مشاريع تنموية ب14.7 مليار ريال في مكة    إطلاق المسار النقدي لتجربة البدر الثقافية    السعوديات إخلاص وتميُّز بخدمة الحجاج    وفاة الأمير سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    أكتوبر الأكثر إصدارا للتراخيص الاستثمارية    آل الشيخ يعزز التعاون مع البرلمانات العربية    خادم الحرمين الشريفين يرعى نهائي أغلى الكؤوس    كلاسيكو التحدي بين «الأصفرين».. والبطل على أعتاب «التاريخية»    «الشورى» يستأنف جلساته بمناقشة أداء القطاعات وتحدياتها    المجفل سفيراً لخادم الحرمين لدى سورية    عبيدالله سالم الخضوري.. 16 عاماً ملكاً على الكونغو    مملكة الإنسانية وصحة الشعوب    5 من أمراض المخ ترتبط بتغير المناخ    جامعة المؤسس: الزي السعودي إلزامي على الطلاب    وزارة الإعلام تحتفي بطلاب وطالبات أكاديمية طويق ومدارس مسك الفائزين في معرض آيتكس 2024    فريق طبي بمستشفى عسير يُنقذ حياة أربعيني تعرّض لطلق ناري في الرقبة    أنت بحاجة إلى ميزانية    بيان التسمم    رابطة اللاعبين تزور نادي العروبة    أخضر الشاطئية يتأهل لربع نهائي البطولة العربية    حتى يبدع الحكم السعودي    ضمن فعاليات تقويم جدة بسوبر دوم.. غونتر يتوج بلقب" ملك الحلبة".. و" ناي جاكس" ملكة السيدات    ريال مدريد يودع الساحر الألماني    ولادة ثلاثة وعول في منطقة مشروع قمم السودة    وجهة الابتكار    إدارة تعليم عنيزة تدشن مبادرة التسجيل في النقل المدرسي    الإطاحة بثلاثة وافدين يروجون حملات حج وهمية    الأمن المدرسي    العمودي والجنيد يحتفلون بناصر    الزهراني يحتفل بزواج إبنيه محمد و معاذ    الاحتلال يواصل قصف أحياء رفح    أمير الرياض يرعى الاحتفاء بالذكرى ال 43 لتأسيس مجلس التعاون الخليجي    الغربان تحصي نعيقها    أجيال المملكة والتفوق صنوان    كي تكتب.. عليك أن تجرِّب    تكريم الفائزين في مسابقة «فيصل بن مشعل لحفظ القرآن الكريم»    المكسيك تسجل حرارة قياسية    وصول أولى رحلات مبادرة طريق مكة من المغرب    حلقات تحفيظ جامع الشعلان تكرم 73حافظا    "سناب شات" تضيف عدسات الواقع المعزز لكروم    ضريح في جزيرة يابانية لتكريم القطط    12 ألف حاج تلقوا خدمات صحية في المدينة المنورة    عليهم مراجعة الطبيب المشرف على حالتهم.. «روشتة» لحماية المسنين من المشاكل الصحية في الحج    اكتشاف دبابير تحول الفيروسات إلى أسلحة بيولوجية    التألق والتميز السعودي في الزراعة !    مرونة سوق العمل السعودي!    أسرتا السليمان والزعابي تتلقيان التعازي في فقيدهما    بيت الاتحاد يحتاج «ناظر»    أتعمية أم خجل.. يا «متنبي» ؟    الشغف    شكراً «نزاهة»    تعيين د. المجفل سفيراً لدى سورية    تخفيف مشقة الحج عن كبار السن    مشرفو الحملات الإندونيسيون: طاقات بشرية وفنية سعودية لراحة الحجاج    سعود بن بندر يطلع على خدمات «تنموي سلطان بن عبدالعزيز»    سمو أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة الثامنة عشرة لطلاب وطالبات جامعة تبوك    أكد حرص القيادة على راحة الحجاج.. أمير الشمالية يتفقّد الخدمات في« جديدة عرعر»    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج دورة الضباط الجامعيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصوص من كتاب «الأغاني» الصيني ... الشيجينغ
نشر في الحياة يوم 19 - 08 - 2014

كتاب «الشيجينغ»، هو أول مجموعة شعرية عامة في الصين، ترجم اسمه إلى Book of Songs أو Book of Odes أو The Classic of Poetry باللغة الإنكليزية، ويعني كتاب الأغاني أو كتاب القصائد باللغة العربية. ظهر الكتاب في القرن السابع قبل الميلاد، ويحتوي 305 قصيدة وأغنية تم جمعها على مدى خمسمئة سنة، على طول الفترة الممتدة من أوائل عصر «تشو الغربية» (القرن الحادي عشر قبل الميلاد) إلى منتصف عهد «الربيع والخريف» (القرن السادس الميلادي). ومعظم محتويات الكتاب يمثل الأشعار الغنائية والأهازيج الشعبية الشائعة في زمانها، أما الأخرى فهي أغنيات كانت تُغنى في الفعاليات الاحتفالية أو المراسم الرسمية.
