7 دول طلبت من المحكمة الجنائية الدولية وقف اعتقال مسؤولين إسرائيليين    هل يُغادر صلاح ليفربول وينتقل إلى الاتحاد؟ صحفي إنجليزي يُجيب!    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    السعودية وأمريكا تقتربان من إبرام اتفاق أمني    75.3 مليار ريال إيرادات السعودية للكهرباء في 2023    وزير الدولة للشؤون الخارجية يلتقي بالممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الخليج    جازان: القبض على 8 مخالفين لنظام الحدود لتهريبهم 160 كيلوغراما من نبات القات    انضمام السعودية للتحالف العالمي للذكاء الاصطناعي    هيئة تطوير المنطقة الشرقية تشارك في منتدى التكامل اللوجستي 2024    الاحتلال اعتقل 8505 فلسطينيين في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر    أمير الشرقية يقلد قائد قوة أمن المنشآت برأس تنورة رتبة لواء    أمين منطقة حائل يفتتح معرض أسبوع البيئة 2024    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    أخبار سارة في تدريبات الهلال قبل الكلاسيكو    الاعلان عن الأفضل في دوري روشن في أبريل    نصف نهائي "أغلى الكؤوس".. ظروف متباينة وطموح واحد    أمير تبوك يدشن فعاليات أسبوع البيئة بالمنطقة    شراكة عالمية لجمع 500 مليون دولار لمبادراتٍ في مجال التعليم    «سلمان العالمي» يُطلق أوَّلَ مركز ذكاء اصطناعي لمعالجة اللغة العربية    اتفاقية لإنشاء "مركز مستقبل الفضاء" بالمملكة    الكلية التقنية للبنات بجدة تطلق هاكاثون تكنلوجيا الأزياء.    زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق تايوان    أمير المدينة يستقبل سفير إندونيسيا لدى المملكة    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب بالجامعة الإسلامية    النيابة العامة: التستر وغسل الأموال يطيح بوافد و3 مواطنين لإخفائهم 200 مليون ريال    "جائزة الأميرة صيتة" تُعلن أسماء الفائزين بجائزة المواطنة المسؤولة    القبض على 8 أشخاص لقيامهم بالسرقة وسلب المارة تحت تهديد السلاح    افتتاح الملتقى السنوي الثاني للأطباء السعوديين في إيرلندا    سياسيان ل«عكاظ»: السعودية تطوع علاقاتها السياسية لخدمة القضية الفلسطينية    أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة    «مطار الملك خالد»: انحراف طائرة قادمة من الدوحة عن المدرج الرئيسي أثناء هبوطها    وزيرا الإعلام والعمل الأرميني يبحثان التعاون المشترك    الفيحاء يتوّج بدوري الدرجة الأولى للشباب    اللواء الزهراني يحتفل بزفاف نجله صلاح الدين    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    الأهلي بطلاً لكأس بطولة الغطس للأندية    فيصل بن بندر يؤدي الصلاة على عبدالرحمن بن معمر ويستقبل مجلس جمعية كبار السن    دولة ملهمة    «رابطة العالم الإسلامي» تُعرِب عن قلقها جرّاء تصاعد التوترات العسكرية في شمال دارفور    ديوانية الراجحي الثقافيه تستعرض التراث العريق للمملكة    النقد وعصبية المسؤول    مهنة مستباحة    نائب أمير مكة يطلع على تمويلات التنمية الاجتماعية    فئران ذكية مثل البشر    إستشاري يدعو للتفاعل مع حملة «التطعيم التنفسي»    منجزات البلدية خلال الربع الأول بحاضرة الدمام    اكتمال جاهزية كانتي.. وبنزيما انتظار    جامعة «نورة» تفتتح منافسات الدورة الرياضية لطالبات الجامعات الخليجية    المصاعد تقصر العمر والسلالم بديلا أفضل    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    صحن طائر بسماء نيويورك    ذكاء اصطناعي يتنبأ بخصائص النبات    تطبيق علمي لعبارة أنا وأنت واحد    أمير تبوك يواسي أبناء أحمد الغبان في وفاة والدهم    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    المسلسل    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصرية بين مكاسب الأمس ...ونكسات الحاضر
نشر في الحياة يوم 08 - 03 - 2012

الأوركسترا تعزف النوتة الموسيقية الموجودة، تطبّق ما يرشدها اليه المايسترو مهما اختلف نوعه، وهذا تحديداً ما يحدث هذه الأيام على وقع «المجلس القومي للمرأة».
