بعد سنوات من الازمات والتحدي بين باكستانوالولاياتالمتحدة، لا تزال واشنطن مرغمة على ابقاء تحالفها مع هذه القوة النووية العسكرية الاستراتيجية المهددة بتنامي التطرف الاسلامي، وفق تأكيدات الخبراء. وبعد الانتخابات التشريعية المزمع اجراؤها السبت، على واشنطن التعامل مع ائتلاف حكومي اقل محاباة للولايات المتحدة بالمقارنة مع الائتلاف الذي قاده حزب الشعب الباكستاني الذي ينتمي اليه الرئيس آصف علي زرداري منذ العام 2008. وبعد السياسة الواقعية المعتمدة ازاء "زواج المنطق" مع اسلام اباد بعد هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001، اشادت واشنطن الخميس مسبقاً ب"الانتقال الديموقراطي التاريخي" الذي تمثله انتخابات 11 ايار/مايو بالنسبة لبلد يحمل تاريخاً سياسياً دامياً يعج بالانقلابات العسكرية. واكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية باتريك فنتريل ان الولاياتالمتحدة "ستتعاطى مع الحكومة المقبلة المنتخبة ديموقراطيا"، سواء أكان ائتلافا يقوده المرشح الاوفر حظا رئيس الوزراء السابق نواز الشريف زعيم "الرابطة المسلمة" المحافظة المتحالف مع احزاب اسلامية، او نجم رياضة الكريكت السابق عمران خان. ويشير دانيال ماركي المحلل في "مجلس العلاقات الخارجية" الاميركي الى ان التحديات بالنسبة لواشنطن كبيرة، من مراقبة الترسانة النووية الى مكافحة الارهاب، مرورا بالانسحاب من افغانستان والثقل الاستراتيجي لباكستان، وبالتالي فإن "التخلي عن هذا البلد ببساطة امر مستحيل" وفق ماركي. ويضيف المحلل "اننا ملتزمون مع باكستان الى الابد". وهذا الرأي تشاطره ايضا سيمبال خان الباحثة الباكستانية في مركز "وودرو ويلسون" في واشنطن اذ تعتبر ان "العلاقة مع الولاياتالمتحدة ترتدي اهمية قصوى بالنسبة لباكستان". كل هذا على الرغم من الشعارات الانتخابية المناوئة للاميركيين التي يطلقها المرشحان الطامحان للسلطة نواز شريف وعمران خان. ويذكر الخبراء بان شعارات العداء لاميركا تكسب المرشحين شعبية في اوساط ناخبي هذا البلد العملاق الذي يعد 180 مليون نسمة وحيث لا تتعدى نسبة مؤيدي السياسات الاميركية ال11% بحسب استطلاع لمعهد بيو الاميركي للاستطلاعات. ويعزو المسؤول المشرف على هذا الاستطلاع ريتشارد وايك هذا النفور لدى الباكستانيين تجاه الولاياتالمتحدة الى حملة الغارات للطائرات الاميركية من دون طيار على المناطق القبلية الباكستانية ضد مقاتلي طالبان والقاعدة ما يثير استياء كبيرا في باكستان، والهجوم الاميركي الذي انتهى بمقتل اسامة بن لادن في ايار/مايو 2011. ويلاحظ الخبير في الاستطلاعات ان الرأي العام في باكستان يبدي "انعداما في الثقة تجاه القوة الاميركية" مشيرا الى ان شعبية الرئيس الاميركي باراك اوباما هي سيئة بالقدر نفسه مثل سلفه الرئيس السابق جورج بوش. وتحالف هذا الاخير مع اسلام اباد نهاية 2001 في "الحرب على الارهاب"، ما وفر لباكستان مساعدات بقيمة 20 مليار دولار خلال عقد من الزمن. ومع ذلك لا يشكك الدبلوماسيون والخبراء في واشنطن بتوجه نواز شريف الذي شغل منصب رئيس الوزراء مرتين في التسعينات، الى اعتماد سياسة واقعية وبراغماتية في علاقاته مع الولاياتالمتحدة. حتى ان سيث جونز المحلل في معهد راندز يعول على "فترة شهر عسل مع حكم مدني جديد" و"اللحظة المناسبة لاعادة اطلاق العلاقة الاميركية الباكستانية على مسائل جوهرية مثل التهديد الامني والاقتصادي". اما دانيال ماركي فيرى ان اسلام اباد ستسعى الى "اعادة التفاوض على اتفاق بشان طرق امداد" القوات الدولية في افغانستان، وهي اولوية بالنسبة للاميركيين الراغبين بالانسحاب عسكريا من هذا البلد نهاية العام 2014. ولتنسيق هذا الانتقال بين افغانستان وجارتها باكستان، ارسلت ادارة اوباما مبعوثاً خاصاً جديداً هو جيمس دوبنز في حين يبذل وزير الخارجية الاميركي جون كيري كل ما يمكن للتقريب بين الرئيس الافغاني حميد كرزاي وقائد الجيش الباكستاني شديد النفوذ الجنرال اشفق كياني.