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء رئيسية ألا وهي: «فونغ» و «ياه» و «سونغ»، يضم الأول مئة وستين قصيدة من الأغاني الشعبية المنتشرة في خمسة عشر إقليماً وقتذاك، وكُتَّابها هم على الأرجح من عامة الشعب ولذلك تكتسب شعبية أكبر بين الناس، كما تعتبر أكثر القصائد قيمة أدبية.
والقسم الثاني يضم مئة وخمس قصائد، تتعلق معظمها بالأوضاع السياسية، وكانت تنتشر بين النبلاء في البلاط أو عند المآدب الرسمية، والأخرى من الأناشيد الرائجة بين الجماهير.
ويضم القسم الثالث أربعين قصيدة كانت تُغنى في مراسم تقديم القرابين إلى الآلهة أو لذكرى الأسلاف.
أما أغاني القسمين الأخيرين فوُضع معظمها بأقلام الكتاب النبلاء أو الموظفين الرسميين وتشتمل على معاني المدح والتقديس.
كانت هذه القصائد والأغاني مكتوبة بأسلوب طبيعي بسيط، وتعكس بدقة وبحيوية ملامح وأوجه الحياة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً وثقافياً للصينيين القدامى، وتعبر عن عواطفهم وعملهم وعاداتهم ومقاومتهم ووجهات نظرهم في المسائل الاجتماعية. يتميز كتاب الأغاني بالقيمة الفنية الهائلة وبالطابع التراثي الفائق، فيعتبر مصدر مذهب الواقعية للإبداع الأدبي الصيني القديم واندرج في الكتب الخمسة الكلاسيكية الصينية القديمة حيث أصبح من أهم الكتب التعليمية للمثقفين في الصين على امتداد الأجيال. كما بدأت تذيع شهرته على نطاق العالم، وتمت ترجمته منذ القرن الثامن عشر إلى لغات مختلفة. فنال لقب «أجمل الكتب في العالم» لعام 2010 في مدينة لايبزيغ الألمانية حيث تشارك في الاختيار أكثر من 600 كتاب من 32 دولة ومنطقة في العالم.
هنا نماذج من قصائد الجزء الأول من الكتاب، ترجمتُها بنفسي إلى اللغة العربية، على أمل أن يحبها القراء العرب.
زورق السرو
طليقاً يتهادى زورق السرو، عائماً مع تيارات النهر. استلقيتُ ساهدةَ العينين، وفؤادي تثقله لواعج الهمّ والغمّ. ليس لأني بلا كأس تروقني، أو بلا مكان أستمتع فيه. قلبي ليس مثل مرآة برونزية، فلا يرى كل الوجوه رؤية واضحة. رغم كثرة أشقائي،
لا أحد منهم يمكن الاعتماد عليه.
ألجأ إليهم بنجواي وأساي، فألتقي عيوناً جاحدة ووجوهاً غاضبة.
فؤادي ليس مثل حصاة، فلا يمكن نقلها، وقلبها عشوائي. قلبي ليس مثل حصيرة، فلا يمكن لفّها وطيّها بسهولة.
امرأة نبيلة مثلي تعيش بجلال الفضيلة، فلن أتراجع ولن أخضع.
قلبي يميد في هوّة الهموم والغموم، ويختنق في هاوية الأغلال والأحقاد. كم مرة تعرضتُ لطعنات البهتان، وعانيت من إصابات المهانة. كلما اختليت بنفسي وجاءتني صحوة الأفكار، تصدمني آلام الواقع وتصفعني سخرية القدر.
أيتها الشمس، أيها القمر، لماذا تتسارعان في التعاقب ويختفي منكما النور؟ ما زال الحزن راسخاً في الحنايا، كالغسيل الوسخ يزعجني. كلما اختليت بنفسي وجاءني صحو الأفكار، أحلم بأني أطير إلى السماء، لأرحل عن دنيا العذاب.
الثوب الأخضر
أخضر، أخضر هذا الثوب، وبطانته باللون الأصفر.
ألبس هذا الثوب الأخضر ويمسّني الحزن، فمتى يصبح الحزن ذكرى منسية؟ أخضر، أخضر هذا الثوب، وتحته أرتدي اللون الأصفر. ألبس هذا الثوب الأخضر ويمسّني الحزن، فمتى تصير الذكرى سلوانا؟ أخضر هذا الثوب وخضراء خيوطه،
كلها من صنعة يديكِ الماهرتين، اللتين رحلتا منذ زمن ويثقلني الحنين إليهما. لولاكِ ما بقيتُ معصوماً من الزلل.