فمع حلول اليوم العالمي للمرأة، بات أكيداً أن العزف الأوركسترالي الذي كان يشتد وقعه ويحمى وطيسه في مثل هذا الوقت من كل عام، للتهليل لإنجازات السيدة سوزان مبارك في ما يختص بالمرأة وتثقيفها وتوعيتها ونيل حقوقها، سيتحول إلى سمفونية أخرى، ألا وهي ضرورة إعادة هيكلة حقوق المرأة المصرية وإصلاح مسارها. وهو الإصلاح الذي يتوقع أن يتم من خلال الإطاحة بكل ما تم تحقيقه، وبدء العمل على توعية المرأة لتكون «نواة لأسرة مطابقة لمواصفات التيارات السياسية الجديدة»، وأماً «تلتزم بيتها لتربي أطفالاً مطابقين لمقاييس التيارات الدينية»، و «زوجة مطيعة لا تجرؤ على المطالبة بحقوق مُدرجة على أجندات خارجية ومحاولات تقويض بنية المجتمع».
وعلى رغم أن المجلس القومي للمرأة حاضر هذا العام في «احتفالات» لا تبشر الأمور بخير كثير للمرأة في عيدها، فيوم المرأة حاضر من خلال احتفاليات خافتة، أو بالأحرى محاولات لإعطاء تنفس اصطناعي لحقوق المرأة الموشكة على الدخول في فترة بيات تاريخي. لطالما كان المجلس القومي، منذ تأسيسه شاهداً على الاختلافات الطارئة والتنوعات الموجودة. تارة يُمجَّد بإنجازاته على الصعيد النسوي ويتم تبجيلها، وتارة أخرى للتنديد به وإلصاق كل أنواع الاتهامات بعمله، الذي «شتت شمل الأسرة المصرية» و «فتح الباب على مصراعيه أمام تنفيذ أجندات أجنبية على حساب المرأة المصرية».
قوانين النظام السابق «باطلة»
المرأة المصرية، كائن كُتب عليه أن يبقى الخاسر الأكبر، ليس فقط لحجم الخسارة، ولكن لأنه مكتوب على المرأة أن تكبت معاناتها، إما بسبب ترتيب الأولويات الذي يضعها دائماً في الذيل، أو بسبب قدرتها التاريخية على التحمّل والجَلد والصبر، أو لأن تجرؤها «على الخروج من منظومة الإنجاب والطهي والغسل والمسح والكنس والكوي وتنظيف المنزل وعمل القهوة...»، يضعها دائماً في خانة «العبد الذي يتجرأ على سيده، فيستحق كل ما يتعرض له من تنكيل وسلب للحقوق.
ولأن المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، ارتبطا برئيستهما السابقة سوزان مبارك، كانا من أوائل مؤسسات الدولة التي تعرضت للمطالبة بالهدم تارة وإعادة الهيكلة تارة أخرى، باعتبارهما مجلسي ال «هانم»، والتعامل مع كل ما صدر عنهما من مشاريع وأعمال على انه «باطل وواجب الهدم».
وتنبئ سيطرة التيارات الإسلامية المتشددة على الساحة السياسية بعد ثورة يناير بهجمة على وضع المرأة المصرية، وهو ما بدا واضحاً مع تجييش الجهود للقضاء على إعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة، فور صدور قرار رسمي من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة بذلك.
وسارع حزب الحرية والعدالة، الذي يتمتع بغالبية في البرلمان ومجلس الشورى، إلى رفض قرار إعادة التشكيل، مبرراً رفضه بصدور القرار من دون تشاور مع الأحزاب والقوى السياسية، وخصوصا أن المجلس لا يتعلق بمؤسسة مهمة وخطيرة، واصفاً إياه بأنه كان «سلاحاً للنظام السابق لتفتيت الأسرة والقضاء عليها». ورفض الحزب إعادة التشكيل، بحجة أن مجلساً بهذا الشكل «لن يحقق مصلحة الوطن وأهداف الثورة بالنسبة للمرأة المصرية».
