مناحل بيش تحصد المركز الثاني في مسابقة الإمارات للعسل على مستوى الخليج    الهلال يتفوق على الاتحاد بثنائية في الكلاسيكو    رقم تاريخي للهلال في الكلاسيكو    الاتحاد يغرق في موج الهلال الأزرق    بلدية الدرب تنفّذ حملة تنظيف شاطئ عتود ضمن جهودها لتحسين المشهد الحضري    نيوم والخليج يكتفيان بالتعادل الإيجابي    «سلمان للإغاثة» يوزّع (1,100) من المواد الإيوائية المتنوعة في الصومال    رئيسة المكسيك: المفاوضات التجارية مع أميركا «متقدمة جداً»    بعثة منتخب قرغيزستان تصل إلى المملكة للمشاركة في بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ 2025    وزير الاقتصاد والتخطيط يعقد اجتماعاً مع المستشار الاقتصادي والمالي الألماني    المملكة تُسهم في إحباط محاولة تهريب (25) كجم "كوكايين" بماليزيا    وزارة الداخلية تحتفي بمرور 100 عام على تأسيس الدفاع المدني.. الثلاثاء المقبل    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    نادي ثقات الثقافي يتألق (باأمسية أدبية مدينية ) بالتعاون مع الشريك الأدبي    خمس تطلعات مستقبلية لمنتدى TOURISE تستشرف التغيرات السياحية    المملكة تقدم مشاريع صحية لبناء عالم خالٍ من شلل الأطفال بقيمة تزيد عن نصف مليار دولار    تركي بن محمد بن فهد ينقل تعازي القيادة في وفاة علي الصباح    تجمع جازان الصحي وجمعية رعاية الأيتام بالمنطقة يبحثان سبل التعاون المشترك    السوق السعودي يترقب مسار السيولة    توطين سلاسل الإمداد        تصوير مذنبين لامعين في سماء صحراء الإمارات العربيه المتحدة    طبيب سعودي يحقق جائزة التميز في زراعة الكبد    آل الشيخ: معرفة أسماء الله الحسنى تزيد الإيمان وتملأ القلب طمأنينة    ولي العهد يعزي هاتفيًا رئيس وزراء الكويت في وفاة الشيخ علي الصباح    في يومٍ واحد.. عسير تحتفي بإنجازٍ مزدوج لخدمة الإنسان    وزارة الرياضة تحقق مستهدفات جديدة في نسب ممارسة النشاط البدني لعام 2025    السديس: أمتنا أحوج ما تكون لهدايات القرآن في زمن الفتن    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    منظمة الصحة العالمية تجلي 41 طفلا من قطاع غزة    أنظمة الدفاع الجوي الروسية تسقط 3 مسيرات متجهة إلى موسكو    الرئيس الموريتاني يصل جدة لأداء مناسك العمرة    رابطةُ العالم الإسلامي تُشيد بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    مسابقة "كأس فرسان علم السموم العرب" تنطلق اليوم    جمعية توعية الشباب تعزز مهارات التعامل التربوي مع الأبناء    تدشين فعالية اليوم العالمي للصحة النفسية في الخبر    صقّار يطرح أول شاهين في حياته ويبيعه ب(193) ألف ريال    تنقل زواره لتجربة سينمائية عبر رحلة تفاعلية مكتملة    163 ألف ريال لصقرين في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    بيان عربي إسلامي: ضم الضفة انتهاك صارخ للقانون الدولي    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان أهالي فرسان    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    59.1% من سكان السعودية يمارسون النشاط البدني أسبوعيا    الأمين العام للأمم المتحدة يأمل أن تلتزم بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    بروكسل تعد القاهرة بمساعدات بقيمة 4 مليارات يورو خلال أول قمة أوروبية – مصرية    لشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية ورئيسًا لهيئة كبار العلماء ورئيسًا عامًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير    تكليف العنزي مديراً للإعلام ومتحدثاً لوزارة الشؤون الإسلامية    بالونات مجهولة تثير مخاوف الأمريكيين    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    أكد رسوخ الوفاء والمبادرات الإنسانية.. محافظ الأحساء يكرم مواطناً تبرع بكليته لوالده    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    آل حلوّل والضليمي يزفون داؤود    المملكة توقع اتفاقية دولية للإنذار المبكر من العواصف    برنامج ثقافي سعودي- فرنسي يمتد حتى 2030.. 50 مليون يورو لدعم مشروع «مركز بومبيدو»    أجريت إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. نجاح عملية عيب خلقي في القلب لطفلة فلسطينية    معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان    الذهب يفقد بريقه مؤقتا تراجع عالمي حاد بعد موجة صعود قياسية    التراث يحفّز الاستثمار ويقود ازدهار المتاحف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات - ثقافة الدم في سورية الغامضة
نشر في الحياة يوم 10 - 03 - 2012


الإثنين 5/3/2012: ثقافة وثورة
تتفاقم مشكلة الثقافة في تسونامي الربيع العربي لدى وصوله الى سورية، فرئيس المجلس الوطني، الكيان السياسي الأبرز للمعارضة، أتى الى منصبه من موقع الأستاذ الجامعي في باريس ومن مؤلفات نظّر فيها للتغيير في سورية والعالم العربي، واعياً ملابسات التغيير ومعوّقاته.