الثياب الناعمة أو الخشنة من صُنع يديكِ، تريحني في حرارة الصيف مثل نسمة ريح عابرة، فاتت منذ زمن ويثقلني الشوق إليها. أنتِ، وأنتِ وحدكِ، الأنسبُ إلى الأبد في قلبي.
السنونوتان
السنونوتان تحلقان في السماء، طويلة وقصيرة ريشات أجنحتهما. هذه الفتاة الراحلة، أوصلها إلى الضواحي البعيدة. وأراها طويلاً حتى تضيع عيني في المغيب، فتهطل دموعي.
السنونوتان تحلقان في السماء، حيناً تحوِّمان عالياً، وحيناً تهبطان. هذه الفتاة الراحلة، أودعها في البراري القاصية، وأراها طويلاً حتى تضيع عيناي في المغيب، فأتوقف ذاهلاً ودموعي تتدفق أنهاراً.
السنونوتان تحلقان في السماء، تدوران عالياً وفي الأسفل ويلفهما الحزن. هذه الفتاة الراحلة، تبتعد وتتجه إلى الجنوب الشاسع، وأراها طويلاً حتى تضيع عيني في المغيب، فتشتعل في قلبي الأشجان.
أختي العزيزة هذه طيبة ومخلصة، وروحها تفيض حناناً ورزانة.
السجايا السامية تتحلى فيها، والمزايا الراقية تتمتع بها، «أذكر ملكنا السابق بالخير»، وصيتها الأخيرة تؤثر فيّ دائماً.
الشمس والقمر
أيتها الشمس، أيها القمر، تتنزلان فيضاً من نور غامر على الأرض. هذا الرجل القاسي، قلبه حجر، تركني وحدي ولن يعود. لم لا يعتز بحبنا القديم، حتى هان عليه التذكار كله؟
أيتها الشمس، أيها القمر، تتسلطان فيضاً من ضوء ساطع على الأرض. هذا الرجل القاسي، قلبه صخر، غفل عني ولن يرجع.
لم لا يعتز بحبنا القديم، حتى هانت عليه حياتي كلها؟
أيتها الشمس، أيها القمر، تطلع من شرق الدنيا. هذا الرجل القاسي قلبه كجلمود صخر، فقد ضميره وعُرف بسوء السمعة.
لم لا يعتز بحبنا القديم، حتى يخيب أملي وأتوسل بالنسيان؟
أيتها الشمس، أيها القمر، تطلع من شرق الدنيا. أيها الأب، أيتها الأم، بالخيانة صدمني هذا الرجل القاسي. لم لا يعتز بحبنا القديم، حتى لا أعود أشقى بالأحزان؟
الريح
عنيفاً تعصف الريح الصائحة، يداعبني الفتى العابث بالفسق، ويتمثل لي كضحكات الريح الهازئة، فكيف يهرب قلبي من هذا الهم والغم!
شديداً تصرخ الريحُ الهوجاء، وتهتف ساخرة: هل العابث قد يأتي إليكِ؟ بل لن يأتي حتى ولو مرة، فيجرفني بحر الحنين الشاسع.
عنيدة تلك الرياح العاتية، أطفأت برعونتها وجه الشمس. تؤرقني الوحدة في الليل السهران، تُرى هل وصل إلى قلب العابث حنيني الفياض؟
بطيات من الغيوم تتلبد السماء، ومن جوفها هدير الرعد العاصف. تؤرقني الوحدة في الليل السهران، تُرى هل تصب في قلب العابث حميم التذكار؟
ضرب الطبول
طبول المعارك تدق وتهدر، وانطلق الجنود يحملون سيوفاً ودروعاً، رماحاً وأقواساً، سواعد تشق طرقاً وتقيم أسواراً لمدينتنا، لكن الأمر صدر بإرسالي أنا إلى الجنوب، فأتبع الجنرال سون تسيجونغ مرافقاً له، استعداداً لقهر البلدتين «تشن»، و «السونغ» المارقتين. كم تمتدّ عزلة البقاء في المعسكر النائي، وتزداد المسافات بينكِ وبيني، حتى انفطر قلبي حنيناً؟
أين الحِلّ وأين الترحال؟ ضاع حصاني في مكان ما، فإلى أين ألجأ؟ قد يكون مختبئاً بالأدغال. «لا فراق حتى الموت»، والوعد معكِ ميثاق الحياة. كنت قد أمسكتُ يدَكِ، متعهداً الحياة معكِ حتى المشيب. آه كم تطول المسافة بيننا، حتى صار اللقاء خيالاً بعيداً، آه كم يطول الفراق بيننا، وصار الوعد وهماً مستحيلاً!
* مُدرِسة في كلية اللغة العربية في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.