عودة الألماني ميكايل شوماخر إلى رحاب بطولة العالم لسباقات فورمولا واحد بعد اعتزال دام ثلاثة مواسم فقط، لينطلق مجدداً خلف المقود بدءاً من الجائزة الكبرى للبحرين المقررة في 14 آذار (مارس) المقبل على حلبة صخير، تتضمن الكثير من التشويق وفنون التسويق والدعاية التي ستخدم موسم فورمولا واحد وفرقه، مشكّلة حقنة إنعاش في "زمن الكساد". لذا، لم يكن مستغرباً أن يبّدل البطل الأسطورة رأيه عازياً ذلك إلى "استفاقة نهم المنافسة في داخله"، ويعلن انضمامه إلى فريق مرسيدس "العائد" بدوره، عله يردّ له جميلاً على حدّ تعبيره، مذكّراً بأن فريق "السهم الفضي" الذي ارتبط معه بعقد لمدة ثلاث سنوات، وقف بجانبه وآزره في بداية انطلاقته نحو فورمولا واحد. وبين "غمزة" إلى الحقبة السابقة و"التزام" وفائه الدائم لفيراري "الذي هو في أعماق قلبي وعشقي لأنصارها"، وتأكيده أن الشغف يحرّكه ليستأنف المنافسة، واستعداده للتأقلم سريعاً مع التغييرات التي طرأت، باشر "شومي الكبير" بطل العالم 7 مرات (رقم قياسي) حملته في الأسبوعين الأخيرين معولاً على مساندة عائلته وفريق مرسيدس، وفي مقدّم أركانه "المخطط الاستراتيجي" البريطاني روس براون الذي خطف لقب 2009 للصانعين وأسهم في فوز مواطنه جنسون باتون بلقب السائقين، ثم باع الحصة الأكبر من فريقه (براون جي بي) الذي أسسه على أنقاض هوندا، إلى الصانع الألماني. "لا يكفي أن تقود جيداً بل أن تكون خلف مقود سيارة جيدة" رأي أطلقه شوماخر (41 سنة) في المؤتمر الصحافي المشترك مع براون، حيث زفّ "بشرة" عودته لعله يحصد لقباً ثامناً جاعلاً اللحاق به أو الدنو منه مهمة مستحيلة. يؤكد شوماخر أنه يجهز "لأكون حاضراً تماماً" من أجل "منافسة محتدمة أكثر لكن ليس أكثر قساوة"، باعتبار أن هناك دائماً "سائقين جيدين"، لافتاً إلى أن إحساسه "التنافسي" لم يتراجع طالما أنه بقي قريباً من الحلبات وخاض سباقات في فئتي الكارتنغ والدراجات النارية. ولم يأسف شوماخر لتركه الحلبات عام 2006، كاشفاً أنه كان في حاجة لالتقاط أنفاسه، "فأمضيت أياماً جميلة وقمت بأشياء كثيرة، ولم أشعر بالسأم مطلقاً". وإذا كان شوماخر سار على درب المحترفين العائدين وأبرزهم نجمتا التنس البلجيكيتان كيم كلاييسترز وجوستين هينان، وبطل الدراجات الأميركي لانس أرمسترونغ، مؤكداً دخوله مرحلة جديدة في مسيرته، فإن الآفاق الترويجية لهذه العودة واعدة، خصوصاً أنها خطفت الأضواء من كل ما عداها واحتلت الصفحات الأولى وتصدرت نشرات الأخبار وشغلت المحللين والخبراء. والمهم في نظر الضالعين بشؤون فورمولا واحد وشجونها، أنها حظيت بترحيب واستقطبت حماسة الجميع، وهي نقاط ايجابية تسجل في خانة تعزيز الاهتمام وتحفيز من فترت همتهم وآثروا الابتعاد، بحيث تُخض الأموال مجدداً في هذا "الجسم الاستثماري الاقتصادي"، الذي يحظى بشعبية كبيرة وعانى أخيراً من تداعيات الأزمة المالية العالمية. وإذا كانت عودة شوماخر في نظر كثر مبرمجة ل"تعويم" فورمولا واحد، فإن السائق الموهوب الذي يعتبر "بطل العصور كلها" شجاع ولا يخشى مواجهة شبان تمنوا دائماً أن ينافسوه ميدانياً، أمثال البريطاني لويس هاميلتون بطل العالم 2008، الذي سرّ بهذه العودة وكشف أنه تأثر بالبطل شوماخر، "حين كنت صغيراً أتابع سباقاته عبر الشاشة الصغيرة، وسبق اعتزاله انخراطي في عالم فورمولا واحد". ويؤكد شوماخر أن التحدي سيكون متوافراً أكثر في الموسم المرتقب، علماً أن في مقدوره وزميله نيكو روزبرغ حجب البريق عن مواطنهما الشاب الموهوب سباستيان فيتل (ريد بل رينو). ولم يسبق في تاريخ فورمولا واحد أن حقق متسابق عائد (ابتعد من 1978 إلى 1983) اللقب العالمي إلا النمسوي نيكي لاودا بطل موسمي 1975 و1977، الذي تقدّم على زميله في ماكلايرين الفرنسي ألن بروست بفارق نصف نقطة فقط عام 1984. أرقام قياسية لكن رصيد شوماخر لا يقارن البتة، فإذا أفسحنا المجال أمام الأرقام لتتكلّم نقطف حصيلة غنية جداً، من أبرز عناوينها: خوضه 250 جائزة كبرى، تحقيقه 91 فوزاً، تسجيله 68 انطلاقاً من الخط الأول، و75 مرة أسرع لفة و22 "هاتريك" (إنطلاق من الخط الأول، أسرع لفة وفوز)، واعتلاؤه 154 مرة منصة التتويج، وجمعه 1369 نقطة، ودورانه5096 لفة حول المضمار، وإحرازه 8 انتصارات متتالية في سباق واحد (جائزة فرنسا) معززاً رقمه السابق البالغ 7 انتصارات متتالية (جائزتا كندا وسان مارينو)، و13 فوزاً في موسم واحد (2004) قبلها 11 فوزاً (2002)، وإحرازه نقاطاً في 24 سباقاً على التوالي (من 2001 إلى 2003).