عودة جديدة .. الفتح يبدأ تدريباته بقيادة قوميز استعدادًا لموسم أقوى بدوري روشن    ارتفاع المؤشر الياباني    أمين الطائف يفتتح مشروع استثماري بيئي بالهدا    جمعية المودة تطلق دليل قياس كفاءة ممارس الإرشاد الأسري    الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز يوقع اتفاقية مع أمانة الطائف لدعم الخدمات المقدمة للأطفال ذوي الإعاقة    أمانة تبوك تستقبل أكثر من 39 ألف بلاغ    معرض "فنون تحكي قصص" يجسّد التراث السعودي في المدينة المنورة    جامعة جازان تفتح باب القبول في برامج الدراسات العليا.. التقديم يبدأ 27 يوليو    جائزة التميز العقاري ترسيخ للتنافسية    غزة.. تصعيد عسكري يرفع حصيلة الشهداء إلى 100 وسط تفاقم الأزمة الإنسانية    اليابان وأوروبا تطوران شبكة أقمار صناعية    عرض صخرة مريخية للبيع    "اعتدال و تليجرام" يزيلان 30 مليون مادة متطرفة    عراقجي: لن نقايض قدراتنا العسكرية.. طهران تستعد ل«رد مناسب» على آلية الزناد    السويداء تشتعل مجددًا ومقتل 4 جنود سوريين    القيادة تعزّي رئيس نيجيريا في وفاة محمد بخاري    الهلال.. ريادة تتجاوز الميدان إلى ضمير الإنسانية    الفيفا يختار بونو وحكيمي ضمن التشكيلة المثالية لمونديال الأندية    في ختام الأسبوع الأول من منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. فريق VK Gaming يتوج بلقب لعبة Apex Legends    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    4.2 مليار ريال استثمارات صناعية جديدة    (6,551 ميجاواط) سعة المشاريع.. 19.8 مليار ريال استثمارات "المتجددة"    "سدايا" تعزز الحراك التنموي بتقنيات الذكاء الاصطناعي    موجة حر قاتلة بإسبانيا    ضبط 393.4 كجم من المخدرات بعدة مناطق    بدء التسجيل لاختبار القدرة المعرفية الورقي    أمانة جدة تباشر 167 حالة إنقاذ على الشواطئ    1.83 مليار ريال لبرامج تأهيل السعوديين لسوق العمل    الإناث يتفوقن كما ونوعا بمعرض تشكيلي    أشرف عبد الباقي يصور«السادة الأفاضل»    مريضة سرطان تفتتح مقهى لتوظيف أصحاب الهمم    يا فرصة ضائعة    استقبل وفداً من هيئة الأمر بالمعروف.. المفتي يثني على جهود«نعمر المساجد»    سماعات الرأس تهدد سمع الشباب    نصائح طبية لتقليل التعرق    فوائد الخبز الصحية يوميا    الربو وفسيولوجيا التنفس عند الحوامل    مرآة المشاعر    مدير الأمن العام يزور المديرية العامة للأمن الوطني في الجزائر ويبحث سبل تعزيز التعاون الأمني الثنائي    السوبر.. هذه النتيجة!    القيادة تهنئ الرئيس الفرنسي بذكرى اليوم الوطني    الأسواق السعودية بين مكاسب النفط وضغوط التضخم    محمد بن عبدالرحمن يستقبل نائب أمير جازان وسفير عمان    ثلاثي الهلال ضمن التشكيلة المثالية لمونديال الأندية    «المتاحف» بالتعاون مع «التراث» تدعو الباحثين للمشاركة في مؤتمر البحر الأحمر    187 ألف مستفيد من الخدمات الشاملة بالمسجد النبوي    51 شهيدًا و143 مصابًا في قصف إسرائيلي على غزة    المزاد الدولي نخبة الصقور ينطلق 5 أغسطس في الرياض    رواد التأثير والسيرة الحسنة    لتعريف الزوار ب«الأثرية».. جولات إثرائية لإبراز المواقع التاريخية بمكة    فريق VK Gaming بطلاً لمنافسات لعبة Apex Legends بكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    تدشين الخطة الإستراتيجية "المطورة" لرابطة العالم الإسلامي    ترجمة مسرحية سعودية للغتين    أمير الشرقية يستقبل سفير جورجيا    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    هنا السعودية حيث تصاغ الأحلام وتروى الإنجازات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجل حسبة من الزمن الماضي!