أمّا الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الرفض، فتدور في أغلبها في فلك منظومات «الأجندات الأجنبية» و «الخطط الغربية الخبيثة الهادفة إلى تقويض الأسرة المصرية المسلمة للنيل منها». ورفض الحزب المشاركة في المجلس المعاد تشكيله «حفاظاً على الأسرة المصرية».
ويتردد صدى هذا الرفض في الأروقة الشعبية، تارة من قبل جموع الرجال «المتضررين»، فعلياً أو نفسياً، من إنجازات تم تحقيقها على الطريق الحقوقي للمرأة، أو من قبل جمعيات ومنظمات ذات طابع ديني، فعلى مدى سنوات طويلة، حذّرت «اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل»، وهي إحدى لجان المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة وترأسها المهندسة كاميليا حلمي، من «خطورة المواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والمتعلقة بالمرأة والطفل»، بحسب وصفها، والتي تتضمن «بنوداً تتعارض والشريعة الإسلامية وتمثل تهديداً للأسرة وتماسكها».
ودأبت هذه اللجنة على التأكيد أن التعريف الذي وضعته لجنة مركز المرأة في الأمم المتحدة والخاص بالعنف الأسري يتعارض في مجمله مع تعاليم الإسلام. وعارضت حظر تزويج الفتيات دون سن ال18 عاماً، وحظر ختان الإناث، وتعتبر تطبيق مفهوم العنف الأسري بحسب المواثيق الدولية خطة هدفها هدم الأسرة وتفكيكها. وكانت حلمي استنكرت قرار إعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة «الذي ساهم في إفساد الحياة الاجتماعية في مصر»، مشيرة إلى أن حزب الحرية والعدالة، سيؤسس مجلساً قومياً للأسرة كبديل للمجلسين القومى للمرأة والقومى للطفولة والأمومة.
انعكاسات الصبغة السياسية - الدينية
وفي ظل حال الفوضى الشديدة التي يعيشها المصريون، فإن القضية برمتها تقع على هامش أولوياتهم، على قاعدة أن قضايا المرأة قابلة للانتظار، وأنها فاقدة للحيوية أو المركزية، بخلاف تأمين لقمة العيش أو تحديد مصير الوطن. إلا أن فريقين رئيسيين منشغلان بها، فريق يهلّل ويطبل من أجل إلغاء المجلس، وأغلب أعضائه من الرجال المتضررين من قوانين الحضانة أو تلك التي حسّنت واقع المرأة بشكل أو بآخر.
وعلى رغم أن بعضهم لا يرتدي عباءة الدين، فإنهم مصنفون ضمن فريق المدافعين عن كيان الأسرة ووحدتها، اللذين «قوّضهما» المجلس القومي للمرأة. أمّا الفريق الآخر فمنقسم إلى قسمين: الأول حقوقي والثاني شعبي قادر على رؤية الآثار المتوقعة من صبغ مثل تلك المجالس باللون السياسي الديني الرائج حالياً.
اعتراضات عدة صدرت من بعض المراكز الحقوقية على موقف «حزب الحرية والعدالة»، لم تلقَ صدى. وتظهر المشكلة أكثر تعقيداً في ضوء التشكيل الغريب الذي طبع المجلس القومي من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في ظل عدم اعلان معايير الاختيار. ويعتبر البعض ان المجلس بتشكيله الجديد مكتوب عليه الفشل، نظراً لغياب رؤية إستراتيجية حقيقية حول دوره في المرحلة الراهنة.
من بين أعضاء المجلس الجدد أسماء تتمتع بسمعة طيبة وتحمل تاريخاً مشرفاً من العمل العام، إلا أن السمعة الطيبة والسيرة الذاتية الحافلة لا تكفيان لمواجهة بيئة سياسية دينية معادية من جهة، وغياب رؤية ودور من جهة أخرى. والنتيجة هي أن المرأة المصرية واقعة في مأزق لا تحسد عليه، وخاصة في ضوء استعداد «أوركسترا» الإعلام وصفوف المشتاقين والتواقين لدور يلعبونه للبدء في العزف، سواء كانت معزوفة تبجيل أو أنشودة تنديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.