قبل نزول ملايين المصريين للاقتراع في استفتاء الدستور الذي انتهى أمس، كان حديث «تحالف دعم الشرعية» المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي عن «شرعية الصناديق» يجد صدى لدى دوائر في الداخل والخارج، لكن الاستفتاء الذي يعتبر تصويتاً على خريطة الطريق التي عُزل بمقتضاها مرسي في 3 تموز (يوليو) الماضي، سيحرم «الإخوان» أقوى حججهم بخلق شرعية جديدة بالصناديق أيضاً. لكن حلفاء مرسي يرفضون أصلاً الاعتراف بصناديق الاقتراع ويزعمون تزوير النتائج «مسبقاً»، وهم مصرون على الاستمرار في التظاهر الذي لم يؤتِ ثماره على مدار نحو 7 أشهر من دون أفق واضح. وقال نائب رئيس حزب «الوطن» السلفي القيادي في «تحالف دعم الشرعية» يسري حماد ل «الحياة»: «الشعب قاطع الاقتراع بنسب عالية جداً، وسقوط الاستفتاء يعني سقوط الانقلاب». وأضاف أن «الاتحاد الأوروبي طلب عبر مبعوثيه من التحالف المشاركة في الاقتراع حتى ولو صوت أنصاره بلا، وسألنا عن ضمانات نزاهة العملية وأيضاً ما إذا كان رفض الدستور يعني عودة مرسي إلى الحكم، ولم يجب الأوروبيون وكرروا طلب المشاركة، فكررنا تساؤلاتنا ولم يردوا». واعتبر أن الاستفتاء «محاولة من الانقلاب لإعطاء نفسه شرعية عن طريق التزوير... الشعب سيظل في الشارع وسيصعد من احتجاجاته». لكن تظاهرات «الإخوان» وحلفائهم فقدت زخمها كثيراً ولم تعد مجدية، خصوصاً في ظل الرفض الشعبي لها الذي يظهر في مواجهتها من الأهالي في شكل مستمر، حتى أن «الإخوان» عمدوا إلى التظاهر في المناطق النائية والقرى وفي الشوارع الجانبية وتجنب الميادين العامة، ما أفقد تجمعاتهم القدرة على الضغط في اتجاه إجبار الحكم الموقت على تقديم تنازلات. بيد أن حماد يرى أن «الأزمة في مصر ستستمر لفترة طويلة، وسيحكمها من لديه القدرة على الثبات والتصميم... متمسكون بدستور عام 2012، ولن نعترف بأي استحقاقات يُجريها الانقلاب». لكن أمين عام حزب «العمل» القيادي في «تحالف دعم الشرعية» مجدي قرقر رأى أن «لا ثوابت في السياسة». وقال ل «الحياة» رداً على سؤال عن موقف التحالف من المؤسسات المقرر انتخابها بعد الدستور: «هذا من شأن الجماهير. قد لا نعترف... حتى الآن لن نشارك في هذه المهزلة (لكن) ربما يجد جديد فلا ثوابت في السياسة التي تحكمها المتغيرات. ما أستطيع قوله أنه إلى الآن لا تبدو بادرة أمل. النفق السياسي مسدود». وأوضح: «في الغالب سيمر الاستفتاء ولن تقبل سلطة الانقلاب بغير هذا، وبنسب تصويت عالية بالمخالفة للحقيقة، لكن الاستفتاء أكد للتحالف أن حجم الانقلابيين في الشارع ضعيف وهش وبالتالي التحالف مستمر في فعالياته الرافضة للانقلاب واسترداد الثورة». واعتبر أن «الفيصل في شأن شرعية الصناديق الجديدة هو الأرقام، لكننا لا نثق في أرقام مندوبي الانقلاب الذين سيقومون بتزوير النتائج... إذا كانوا جادين، كان من الواجب عليهم أن يُشركوا الأحزاب في مراقبة عمليات الفرز... كان من الممكن أن نشارك في الرقابة على الاقتراع على رغم مقاطعة التصويت، لكن لم يعرض علينا الأمر ولم نناقشه، ولو كانت عرضت علينا الرقابة اعتقد أن التحالف كان سيوافق لضمان أو للتأكد من نزاهة الاقتراع». وشدد على أن «الرؤية الاستراتيجية للتحالف هي عودة الشرعية الدستورية... والشرعية التي يخلقونها حالياً شرعية زائفة تقوم على وثيقة باطلة شكلتها سلطة باطلة». ولم يطرح الناطق باسم «الجماعة الإسلامية» محمد حسان جديداً. وقال ل «الحياة»: «مستمرون في التظاهر إلى أن يتم إسقاط الانقلاب غير الشرعي... نتمسك بشرعية دستور 2012 والرئيس المنتخب، ونرفض عمليات التزوير التي تجري على قدم وساق». وكان «تحالف دعم الشرعية» قال في بيان إن «مواصلة الشعب المصري مقاطعته الإيجابية للاستفتاء تؤكد عدم شرعية الانقلاب العسكري... استفتاؤه سقط كما سقطت كل قراراته»، معتبراً أن «الاقتراع تم تزويره في شكل ممنهج، وكسبت الثورة جولة جديدة في صراعها مع بقايا (نظام الرئيس السابق حسني) مبارك، وستمضي بكل قوة في الفترة المقبلة». وتوقع الخبير في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» عمرو هاشم ربيع استمرار عمليات العنف المسلحة في الفترة المقبلة مع انحسار تظاهرات «الإخوان» بالتدرج، «بعدما تهاوت نغمة الشرعية وشعر أنصارها بالإحباط الذي سيزداد بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية». وأكد «أهمية دور السلفيين في هذه المرحلة لأن من المهم التصدي لهؤلاء (الإخوان) بأفكارهم نفسها... من المهم ألا يعادي النظام الجديد التيار الإسلامي كله». ودعا إلى «استقطاب الأشخاص ذوي الهوى الإخواني وليسوا مندرجين في التنظيم الإرهابي... يجب عمل نوع من المصالحة مع الإخوانية ذات الطابع الشعبي. وهذا من شأنه تقليل أعداد المتظاهرين». وتوقع «أن يستمر المناخ الأمني المسيطر على الحياة السياسية مثلما استمر في بعض مواد الدستور».