وجود برهان غليون على رأس القيادة السياسية للمعارضة السورية، لم يُتِحْ لها أن تكون أفضل حالاً من نظيراتها في تونس وليبيا ومصر، حيث شاركت بفعالية في الثورات الثلاث كيانات اسلاموية نجحت في تسلم الحكم، ليرى أهل البلدان الثلاثة، فضلاً عن العالم كله، نوع السجالات التي يتقنها الحكام الجدد وكم هي بعيدة عن الشأن العام، خصوصاً لناحية القضايا الاقتصادية والعلاقات الدولية.
ثورات «الربيع العربي» حيوية في النضال وكسولة في الثقافة، مكتفية بالموروث التقليدي تضفي عليه قداسة تتعدى الكلام الديني الى المأثور الشعبي المتوارث، فأصبحنا وبسرعة قياسية متحفاً حياً، لا جمهوريات تتحمل مسؤوليات أوطان ومواطنين وتتفاعل مع دول العالم.
لم تصل المعارضة السورية الى الحكم بعد، لكننا نلمح ثقافتها في تصريحات القيادات وفي شعارات الساحات، حيث الشعب الشجاع متروك لأسهل الكلام وأقرب الرغبات.
الثلثاء 6/3/2012: تفاوت التعبير؟
بعد سنة على حرب لبنان (أي في العام 1976)، كان سهلاً إحصاء مئات القصائد العربية عن تلك الحرب، وبينها ما اختار موسيقيون، أشهرهم مارسيل خليفة، لإطلاق ما سمّي آنذاك «الأغنية السياسية».
هذا الشهر تمر سنة على حرب سورية، ويبدو صعباً إحصاء قصائد، ولو قليلة، تستوحي الملحمة الغامضة في بلاد تحاول اكتشاف نفسها عبر المذابح والدمار.
قد تكون المرحلة تغيرت ولم يبق الشعر في صدارة التعبير، لكن الكتابة الأخرى النثرية والدرامية ومعها الأعمال التشكيلية والأفلام المازجة بين توثيق وانطباع، هذه كلها نادرة، وإن وجدت فهي أقل من الواقع الأحمر والأسود في سورية.
الحرب المأسوية لم تجذب بعدُ المبدعين السوريين ليلحق بهم مبدعون عرب وأجانب. في حين ان اللبنانيين ومعهم فلسطينيو لبنان أصدروا أعمالاً أدبية وفنية مبكرة عن الحرب، وتبعهم في هذا السبيل عرب وأجانب أنتجوا عن لبنان شعراً ورواية وسينما ومسرحاً وموسيقى وغناء. والطريف ان الرواية الأولى عن حرب لبنان كتبها الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل في عنوان «الشياح».
لماذا الفرق؟ ربما لأن لبنان منفتح وسورية مغلقة، وهو واضح وهي غامضة، وهو يستقبل وهي تطرد.
لهذه الأسباب، ربما، يحتل خبر التلفزيون موقع الأدب والفن في التعبير عن الثورة السورية، فيبدو للمشاهد البعيد، إذا صدّق إعلام الطرفين، أن في سورية حرباً محلية، إقليمية، عالمية، ولا ينتبه جيداً الى الضحايا الأبرياء في هذا البلد العربي السائر من نكبته الى نكبته.
الأربعاء 7/3/2012: أدونيس النشط
أدونيس في ثمانينات عمره، الذي نتمناه مديداً، نموذج المثقف العربي النشط، يمسك دائماً بمجالي النقد والتجاوز، اللذين يحضران هذه الأيام في كتابه الكبير الذي يصدر هذا الشهر «ديوان النثر العربي» (أربعة مجلدات) عن دار بدايات، كما في مجلته الفصلية الثالثة (بعد «شعر» و «مواقف») «الآخر»، التي صدر عددها الثالث قبل أيام.
الاختيارات من النثر العربي تعتبر تأسيسية، وهي صعبة قياساً الى الاختيار من شعر توضحت صورته بجهود مؤرخي الأدب ونقاده.
والنثر العربي محيط مظلم الأعماق، ربما يحتاج الى جهود آخرين بعد أدونيس صاحب الريادة، هو الذي لاحظ الكلام العربي السائد «لا معنى لما يأتي من بعدُ إلاّ إذا كان مطابقاً لما كان من قبل»، فحذف حرف الاستثناء «إلاّ» مصوِّباً في اتجاه التجاوز: «لا معنى لما يأتي من بعد إذا كان مطابقاً لما كان من قبل».
