها 30،7% عن سنة 1998 و30،26% سنة 1996.
وإذا كان هذا حال القطاعين الصناعي والفلاحي، فإن القطاع المصرفي الذي يبقى هو المسير والمؤطر لهذه النجاحات باعتباره الوسيط الفعلي بين المستثمرين وميادين الانتاج، قد شهد حملة تطوير كبيرة مكنته من مسايرة كل التحولات الاقتصادية التونسية باقتدار كبير.
بل إن النجاحات التي تحققت في القطاع المصرفي في تونس في السنوات الأخيرة تعتبر قليلة المثيل في المنطقة.
وقد ركزت الجهود على دعم الاساس المالي للبنوك ووضع الوسائل الوقائية للمتابعة المستمرة لوضعية البنوك مع إدخال المرونة اللازمة على مستوى العمل البنكي وهو ما مكن من تحسين المحيط اللوجستي المشترك بين البنوك وتطويرها وذلك من خلال إنشاء نظام للمقاطعة الإلكترونية ودعم نظام النقد الإلكتروني بشتى أنواعه وحتى آخرها حداثة عالميا.
وقد حققت هذه الإجراءات نتائج جيدة. كما هو الحال بالنسبة لقواعد التصرف الحذر المعمول بها عالميا. كما أن التوجه يمضي قدما إلى دمج بعض البنوك في إطار بنوك عمالقة قادرة على الاستثمار الأمثل للطاقات عن طريق توحيد الامكانات المتاحة لها والارتقاء بها إلى درجة أعلى من النشاط وهو ما سيمكنها من تحسين قدراتها المالية ودعم حصصها في السوق. وقد شمل هذا التوجه إلى حد الآن البنوك التي تساهم الدولة في رأس مالها. وينتظر أن تتواصل عمليات التقارب والدمج بين البنوك التونسية في المستقبل وذلك من أجل مواكبة القطاع البنكي في تونس للمتطلبات الاقتصادية والمالية داخليا وخارجيا مع مواكبة المتغيرات العالمية كالعولمة الاقتصادية وتنامي حجم العملاء )الزبائن(.
وما حظي به القطاع البنكي من إصلاحات وما شهده من تطور إنما يدخل في إطار سياسة تونسية شاملة تعتمد إلى عصرنة وتطوير الساحة المالية عموما، سواء أكان ذلك يتعلق بالقطاع المصرفي أم بالسوق المالية أم أي مؤسسة أخرى عاملة في المجال المالي. وكل هذه الإجراءات يراد منها دفع جهاز الانتاج الاقتصادي بكل مكوناته وكذلك لمؤازرة المجهودات المبذولة من قبل كل الأطراف للتأقلم مع متطلبات المحيط الاقتصادي، الذي أصبح يتميز اليوم باشتداد المنافسة فضلا عن المساهمة في تأمين سلامة التوازنات المالية للبلاد.
ولعل التخفيض في نسبة الفائدة في السوق النقدية التونسية والذي حدث ثلاث مرات منذ تحول السابع من نوفمبر ليس سوى تجسيم لحرص الحكومة التونسية على تنشيط الاستثمار الداخلي والخارجي ودفعهما قدما من أجل إعادة الروح إلى الساحة المالية حتى تواكب التحولات الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وبما يتلاءم مع المواصفات الدولية من ناحية والرفع من القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي من ناحية ثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.