بدا أمس ان تداعيات الانتخابات الرئاسية في ايران دخلت مرحلة تصعيد جديدة في اطار الصراع بين السلطات والمعارضة، اذ اتهم المرشح الخاسر مهدي كروبي قوات الامن بارتكاب ممارسات «أسوأ من الصهاينة»، داعياً في رسالة مشتركة وجهها مع المرشح الخاسر الثاني مير حسين موسوي والرئيس السابق الاصلاحي احمد خاتمي الى اطلاق المعتقلين، منددين بالاجراءات «البربرية» التي ارتكبتها السلطات في حقهم، واستمرارها في «القمع». في المقابل، أكد المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي ان «لا مصلحة للنظام في استبعاد آخرين على خلفية قضايا ثانوية، لأن الجميع مطالب بالعمل في اطار الاخوة على بناء البلد». وطالب كروبي وزير الامن محسن اجئي باطلاق المعتقلين الذين اوقفوا في الاحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية، معلناً انه لم يخاطب الرئيس محمود احمدي نجاد في هذا الشأن «لأنني لا اعتقد بأنه منتخب من الشعب، لذا فإن حكومته الجديدة غير شرعية». ووصف رئيس البرلمان السابق، في مقال نشرته صحيفة «اعتماد ملي»، عناصر الامن الايرانيين بأنهم «أسوأ من الصهاينة». وقال: «الجنود الصهاينة يرفقون بالنساء الفلسطينيات، لكن عناصر الامن في ايران يضربون النساء علناً، ويخضعون المعتقلين لتعذيب نفسي في مساجد ومدارس واقبية تابعة المكاتب الحكومية.» وحذر كروبي من مواجهة ايران «اياماً عصيبة»، اذا لم يستطع وزير الامن معالجة الاوضاع «غير القانونية» السائدة و «التي تتعارض مع اسس الجمهورية الاسلامية»، علماً انه اتهم في رسالة مفتوحة الى وزارة الاستخبارات السلطات «باخفاء العدد الحقيقي للاشخاص الذين قتلوا خلال الاحداث الاخيرة»، بعدما حددت عددهم ب20. وقال: «تستطيعون على الاقل تسليم الجثث للاسر». في غضون ذلك، افاد موقع «مشاركات» الإصلاحي على شبكة الانترنت أمس، بأن محسن روح الأميني نجل عبد الحسين روح الأميني مستشار المرشح الرئاسي الخاسر محسن رضائي قتل في سجن ايفين بطهران الذي أودع فيه اثر اعتقاله في التاسع من الشهر الجاري. ولم يذكر الموقع كيف قتل روح الأميني او متى، مشيراً الى ان «السلطات ابلغت عائلته أنه سيطلق قريباً، قبل ان تنقل لها خبر وفاته الخميس.» وتلت ذلك مطالبة الرئيس السابق محمد خاتمي والمرشحين الخاسرين كروبي ومير حسين موسوي، في رسالة مشتركة بعثوا بها الى رجال الدين، بتدخلهم لاطلاق المعتقلين، وضمان معالجة الاتهامات الموجهة اليهم عبر القضاء. وجاء في الرسالة التي وقعها ايضاً عدد من الاصلاحيين، ونشرها موقعا موسوي وكروبي على الانترنت: «نحن قلقون جداً في شأن السلامة الجسدية والنفسية للمعتقلين الذين من الخطأ الربط بينهم وبين الدول الأجنبية.» وقالت: «ننتظر منكم يا كبار قادة الدين ان تذكروا السلطات بالآثار الوخيمة التي نتجت من بربريتها وعدم احترامها القانون، وان تمنعوها من مواصلة القمع في الجمهورية الاسلامية». وشددت على ان المطالبة تهدف فقط الى «اصلاح امور البلاد والمواطنين»، ونفى قربان بهزاديان مدير الحملة الانتخابية لموسوي اتهام وزير الامن وخطيب صلاة الجمعة احمد خاتمي ماكينة موسوي بالارتباط بسفارات اجنبة، مذكراً برفض موسوي لقاء سفراء اجانب خلال الحملة. وفي خطاب وجهه عبر التلفزيون، دعا المرشد الاعلى الجمهورية الاسلامية علي خامنئي الي توخي الحذر من اطلاق تصريحات «تزكي الفرقة»، موضحاً ان لا مصلحة للنظام في استبعاد آخرين على خلفية قضايا ثانوية «لأن الجميع مطالب بالعمل في اطار الاخوة على بناء البلد». واضاف: «يجب الا تفسح التطورات الاخيرة في المجال امام الخلافات، وان نتعامل بشرف مع بعضنا البعض». وشهدت عشرات المدن في العالم أمس تظاهرات لدعم المعارضة الايرانية، والقت الناشطة الايرانية في مجال حقوق الانسان شيرين عبادي، الحائزة جائزة نوبل للسلام كلمة امام مئات المتظاهرين الذين احتشدوا في العاصمة الهولندية امستردام، فيما صرح الناطق باسم منظمة العفو الدولية توم فان دين براد: «نحن هنا لنظهر تضامننا مع الشعب الايراني، ونحض طهران على احترام حقوق الانسان». على صعيد آخر، دعا قائد «الحرس الثوري» اللواء محمد علي جعفري اسرائيل الى عدم ارتكاب أي «حماقة» في شن هجوم على ايران «لأننا قادرون علي الرد بشكل دقيق وحازم»، مشيرا الي فشل الاختبار الصاروخي الاسرائيلي الاخير في اعتراض صواريخ «شهاب»، وعجزهم عن مواجهة اطلاق «عدد هائل» من الصواريخ الايرانية. وابدى اعتقاده بان طبيعة تهديدات «الاعداء» تغيرت من العسكرية الى السياسية والامنية والثقافية، موضحاً ان الاحداث الاخيرة في ايران «تعكس تخطيط الاعداء لتنفيذ «ثورة مخملية، بعدما اقتنعوا بعدم جدوى مواجهة ايران عسكرياً».