ومما في مجلة «الآخر» (شتاء 2012): «مأزق الثورات العربية» لصفية سعادة، «من أجل ربيع آخر للثقافة العربية» لمحمد صابر عبيد، ونقد تشكيلي معاصر لسيمون نجامي وبرنار ماركاديه، وأصوات الشعر الإيطالي الحديث، ومقابلتان مع بولس الخوري وجان بيار فاي.
نقتطف من محمد صابر عبيد: «ما يحصل من تغيير وهزيمة لسطوة الدكتاتورية العربية التي سحقت المجتمعات العربية والثقافة العربية طول عقود كثيرة مضت، يمثل رغبةً حاسمةً أكثر من ضرورية للجميع، وحلماً تأخر تحقيقه كثيراً، خسر فيه العرب ربما أكثر مما خسروا في كل عصورهم قاطبة، إذ إن هذه الدكتاتوريات أعادت العرب في عصر الحريات الى أكثر عصور التخلف بؤساً ورجعية وفقراً وجهلاً وتشويهاً وعدماً. وبددت ثروات طائلة كان بإمكانها أن تجعل المواطن العربي سيداً حرّاً في العالم مكافئاً لأكثر مواطني دول العالم تقدماً. وتراجعت معدلات الثقافة العربية الى أدنى مستوى لها في تاريخ العرب، حين تحوّلت الى أداة جاهلة قذرة بيد أجهزة الدكتاتورية من أجل تأليه الدكتاتور وصناعته صناعة فريدة وأحديّة لا بديل لها، وظلّت الثقافة هامشاً تافهاً وثانوياً تتلاعب بها مركزية السلطة وتمعن في إذلالها وتسخيفها والحطّ من قيمتها».
«والتغييرات الجارفة والمثيرة والمفاجئة والدراماتيكية التي حدثت وتحدث (وربما ستحدث) في المجتمعات العربية اليوم، وسميت سياسياً واعلامياً وشعبياً ب «الربيع العربي»، تطرح الكثير من الأسئلة الإشكالية الشائكة عن الراهن والوجود والمصير العربي، وعن مفهوم الثقافة عربياً، وعن دور المثقف العربي في ما يحصل».
الخميس 8/3/2012: الانتظار في باريس
أحرص على الاتصال أسبوعياً لتفقد أصدقاء في باريس، تركوا سورية، كعادتهم كل سنة، لمتابعة جديد الأدب والفن، وقد مددوا الإقامة في انتظار نهاية الأحداث وانتصار الثوار على النظام فتتحقق رغبتهم، أصدقائي الذين يعارضون على طريقتهم حريصين على خلاص سورية وعلى سلامتها.
حين مضى شهر على إقامتهم الباريسية نصحتهم بالعودة، مستنداً الى تجربة مئات آلاف اللبنانيين الذين انتظروا نهاية الحرب، حتى استوطنوا في أماكن انتظارهم، وكانوا كلما باعد الزمان والمكان بينهم وبين وطنهم يزداد خوفهم من العودة، حتى لاحظنا أن المقيمين تحت القصف في لبنان أقل قلقاً من الذين غادروا ويسمعون من بعيد أخبار الوطن المأسوية.
اليوم اتصلت بالأصدقاء فوجدتهم أكثر قلقاً. كررت نصحي بعدم سماع الأخبار سوى مرة واحدة في اليوم، وبأن يلجأوا الى عمل ما، إنجاز ما، وإن كان يدوياً، ليستطيعوا الصمود والمحافظة على أعصابهم، ذلك أن باريس للمعارض السوري الصادق لا تقل خطورة عن بابا عمرو.
الجمعة 9/3/2012: البعيد جداً
وحده لبنان بين دول المشرق العربي اعتنى بأبنائه المهاجرين، متابعاً نشاطهم، خصوصاً المفكرين منهم والشعراء، حتى دخل أعلام مهاجرون مثل جبران خليل جبران وأمين الريحاني ورشيد سليم الخوري الدائرة الضيقة للحياة الثقافية في لبنان، ومن خلاله في العالم العربي.
الأنظمة الاستبدادية في المشرق أهملت المغتربين، بل فضلت عدم ذكرهم لئلا ينقلوا عدوى الحرية الى المقيمين: مَن في العراق يذكر نجيب الريحاني الذي ترك بصمة لا تمحى في تاريخ المسرح المصري؟ مَن في سورية يذكر أعلاماً مهاجرين كثراً، خصوصاً في أميركا اللاتينية؟ وحين قلدت سورية «مستعمرتها» اللبنانية مضيفة كلمة «المغتربين» الى «وزارة الخارجية»، كان المغتربون السوريون الأوائل دخلوا في دائرة النسيان أو توفاهم الله.
في سورية البعيدة جداً التي اسمها البرازيل أو فنزويلا أو الأرجنتين أو تشيلي، يسمعون أخبار المآسي تحملها وكالات الأنباء من وطن الآباء والأجداد. يتأسفون، ربما، فقط لأسباب إنسانية، أو لأن الوطن الأصلي البعيد لا يزال حاضراً على المائدة في صورة طعام ورثوا إعداده عن جدات رحلن وعلى أيديهن وشم عثماني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.