نشر في الحياة يوم 27 - 06 - 2013

قيل عن العابد المحتسب عبدالله بن عمر العمري إنه خرج حاجاً، فرأى امرأة تتكلم بكلام استنكره، فأدنى ناقته منها وقال: «ألست حاجّة؟ أما تخافين الله؟ فأسفرت المرأة عن وجه يبهر الشمس حُسناً، ثم قالت: تأمل يا عمّ، فإنني ممن عناه العرجي (شاعر غزل لُقِّب بالعرجي لسكناه قرية العرج بالطائف) بقوله:
أماطت كساء الخز عن حُر وجهها*وأذنت على الخدين بُرداً مهلهلا
من اللاء لم يحججن يبغين حسبة*ولكن ليقتلن البرئ المغفّلا
فبماذا رد الشيخ وهي التي بنظرك تستحق ما تستحقه على وقاحتها في بيت الله؟ لم يزد أن نظر إليها وقال: «فإني أسأل الله ألاّ يعذب هذا الوجه بالنار». فبلغ خبره سعيد بن المسيّب وكان سيد التابعين وأكابر أهل الحديث والفقه وتفسير القرآن حتى سمي بفقيه الفقهاء. فلم يزد عن قوله: أما والله لو كان من بعض بغضاء العراق لقال لها: «اغربي، قبحك الله! ولكنه ظُرف عُبّاد الحجاز». فهلاّ تأملنا كلمات ابن المسيب؟ ولا يزايد أحد على غيرته في الدين والحق، ومع ذلك لم يتوعد ولم يهدّد ولم يشكّك في إسلام العمري ويدعوه للهداية، ولا أكثر منه. بل كل ما قاله: إنه ظريف.
ولنتصور أن امرأة في أيامنا كانت «تتلكّع» بجوار مسجد من بيوت الله، فلا هو بشارع ولا بسوق، فجاءها من رجال الحسبة من أمَرها بالستر ومراعاة المكان والكف عن ميوعتها، فردت عليه بإماطة النِقاب عن وجهها، وإنشادها شعراً بأنها لا تبغي سوى وقوع المغفّل في حبالها. فماذا ستكون ردة فعل هذا المحتسب مع امرأة تتحداه في مخالفتها؟ ولنمضِ في التخيّل ونرى رجل الحسبة ينظر إلى المرأة فيعظَها ألاّ تعود لمثلها، فمثل وجهها حرام أن تشوهه النار، وعلى الله الهداية من قبل ومن بعد، ثم يتركها في حال سبيلها، فيصل الخبر إلى بعض أصحابه المحتسبين، وربما إلى رئيسه، فلا يعنّفه ولا يوبخه ولكن يصفه بالظرف!
خيال واسع، أليس كذلك؟ ولكنه وقع من سيد التابعين والفقهاء المتوفى عام 94 ه، ومن ذلك التاريخ إلى تاريخنا انظر كيف تطرفنا في اعتدالنا وسماحتنا؟
فما ضير المحتسب أن يُبدي النصح بالحسنى والدين المعاملة؟ ونعم، هناك نماذج مخالفة ومستفِّزة، ومع هذا تظل النصيحة ثقيلة ولو كانت بالحق، ومن طبيعة الإنسان أن يستثقل اعترافه بخطأه وموافقة الآخر على صوابه، وبخاصة أمام الجمهور، وإن أيقن في داخله بصحة ناصحه. وإن الشيخ العمري بلطفه وبدعوته المحبّبة أصاب بحسن قوله في نفس الفتاة وعقلها، أبلغ من زجره لها والدعاء عليها - لو كان فعل -. فهل يليق برجل الحسبة الدعاء على امرأة لاحقها ليهديها إلى الستر؟ فلما سألته وكيف يكون الستر؟ وهي المغطاة من قمة رأسها إلى أخمص قدمها، فلا يكون جوابه غير الدعاء عليها بالسرطان؟ وهذا ما حصل أمامي والله شهيد. والغريب أن معظم ما يُروى عن عنف رجال الحسبة وتشنجهم وتجاوزهم اللفظي والإجرائي في أداء مهمات الاحتساب لا يعدو أن يكون التعليق الوحيد عليه سوى أنه قد يبالغ رجال الحسبة أحياناً في مفهومهم لإحقاق الحق، ولكنها تظل حالات فردية لا تمثل إلاّ أصحابها. فإذا كانت هذه هي طريقتنا في مواجهة التطرف، فمتى سنعتدل؟ بل وكيف سنعتدل ونحن المصرون على أنها مجرد حالات فردية؟ أفلا يساوي مجموعها حالات جماعية محسوبة على رجال الحسبة ونهجهم؟
ثم ما الغرض الأهم من وراء الاحتساب؟ والجواب: العمل لمصلحة الدين، فمتى كان التخويف طريقاً للجذب والترغيب؟ فنحن هنا إنما نناقش المبدأ من الأساس الذي تُبنى عليه سلوكيات المتشدِّد في كل شيء، فما بالك بالدين الذي يئنّ إلى سياسة محببة ومحنكة في هذا الزمن المشوِّش لأهله؟ فيأتي رجل الحسبة وبكل غلظة وجلافة فيأخذ الناس عنوة وتسلطاً، وفي رأيه أنه بذلك خدم الدين وأدى أمانته؟ فهل يكون هذا النموذج هو أفضل ما لدينا وما في استطاعتنا؟ فإذا كانت غلظة القلب وجلافة اللسان تعني انفضاض الناس من حولك، فكيف ستجمعهم على الامتثال للأمر والنهي؟
كاتبة سعودية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.